الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    مملكتنا نحو بيئة أكثر استدامة    نائب أمير الشرقية يكرم الفائزين من القطاع الصحي الخاص بجائزة أميز    انطلاق النسخة الثانية من المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير    ضاحية بيروت.. دمار شامل    من أجل خير البشرية    وفد من مقاطعة شينجيانغ الصينية للتواصل الثقافي يزور «الرياض»    خسارة الهلال وانتعاش الدوري    نيوم يختبر قدراته أمام الباطن.. والعدالة يلاقي الجندل    الأهلي والنصر يواصلان التألق آسيوياً    النصر يتغلب على الغرافة بثلاثية في نخبة آسيا    قمة مرتقبة تجمع الأهلي والهلال .. في الجولة السادسة من ممتاز الطائرة    وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الرباعي بشأن السودان    ألوان الطيف    «بنان».. جسر بين الماضي والمستقبل    حكايات تُروى لإرث يبقى    جائزة القلم الذهبي تحقق رقماً قياسياً عالمياً بمشاركات من 49 دولة    نقاط شائكة تعصف بهدنة إسرائيل وحزب الله    سعود بن مشعل يشهد حفل «المساحة الجيولوجية» بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها    وزير الاستثمار: 1,238 مستثمراً دولياً يحصلون على الإقامة المميزة    تطوير الموظفين.. دور من ؟    قصر بعظام الإبل في حوراء أملج    الأمير محمد بن سلمان يعزّي ولي عهد الكويت في وفاة الشيخ محمد عبدالعزيز الصباح    قطار الرياض.. صياغة الإنسان وإعادة إنتاج المكان    في خامس جولات دوري أبطال أوروبا.. قمة تجمع البايرن وباريس.. ومانشستر سيتي لاستعادة الثقة    الهلال يتوعد السد في قمة الزعماء    رئيس هيئة الغذاء يشارك في أعمال الدورة 47 لهيئة الدستور الغذائي (CODEX) في جنيف    السجن والغرامة ل 6 مواطنين ارتكبوا جريمة احتيالٍ مالي    كلنا يا سيادة الرئيس!    القتال على عدة جبهات    معارك أم درمان تفضح صراع الجنرالات    الدكتور ضاري    التظاهر بإمتلاك العادات    مجرد تجارب.. شخصية..!!    كن مرناً تكسب أكثر    311 طالباً وطالبة من تعليم جازان يؤدون اختبار مسابقة «موهوب 2»    نوافذ للحياة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    الرئيس العام ل"هيئة الأمر بالمعروف" يستقبل المستشار برئاسة أمن الدولة    صورة العام 2024!    ما قلته وما لم أقله لضيفنا    5 حقائق من الضروري أن يعرفها الجميع عن التدخين    «مانشينيل».. أخطر شجرة في العالم    التوصل لعلاج فيروسي للسرطان    محافظ صبيا يرأس اجتماع المجلس المحلي في دورته الثانية للعام ١٤٤٦ه    وزير الخارجية يطالب المجتمع الدولي بالتحرك لوقف النار في غزة ولبنان    استعراض السيرة النبوية أمام ضيوف الملك    أمير الشرقية يستقبل منتسبي «إبصر» ورئيس «ترميم»    الوداد لرعاية الأيتام توقع مذكرة تعاون مع الهيئة العامة للإحصاء    الرخصة المهنية ومعلم خمسيني بين الاجلال والإقلال    الباحة تسجّل أعلى كمية أمطار ب 82.2 ملم    أمير الرياض ونائبه يؤديان صلاة الميت على الأمير ناصر بن سعود بن ناصر وسارة آل الشيخ    أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل الكوري    البريد السعودي يصدر طابعاً بريدياً بمناسبة اليوم العالمي للطفل    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    الأهل والأقارب أولاً    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مخلفات النخيل توجه إلى الصناعات التحويلية التقليدية والحديثة
جذب النخيل يقضي على الكآبة ويطفئ العطش ويبرد على الأمعاء
نشر في اليوم يوم 06 - 09 - 2014

رانيا عبدالله- الأحساء
اعتمدت نساء الأحساء قديمًا على النخلة في صنع الكثير من المنتجات التي تستخدم في الحياة اليومية وتعينهن في شؤون حياتهن، كما كانت لهن كالدخل الأسري الذي يساعدن به الرجل لقضاء متطلباتهم المعيشية. وتعددت المهن والحرف التي تعتمد على النخلة باستخدام سعفها أو جذعها أو نواتها أو ثمرها، فالنخلة بكافة أجزائها كانت وما زالت مصدرًا غنيًا بالفائدة. الخواصة مهنة توارثتها الأجيال وأصبحت تراثًا للجيل الحالي كانت الخواصة وهي مهنة سف الخوص «سعف النخل» من أبرز المهن قديمًا والتي كان يمتهنها الذكور والإناث، فمن هذه المهنة يمكن صنع مختلف الأشياء كالحصر التي يجلس عليها والسلال المختلفة الأحجام والأطباق والمراوح اليدوية والقبعات ومختلف المشغولات التي يدخل فيها السعف وجميعها يدوية الصنع وتعتمد في صناعتها على السعف.
