منذ أن عرفت الأخ الأستاذ محمد بن عبدالرحمن القشعمي وأنا أغبطه؛ على ما متعه الله به، من خفة الحركة وسرعة المبادرة وحسن المعاشرة، ومبادرته بالتقاط المعلومة عن الأحداث الهامة والشخصيات المؤثرة في الحياه الاجتماعية والثقافية، علاوة على دماثة في الخلق وتواضع جم يحسد عليها. كانت بداية تعرفي به في تكريم الرواد، الذي عقد في مركز الأمير سلمان الاجتماعي، فدعاني إلى منزله وأغراني بالقبول، بأن شريكي في هذه الدعوة هو أستاذي الشيخ عبدالكريم الجهيمان -يرحمه الله-، فاستجبت للدعوة، ومنذ ذلك الوقت وأنا أتسقط أخباره، وأبحث عن المحطات المهمة في حياته، فكان أولها الالتحاق بالوظيفة في وزارة العمل (مدير لمكتب رعاية الشباب في الأحساء) وأهل الاحساء لا ينسون تلك الفترة التي أراد بها القشعمي أن يكون المكتب إدارة فاعلة؛ لاستقطاب الشباب وأنشطتهم التي كانت شهادة للقشعمي بالمبادرة وحسن الرعاية، وبعد ذلك عين رئيساً للقسم الأدبي بالشؤون الثقافية بالرئاسة العامة للشباب بالرياض، ثم تقاعد مبكراً، والتحق بالعمل في مكتبة الملك فهد الوطنية مسؤولاً عن الشؤون الثقافية فيها، حيث تبنى مشروع (التاريخ الشفهي) لالتقاط المعلومات من كبار الأدباء ورجال العلم والتعليم والسياسة والاقتصاد وتسجيلها. قبل حوالي 15 عاماً، هاتفني (ابو يعرب) وطلب مني لقاءه في البحرين، فكدت أعتذر، إلا أنه بادر بالقول إن معه الشيخ عبدالكريم الجهيمان والأستاذ عبدالرحمن المنصور، ودلني على العنوان فذهبت في يوم غزير المطر، وحظيت بلقاء الأساتذة، وسلمت عليهم، وحاولت استضافتهم في منزلي بالخبر فاعتذروا.. ومع أن رحلة محمد بن عبدالرزاق القشعمي مع الأدب والكتابة لم تتجاوز ال15 عاما، فقد أثرى المكتبة العربية بمؤلفات لامست الثلاثين، كما أشرف على إصدار العشرات من الكتب وقدم لها، وكتب مقالات ودراسات في الصحف والمجلات تناولت موضوعات أدبية وثقافية وسيرا لشخصيات ورصدا للتحولات في بلاده، وتاريخ الصحافة، فيما يمكن تسميته بالرصد البيبليوغرافي الموثق. ذلك هو الأستاذ محمد القشعمي (أبو يعرب) الذي أحببت لقاءه فلما لقيته وعرفت عنه تلك المعلومات المضيئة ازددت إعجاباً وإكباراً لذلك الجهاد الذي خاضه ذلك الإنسان؛ من أجل الإفصاح عن أولويات الأمور الهامة، التي حدثت في مجتمعه، حيث حاول أن يلم بها من جميع أطرافها؛ ليقدم للقارئ – أي قارئ – ما يرغب معرفته عن بعض الشخصيات. عبدالكريم الجهيمان، عبدالرحمن المنصور، سليمان الدخيل، وعبدالله الوهيبي، وطه حسن، بالإضافة الى أولويات الانفتاح الثقافي البدايات الصحفية وبدايات الطباعة. إن في كتب القشعمي رصد تاريخي، يصلح أن يكون مرجعاً لمن أراد البحث في الشأن الثقافي في المملكة العربية السعودية، في القرن الثالث عشر والرابع عشر الهجري؛ لأن الأستاذ محمد يتفانى في الحصول على المعلومة مهما كانت.. كل هذه العوامل التي أشرت إليها زادت من شوقي إلى لقائه، وكلما لقيته ازددت به إعجاباً، ومع الأسف أنه زار المنطقة الشرقية فلم ألقه؛ لأنني كنت ملازما للسرير الأبيض آنذاك. والأستاذ القشعمي مع جده واجتهاده ومحاولة ملاحقة الحدث، يخطئ أحيانا في بعض الأساسيات حيث قال عني: تخرج من مدرسة الهفوف الابتدائية عام 1377ه، والصحيح أنني تخرجت من المدرسة الابتدائية عام 1369ه، ثم عملت بالتدريس لمدة سنتين والتحقت بالمعهد العلمي عام 1372ه، ثم رشحني رئيس المجلس البلدي بالدمام الشيخ مبارك الخاطر سكرتيراً للمجلس البلدي لمدة ستة أشهر، ثم استقلت وأصدرت مجلة الخليج العربي، ثم أوقفتها بعد صدور ستة أعداد؛ لقلة ذات اليد، وذهبت إلى الدمام وفي أثناء مراجعتي لإدارة مرور المنطقة التقيت الأديب الشاعر محمد احمد فقي -يرحمه الله- فسألني عن المجلة فلما أخبرته قال: إنه مستعد للتمويل على أن يتولى رئاسة التحرير، فلم أمانع، واستمر العمل سنتين حتى طلب منه ان يستمر في وظيفته العسكرية أو ان يترك الصحافة ففضل العودة الى الوظيفة وغادر الجريدة واحترت حيث أصبحت وحدي مسؤولاً، وعدت الى الاحساء في نهاية الأسبوع، وفي إحدى الأمسيات المسائية هبط علينا بوخمسين فسألته عن سبب هبوطه وأخبرته بما أعانية وأنني محتاج الى سكرتير للتحرير وعرضت عليه العمل معي، وليس كما ذكر أستاذنا أنني اتفقت معه ومع الأستاذ محمد فقي وقررنا اصدار الجريدة، وهذه معلومة غير دقيقة؛ لأن الأستاذ محمد الفقي لم يلتق الأستاذ بوخمسين، النهاية من أصدر الجريدة أربع سنوات فهو أنا، أما الأستاذ بوخمسين فلم تتح له الفرصة لإصدار الجريدة تحت اسمه أكثر من ثلاثة أشهر، ثم أوقفت بموجب نظام المؤسسات. * المدير العام لوكالة هجر للإعلام