لعبت المملكة وما زالت تلعب دورا فاعلا ومؤثرا في مسيرة مجلس التعاون الخليجي منذ انشائه، وهو دور يسعى الى بلورة مشروع الاتحاد وتحويله الى واقع مشهود على الأرض بعد أن أضحى التعاون الخليجي الايجابي ماثلا للعيان من خلال ارادة سياسية خليجية ذات منطلقات واتجاهات واحدة لا تزال آثارها ممتدة في سلسلة اللقاءات التشاورية بين زعماء دول المنطقة، ولا شك أن التحديات التي ظهرت على السطح لا سيما تلك المتعلقة بظاهرة الارهاب البغيضة تدفع دول المنطقة الى مزيد من التلاحم ودعم العلاقات والبحث عن أنجع السبل وأفضلها لاحتواء تلك الظاهرة والحيلولة دون دخولها الى الأراضي الخليجية التي تنعم بحمد الله وفضله بظلال من الأمن الوارف بفضل السياسات الحكيمة المنتهجة من قبل قيادات دول المنطقة. ولا يختلف اثنان على أن الخلافات الهامشية الطارئة التي قد تطفو على السطح داخل المنظومة الخليجية قابلة للحل بأسرع وقت ممكن، وهذا أمر طبيعى تترجمه قوة العلاقات الأخوية التي تربط الأشقاء في المنطقة، فهم قادرون على تجاوز تلك الخلافات الهامشية والتغلب عليها في سبيل دعم العلاقات الأخوية التاريخية بين دول المنطقة وتطويرها في مختلف المجالات والميادين، وازاء ذلك فان الاجتماعات التي تعقد بين الفينة والفينة على عدة مستويات تصب دائما في روافد البحث عن تقوية وتعزيز وتعميق مسيرة العمل الخليجي المشترك بحثا عن مستقبل أفضل للمواطنين الخليجيين يزخر بمزيد من الرخاء والرفاهية والأمن. وإزاء ذلك فان المملكة وفقا لدورها المتميز داخل المنظومة الخليجية تعمل باستمرار على البحث مع الأشقاء داخل المجلس في مجمل القضايا ذات الاهتمام المشترك التي تؤدي دائما الى توحيد الرؤى حيال مختلف القضايا الساخنة على الساحتين الاقليمية والدولية، ولأهمية ذلك الدور المتميز فإن حسم أي خلاف هامشي قد يظهر على الساحة الخليجية لا يبدو صعبا أو مستحيلا، ولعل الاجتماع السعودي القطري الأخير في الدوحة الذي جمع أمير قطر بسمو وزير الخارجية وسمو رئيس الاستخبارات العامة وسمو وزير الداخلية يؤكد صحة وسلامة الدور السعودي الرائد في حسم أي خلاف بين الأشقاء. والاجتماع يؤكد من جانب آخر على أهمية العلاقة التاريخية المتميزة والهامة بين المملكة وقطر، وهي علاقة قابلة بطبيعة الحال للتطوير والدعم بطريقة سوف يكون لها أثرها البارز في دفع عجلة مسيرة العمل الخليجي المشترك الى الأمام، وهو أمر اتضحت معالمه من خلال ما تناوله الاجتماع السعودي القطري من قضايا مهمة لا تتعلق بدعم تلك المسيرة فحسب، ولكنها تدعم الرؤى المشتركة للبلدين الشقيقين حيال مختلف التطورات على الساحتين الاقليمية والدولية، وهي تطورات لا بد من بحثها بين حين وحين للوصول الى كيفية معالجتها من وجهة نظر خليجية مشتركة. ويبدو واضحا للعيان أن «اتفاق الرياض» سوف يحسم الخلاف الهامشي مع قطر، كما أن الارادة السياسية الخليجية الواحدة سوف تكون حاضرة بكل ثقلها في اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي المرتقب للبحث في مختلف الجوانب التي تتعلق بمسيرة العمل الخليجي المشترك ومتابعة تنفيذ قرارات المجلس الأعلى في قمة الكويت الأخيرة. وقد حرصت المملكة دائما على التنسيق والتشاور مع أشقائها داخل منظومة التعاون الخليجي في سائر القضايا ذات الاهتمام المشترك لدعم المشروع السعودي المتعلق باتحاد دول المنطقة بعد نجاح التجربة التعاونية الخليجية الرائدة.