كان ل«اليوم» لقاء مع أم هاني إحدى الحرفيات ذات الستين عامًا وهي تشكل بأناملها التي أصابها الجفاف والتشققات من عملها في الخوص نسيجًا متناغمًا من سعف النخيل الذي لونته مسبقًا وفي بدايتها لعمل الحصير لتروي لنا بداياتها مع هذا الفن التراثي القديم.
بدأت في سن الرابعة من عمرها مع والدتها التي كانت تعلمها طريقة عمل الخوص من السعف وكيف يمكنها تشكيل هذه السعفات لينتج منه ما يفيدهن في المنزل أو تكسب ببيعه لقمة عيشها حيث تقوم بتحضير السعف بعد قصه من النخلة ويجفف لمدة أسبوع في الصيف، ويمتد إلى أسبوعين في الشتاء، ومن ثم يغلى بالماء لمدة نصف ساعة مع «القرمز» وهو مادة تستخدم لتلوين السعف، فمنه الأحمر والأخضر والبنفسجي، ومن ثم يترك ليجف يومين ليبدأ بعدها تشكيله حسب احتياجهم.
وأضافت أم هاني للخوص عدة استخدامات فمنها المنسف والقلة، والسفرة، والقفة، وقرطلة، والقبعات التي تقيهم من الشمس، إضافة إلى الحصير ولكل هذه الاستخدامات طريقة معينة من السف تسمى العين، حيث يحتاج الحصير مثلًا إلى 12 عينًا من السعف ليتم إنجازه، كما يتطلب إنجازه ثلاثة أيام حسب اجتهادها بالعمل. وتستطرد أم هاني بحديثها وهي منشغلة بسف السعف واستكمال الحصير إن العمل بالخوص مهنتهم في القديم، فالمرأة قديمًا تشارك في العمل ومساعدة أبيها في العمل ليستطيعوا توفير متطالبات الحياة، وتستمر بهذا العمل حتى بعد زواجها لتكمل رسالتها مع زوجها وأبنائها، وما زالت بهذه العمل والذي علمته لبناتها وستعلمه لأحفادها.
حفظ التمور
أم حبيب حرفية تقول: أقوم بسف المحصن المصنوع من الخوص وهو ما يحفظ فيه التمر في السابق بعد صرمه وغسله، حيث يقومون بكبس التمر في داخله، ويترك لمدة ثلاثة أسابيع بعدها يقومون بأكل التمر، مضيفة إن هذه الطريقة كانت تحفظ التمر من الجفاف، ويظل طوال السنة بأحسن حالاته، فيما أشارت إلى أن هناك طريقة أخرى لحفظ التمور، حيث يغسل ويصفى ويوضع في «زبلان»، وهي سلال كبيرة مصنوعة من السعف حتى ينشف منه الماء، وبعدها يتم وضعه في الأكياس ووضع كمية من الحجارة لكبسه ومن ثم يؤكل بعد شهر من كبسه.
فوائد النخلة
لم تتوقف منتجات النخل على السعف والتمر، بل تعدت ذلك إلى داخل لبها، حيث يتم استخراج الجذب وهو لب النخلة والذي له طعم مميز، ويلاقي إقبالًا على شرائه مع بداية موسم موجات الشتاء، حيث يباع نادرًا وفي أماكن معينة، وهناك من يقوم بتوصية بعض الفلاحين، ويكثر خلال هذه الأيام تزامنا مع إعادة بناء النخلة بعد موسم الصرام وتخلص المزارعين من بعض النخيل. وتتفاوت أسعار الجذب بحسب الحكم والكمية، حيث تتراوح ما بين 150 إلى 300 ريال. وأوضح المزارع محمد الحسين أن التجذيب يكون في النخيل الزائدة عن حاجة الفلاح ،وخاصة في الأوقات الحالية مع إعادة تنسيق المزارع بعد موسم التمور وإعادة بناء النخلة من جديد. كما يتم تجذيب النخلة بسبب تقدمها في العمر أو لقلة الإنتاج فيها أو في النخيل المصابة بالآفات الزراعية أو التي تسقط بفعل العوامل الطبيعية. كما أن الكثير يسعى بالطبع لإعادة غرس النخيل من جديد في أماكنها المحددة وظروفها الملائمة ولا يلجأ أبدًا لتجذيبها إلا إذا كان مضطرًا فقط.
