رحم الله أمير الشعراء أحمد شوقي حين قال: وطني لو شغلت بالخلد عنه .. نازعتني إليه في الخلد نفسي. فحب الوطن من الإيمان هذه هي التربية الإسلامية السليمة التي جبلنا عليها. فليس غريباً أن يحب الإنسان وطنه الذي نشأ على أرضه وترعرع بين جنباته وأكل من خيره واكتسى بترابه وتدفأ بسمائه، ليس غريباً أن يشعر الإنسان بالحنين إليه عندما يغادره لأي سبب كان.. وإنما الغريب أن لا يشعر بالانتماء إليه أو الحنين له ويسعى إلى الإساءة إليه وإفساده والعبث به وبيعه لضعفاء النفوس لأجل حفنة من ملذات الدنيا. إن أغلى ما يملك الإنسان دينه ووطنه لأنه مهد خطاه ومقر صباه وملجأ كهولته ومنبع ذكرياته وموطن آبائه وأجداده وأبنائه وأحفاده وبالتالي يضحي بالغالي والنفيس لأجله وللمحافظة عليه. يتحمل البرد القارس ويعيش بالأقطاب، والحر الشديد ويعيش بالمناطق الاستوائية والمدارية، ويتحمل المخاطر ويعيش في الأدغال والغابات، يتذوق ألوان العذاب ولا يغادره والأمثلة كثيرة على الساحة العربية وأقربها سوريا وفلسطين ... الخ، وعندما يُسأل يقول وطني كيف أتركه؟؟ "قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ لمكَّةَ ما أطيبَكِ من بلدٍ وأحبَّكِ إليَّ، ولولا أنَّ قومي أخرجوني منكِ ما سَكَنتُ غيرَكِ" روي أنه قالها عندما أُخرج من مكة وفي طريقه للمدينة وعند الجحفة وقلبه يتعلق بمكة وبصره على بلده الذي يحبه ويعز عليه فراقه فانزل سبحانه وتعالى «إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ». فحب الوطن شيء عظيم وعزائي لمن فقد وطنه ففي الوطن نعمة الأمن والأمان والعزة والإكرام، فالوطن كلمة تطرب لها الآذان وتتحرك لها المشاعر ويحن لها القلب وتهواها الأفئدة. إن الإنسان إذا سكن منزلاً وقعت عليه حقوق وواجبات منها حق الجار تضاف إلى قائمة الحقوق الأخرى كحق الأخوة والأهل والزوجة والأبناء وهي حقوق لابد من مراعاتها في كل زمان ومكان فكيف بحق الوطن ؟ لفظة يهتز الكيان البشري من عظمتها ، قال تعالى «هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا» آية جليلة تحقق بعض الاستخلاف في الأرض فمن الأولى المحافظة على تلك الأرض والزود عنها بكل ما نملك من قوة بالقول والعمل ضد الارهابيين والغاشمين والساعين في الأرض فسادا.. فكيف يكون ذلك؟ وما هو دورنا وواجبنا تجاه وطننا ؟؟ الحب الصادق للأرض التي نعيش عليها ونأكل من خيرها ونحتمي تحت سمائها من أولى واجباتنا، يليها تربية أبنائنا منذ نعومة أظافرهم على استشعار حب الوطن والمحافظة عليه والزود عنه متى تطلب الأمر منا بالتصدي لكل من تسول له نفسه بالعبث فيه أو الإخلال بأمنه وسلامته، إضافة إلى مد جسور المحبة والمودة والرحمة والتآخي والتآزر بين أبناء الوطن الواحد لا تفرقهم الكلمة ولا تبعدهم الحاجة. وفي الختام نسأل الله العلي العظيم أن يحفظنا في أوطاننا سالمين ويقر أعيننا ويوفقنا لخدمته.