أثار استمرار انخفاض أسعار النفط بالأسواق العالمية هذا الأسبوع، موجة من الشكوك حول الاستقرار المالي في فنزويلا التي تعتمد على النفط كأهم مصدر للدخل القومي. على الصعيد العالمي، نجد أن الدول المصدرة للنفط من روسيا وحتى إيران، تعاني من انخفاض أسعار النفط الخام إلى أسوأ مستوياتها منذ يونيو عام 2012، ولكن هذه المعاناة تعد ضعيفة جداً عند المقارنة بالمخاطر على فنزويلا التي دخل اقتصادها بالفعل في حالة من الركود إثر تسارع معدلات الإنفاق العام. ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال»، قال مسؤولون بفنزويلا في الأسبوع الماضي: إن سعر برميل النفط الفنزويلي، الذي يعد أعلى سعرًا من نظيره بالشرق الأوسط، قد انخفض بحوالي 10 دولارات تقريبًا على مدار أكثر من شهر إلى 82.72 دولار للبرميل. وأثار انخفاض أسعار النفط الأسبوع الماضي مخاوف لدى المستثمرين حيال تعثر محتمل للحكومة الفنزويلية في سداد ديونها الخارجية السيادية البالغة 35.4 مليار دولار، وفقاً لبيانات حكومية، بالإضافة إلى ديون بحوالي 32 مليار دولار على شركة «بيتروليوس دي فنزويلا» النفطية المملوكة للدولة. وفي هذا السياق، أضاف الارتفاع القياسي للعائد على السندات الفنزويلية بأكثر من 18% يوم الخميس الماضي، مزيدًا من الضغوط على الحكومة، حيث تشير التوقعات إلى أنها سوف تتعثر في السداد والوفاء بالتزاماتها من احتياجات التمويل. وفي ظل المزيد من الهبوط في أسعار النفط، تجد الحكومة الفنزويلية نفسها بين مطرقة خفض الإنفاق العام في ظل ركود اقتصادي أو فرض قيود على الواردات مما يؤثر على احتياجات البلاد التي تعتمد بنسبة 75% على واردات السلع والخدمات. وفي سياق متصل، انخفضت احتياطيات النقد الأجنبي بفنزويلا دون 20 مليار دولار في وقت سابق هذا الشهر، وهو ما يعد منخفضاً عند المقارنة باقتصاديات دول أخرى بقارة أمريكا الجنوبية وقوى عالمية في أسواق النفط. ووفقاً لكبيرة الخبراء الاقتصاديين بشركة الأبحاث الفنزويلية "Síntesis Financiera" «تمارا هيريرا»، فإن هذه الأزمة يمكن أن تجبر الحكومة على اتخاذ خطوات صعبة لتوفير تمويل للحكومة مثل تحرير أسعار البنزين أو خفض قيمة العملة الفنزويلية «بوليفار». وأشار التقرير إلى أن هذه الخيارات محفوفة بالمخاطر نظرًا لأن خفض قيمة العملة، على سبيل المثال، سوف يزيد سعر الواردات ويرفع معدلات التضخم إلى أعلى مستوى عالمي، كما أن تحرير سعر البنزين سوف يكون غير مفضل في وقت تنخفض فيه شعبية الرئيس الفنزويلي إلى أدنى مستوياتها. يذكر أن فنزويلا تعتمد بنسبة 96% من عائد حكومتها على صادرات النفط، حيث حققت أكثر من 100 مليار دولار في العام من مبيعاتها النفطية على مدار العشر سنوات الماضية، مما ساعد حكومة الرئيس الراحل «هوجو تشافيز» على تدعيم ثوابته الاشتراكية بالبلاد من خلال إنفاق ضخم على الإسكان والغذاء ودعم قطاعات أخرى بالدولة، ولكن رغم ارتفاع أسعار النفط حينها، فإن الدولة استهلكت احتياطياتها من الدولار.