وقال الفلاح علي المطر: إن جذب النخل يكون لذيذًا كونه طريًا ونديًا معتمدًا في ذلك على عمر النخلة كبيرة كانت أو صغيرة، ثم نوعها ومكان تواجدها وشدة تأثرها بمحيطها والأجواء التي هي فيها ومصدر الماء الذي يسقيها، ومنقوع الجذب أو عصارته مفيد جدًا للجسم، وتشتد حلاوة الجذب وطراوته في الأجواء الباردة الشتوية حيث نرى الكثير يسعى للحصول عليه والاستمتاع بأكله والتلذذ بطعمه. وأشار أخصائي التغذية مروان الخالدي مادة الجذب معروفة بأنها غنية جدًا في تركيبها وعناصرها المعدنية منها والحيوية من الفيتامينات والبروتينات والأملاح بأنواعها والسكريات الصحية الملائمة لجسم الإنسان، كما أن تناول الجذب يقوي الجسم ويجدد نشاطه وحيويته، كما أنه يقوي الأسنان واللثة والبصر، ويعالج بعض أمراض البطن والسمنة، كما أنه طارد للكآبة ويروي الجسم ويطفئ العطش ويبرد على الأمعاء وغير ذلك. ويستخدم جذب النخيل في العديد من طرق تناوله فبعضهم يستخدمه مع السلطات، ويمكن أيضًا إضافته إلى الشوربة والخضار وأنواع الرز المختلفة. كما يقوم البعض بخلطه مع الفواكه كعصير، كما يمكن شواؤه أو أكله طريًا.
منتجات تحويلية
برزت المنتجات التحويلية للتمور والمستخلصة منه وسعت الكثير من الجهات والمصانع إلى إظهار منتجاتها، وكان أشهر هذه المنتجات خل التمر والذي اعتلى منصة هذه المنتجات وأثبت تفوقها ونجاحها بدليل الطلب والإقبال غير المتوقع عليه.
وتسابقت السيدات في اقتناء خل التمر واستخدامه استخدامات متعددة في المنزل، حيث أشارت إحدى ربات البيوت «أم صالح» أنها لم تتوقع أن لخل التمر هذه النكهة الغريبة والمميزة، حيث استخدمته في إعداد السلطات بمختلف أنواعها ولاقت إعجاب أفراد عائلتها به. وأشارت حمدة البطي بائعة في أحد المصانع لفوائد خل التمر المتعددة نجد السيدات يقبلن على شرائه، ويتبادلن الحديث حول استخدامه وفوائده، حيث إنه مفيد في تخفيف الوزن وتقوية المفاصل، كما يستخدم في إعداد السلطات وتتبيل المشاوي، وكان أغرب استخدامات الخل والتي كانت من واقع تجربة شخصية أنه يساعد على تنظيف الأفران من بقايا الدهون المتراكمة وصعبة التنظيف، حيث يترك لمدة دقائق على السطح المراد تنظيفه ويمسح بعدها دون أثر للدهون أو غيرها وبهذا فهو يساعد السيدات اللاتي يعانين مشاكل مع المنظفات الكيميائية ويحافظ على البيئة من التلوث من أبخرتها.
حليب البسر
فيما أكد مستشار المركز الوطني لأبحاث النخيل المهندس عدنان بن عبدالله العفالق أن المركز الآن في طور إعداد منتجات جديدة من التمر من أبرزها «حليب البسر» والعصائر المحلاة بالدبس، وكلها ستكون بنسب معينة وأثبتت تميز طعمها، حيث ستشارك بالمعارض التي ستقام في الرياض للمنتجات التحويلية وغيرها من المعارض.
وأضاف العفالق فيما يخص خل التمر إن هناك مصانع رائدة لصناعة خل التمر، منها شركة الأحساء للصناعات التحويلية ويعتبر الخل مفيدًا جدًا وفاخرًا جدًا، وأثبت ذلك من خلال الإقبال عليه من قبل الناس في مهرجان «ويا التمر أحلى» الذي نظمته أمانة الأحساء للعام الماضي لما تميز به من نكهة خاصة إضافة إلى إنه من المعروف أن التمور لها مقاومة للسرطان وهذا ما يعزز هذا المنتج.
