ما يتضح للعيان أن تحرك المملكة لتسوية الخلاف الهامشي الطارئ بين قطر وثلاث دول أعضاء في مجلس التعاون الخليجي، يوحي بالتوصل الى اتفاق حاسم لإنهائه فقد شهدت عواصم خليجية مؤخراً تحركاً سعودياً وصف في حينه بأنه " دبلوماسية اللحظات الأخيرة " في محاولة جادة لرأب الصدع الخليجي مع دولة قطر، فزيارة سمو وزير الخارجية وسمو رئيس الاستخبارات العامة وسمو وزير الداخلية للدوحة واجتماعهم مع سمو أمير دولة قطر يدل بوضوح على رغبة المملكة الملحة في تسوية ذلك الخلاف الهامشي توثيقاً للعلاقات الأخوية الحميمة ليس بين المملكة وقطر فحسب بل بين كافة دول المنظمة الخليجية، ويهم المملكة البحث دائما عن السبل الكفيلة بدعم وتطوير العلاقات بين دول المجلس وصولا الى ترجمة العمل الخليجي المشترك وتحويله الى واقع مشهود. ومما لاشك فيه أن التحرك السعودي الأخير على مستواه الرفيع يؤكد اعتزاز دول المنطقة بتعميق وتعزيز العلاقات الأخوية بين دول المنظومة الخليجية، وهي علاقات متميزة ضاربة في عمق التاريخ، وما يربط دول المنظومة من علاقات وثيقة هو فوق الخلافات الهامشية الطارئة التي بالامكان تجاوزها وحلها وفقا لمبدأ التعاون المشترك والتنسيق المستمر بين الدول الست خدمة للمصالح الخليجية العليا التي يؤكد زعماء المنطقة في قممهم التشاورية الحرص على الالتزام بها وتنميتها في كافة المجالات، وغني عن القول أن المواقف المشرفة للمملكة تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز "يحفظه الله" تعكس بوضوح تام دعم الروابط الأخوية القائمة بين دول المجلس والحفاظ على ديمومة المصير المشترك بين تلك الدول، والتحرك الأخير يشهد على أهمية الدور الرائد للمملكة في دعم مسيرة مجلس التعاون الخليجي وتطويرها في كافة المجالات والميادين . وهذا الدور السعودي الرائد يصب في روافد مصلحة أبناء دول المجلس ويؤكد أهمية التعاون الخليجي وصولا الى ترجمة أهداف الاتحاد المنشود الذي دعت اليه المملكة، ولم يقتصر التحرك السعودي الأخير على محاولة رأب الصدع بين دول قطر والدول الخليجية الثلاث الأعضاء في المجلس فحسب، ولكن الاهتمام انصب أيضاً على مجمل التطورات والأحداث المتلاحقة والمستجدة التي تشهدها المنطقة العربية والتباحث في السبل الكفيلة باستقرار المنطقة والحفاظ على أمنها وإبعادها عن كافة الأزمات والتوترات، فالتنسيق القائم بين دول مجلس التعاون يكفل التوصل إلى مواقف موحدة تجاه مختلف القضايا العربية العالقة والعمل على تسويتها بأفضل الطرق وأكملها، وقد بحث التحرك السعودي الأخير في إقرار المحضر النهائي لدول المجلس بشأن الخلاف الهامشي مع قطر وكيفية التوصل إلى إنهائه وتسويته. والأزمة الطارئة التي ألقت بظلالها على مجلس التعاون الخليجي إثر الخلاف القطري مع دول المجلس الثلاث أضحت أقرب الى التسوية إثر التحرك السعودي الدبلوماسي المثمر، والتوصل الى مواقف ايجابية في ضوء هذا التحرك أصبح وشيكاً للغاية، فالمبادرة السعودية إنما تمثل بكل جزئياتها وتفاصيلها صورة هامة من صور تعزيز العمل الخليجي المشترك من جانب، وصورة هامة من صور تقريب وجهات النظر لإنهاء الأزمة القائمة بشكل نهائي وحاسم من جانب آخر. والأمل معقود على اتخاذ قرار إيجابي بشأن الخلاف الهامشي مع دولة قطر في ضوء ما تمخض عنه التحرك السعودي الأخير الذي يجيء تتويجاً ل " اتفاق الرياض " ولزيارات قام بها أمير قطر لعدة عواصم خليجية ولما بذلته الكويت من وساطة لإنهاء الأزمة العالقة، فالتحرك السعودي من هذا المنطلق يجيء كمرحلة حاسمة ونهائية للتوصل الى اتفاق ينهي الأزمة من جذورها لا سيما وأن المنطقة تمر بتحديات أمنية لابد معها من توحيد الرؤى الخليجية في محاولة للتصدي لتلك التحديات ولكافة الملفات الشائكة المحيطة بدول المجلس بما يؤدي في نهاية المطاف الى اتخاذ موقف خليجي موحد تجاه تلك الملفات، وعلى رأسها تهديدات التنظيمات الارهابية التي لابد من رفع أسقف التعاون الأمني الخليجي لمواجهة أخطارها . * إعلامي سعودي