لن أتحدث عن صحبتك مع حبيبك محمد صلى الله عليه وسلم... ولكن سأتحدث عن ما قمت به من إدارة أزمة وأي أزمة إنها مغادرة نبي ووحي وسط أناس لم تستقر دولتهم ولم يبتعدوا كثيرا عن جاهليتهم وعصبيتهم القبلية فلو دُرست هذه الأزمة بأبعادها وتشعباتها التي لا يتسع المجال لإحصائها لتوقفت العقول عن إدارتها ولحارت النفوس وارتبكت كما ارتبك الفاروق رضي الله عنه حينما رفض فكرة وفاة رسوله ونبيه والصاحب والحبيب ومبلغ الوحي حتى سمع كلام الملهم والحكيم والقائد والشيخ المتواضع .... من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت.... وعندما قبل المبايعة ليس حبا فيها فسيرته رضي الله عنه في قريش تدل على انه ليس ممن يبحث عنها بل هي التي بحثت عنه.... وليس بعد تشريف رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم له بأن يؤم الناس نيابة عنه بمنصب يضاهيه .... إن ما قام به أبو بكر رضي الله عنه من تثبيت الحكم الإسلامي والشريعة في المدينة وإعادة المجتمع المدني لطبيعته قبل وفاة الرسول وخلال أيام هو بحق مفخرة لكل من درس وأحاط بالتغيير والتحول وتبعاته ومقاومته.... بل إن استعادة التوازن للدول بعد الأزمة هو التحدي الخطير في بقاء الشعوب وانتمائها الوطني وهناك أمثلة كثيرة ومعاصرة لهذا التحدي ... إن الخليفة أبو بكر رضي الله عنه وبتوفيق من الله.... وشرعية كونية ثابتة... وهي الثقة الكاملة والخالصة بقدرة الله ونصره والعدل مع الذات والآخرين والصبر استطاع نقل دولة كادت أن ترتبك في أيام داخل مجتمعها الصغير... وكادت تنهار بتربص المرتدين وخلال مدة قصيرة أقل من ثلاث سنوات إلى دولة بدأت تنتصر و تقتحم أراضي أقوى حضارتين في العالم الروم والفرس وتنير لهم طريق الحق والعدل والخير.... لقد أرسل أبوبكر في وقت تشتد فيه الأزمة جيش أسامة وكان قرارا حكيما فهو ثبت مبدأ السمع والطاعة لقائده السابق محمد صلى الله عليه وسلم واليوم نشاهد أن من يأتي لحكم أو منصب أول مهمة له هي طمس تاريخ من سبقه .... فهي درس للمسلمين بأن السمع والطاعة للرسول حيا أو ميتا هو منهج ... وهناك الكثير من القرائن على حكمة القرار فبخروج الجيش وتوجهه أخاف الكثير من القبائل فالمدينة لم تنتهي بموت الرسول وهاهم يحاربون ويرسلون الجيوش .... والقوة في الحق لدى أبوبكر أذهلت الصحابة فبعضهم حاول التمييز بين المرتدين عن الإسلام ومانعي الزكاة.... ولكن قولته الشهيرة بأن يحارب من منع عقال كان يؤديه لرسول الله... وهذه القوة والحزم كانت سببا في إنهاء تمرد القبائل والمرتدين في وقت قصير جدا وبأقل الخسائر ولم يصاحبها حروب استنزاف فلو قبل أبوبكر تأجيل الحرب عن بعض القبائل المانعة للزكاة لطالت الحروب وبدأت القبائل تنتقل من تنازل إلى تنازل وعام تقبل وعام ترفض... ولكن الصديق كان حازما الأدنى ... فما أعظم الحزم بالحق... وأي إيمان بالمبدأ والإصرار عليه... في وقت المدينة تُشدد عليها الحراسة من خطر المتربصين... إنها مدرسة الصديق وكم نحن بحاجة لها في كل وقت ولو تحدثت عن الصديق خليفة رسول الله لطال الحديث وما أوفيت حبيبنا وسيدنا أبو بكر رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين أبوبكرعبدالله بن أبي قحافة عثمان بن كعب القرشي شخصية تاريخية عالمية يجب أن تعطى حقها وتعاد صياغة تاريخها وسيرتها لتكون نموذجا للحاكم والفرد الذي ينشد التغيير وفي زمن قصير فكل هذه الإنجازات في سنتين وثلاثة أشهر وعشرة أيام.... ما أعظمك يا خليفة رسول الله كنت مثالا للصدق والأمانة والصحبة والقوة في الحق سلطان بن فيصل السيحاني [email protected]