مضيفًا كذلك الكتشب لاقى إقبالًا من قبل ربات البيوت للتعرف على مذاقه والأطباق التي يدخل بها والذي تميز بقيمته الغذائية الصحية العالية، فبدلًا أن يكون محتواه فقط طماطم أصبح يحوي دبس التمر، وبالتالي رفع قيمة الكتشب الغذائية، أما من الناحية الاقتصادية فأنه بسبب كثرة التمور لدينا لا بد من استثمارها والاستفادة منها بأكبر شكل ممكن، فلا بد ألا نترك شيئًا إلا يدخل في صناعته التمور، إضافة إنه هناك تعاملات مع المركز والمراكز الأخرى لتطوير صناعات التمور التحويلية.
حلويات قديمة وحديثة تنوعت الحلويات والمأكولات المصنوعة من التمور والتي تلاقي إقبالًا كبيرًا من جميع الأعمار ولها محبيها سواءً كانت مأكولات شعبية أو مأكولات حديثة وإن كثر استخدامه في صنع الحلويات فتجد من الحلويات الشعبية الممروس والعصيد، أما من الحديث فنلاقي المعمول وكيك التمر والدونات والبودينغ والكوكيز وشيز الكيك، كما أن هناك الكثير من الأصناف الجديدة والتي أصبحت مبتكرة ويستعاض في صنعها التمر بدلًا من بعض المكونات الأخرى،
وكان لمعمول التمر نكهة خاصة حيث تنوعت أصنافه وأنواعه فتجده مغلفًا بالشكولاتة البيضاء والسوداء، ومنها ما يصنع بالدقيق البر، ومنه ما يكون بالدبس والمكسرات والتي يرغبها الأطفال لطعمها اللذيذ وترغب بها الأمهات كغذاء متكامل لأطفالهم خاصة الصباح وحين ذهابهم للمدارس.
أما الأكلات الشعبية فيدخل التمر في صنع أرز الدبس وهو مرغوب كثيرًا لدى الرجال إضافة إلى صنع الخبز الأحمر الأحسائي وخبز المسح والتي يكون من مكونات العجينة فيه نقيع التمر والدقيق.
فتقول الخبازة أم عبدالله إنها تلاقي إقبالًا كبيرًا على خبز المسح وخبز الأحمر، وهناك فرق بين الاثنين فخبز المسح تكون العجينة رقيقة وذلك بمسحها على صاج معينة، ومن ثم طيها بشكل لفافات أو عملها أقراصًا مطوية، وتدخل عليها النكهات المختلفة، فمنهم من يرغب إضافة الجبنة، ومنهم البيض والعسل، ومنهم من يرغب الشكولاته، ومنهم من يرغبها سادة.
كما تضيف إن المسح يدخل في صناعة الثريد وهي من الأكلات الشعبية المميزة بالمنطقة، حيث يعتبر الخبز لذيذًا وصحيًا وسهل الهضم ويحبه الصغار والكبار ويمكن للأمهات استخدامه بدل رقائق الكورن فليكس وإضافة الحليب عليه كفطور صباحي.
وتشير إلى أنها ابتكرت صنع ساندويشات الشورما والتونا وذلك باستخدام المسح كتجربة جديدة ولاقت أيضًا إقبالًا من الناس كونها رقيقة ولذيذة.
أما عن خبز الأحمر فيقول أبو محمد: إنه يختلف عن خبز المسح كون العجينة أغلظ من المسح ويتم خبزها داخل التنور، ولخبز الأحمر طلب ورواج من داخل المنطقة وخارجها، حيث تأتي الطلبات بشكل كبير خاصة في رمضان، ويمكن إضافة الجبنة عليه أو أن يكون سادة.
مخلفات النخلة
كما كان لمخلفات النخلة أهمية كبرى منذ القديم، حيث يتم الاستفادة من جذوع النخيل في أعمال البناء والنجارة وفي أغراض شتى، كما يستعمل السعف في تسقيف المنازل وعمل العريش وهو مكان يجلس فيه بعيدا عن الشمس، كما تستخدم في صنع السلال، كما يستخدم في صناعة الكراسي والأقفاص والأسرة والألعاب وعربات الأطفال التراثية ويستعمل الليف البني في صناعة الحبال والمكانس اليدوية ومهفات الذباب وفي صناعة الحصر وحشوات للمقاعد والوسائد.
أحد الحرفيين يعمل بصنع السلال
نجار يقوم بصنع العربة للأطفال
إحدى الخوصيات تتحدث للزميلة رانيا عبدالله
أحد الزبائن يقوم بشراء الدبس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.