ظاهرة عبادة الفرد في مجال الفكر والسياسة عمرها ضارب في القدم.. وهي ظاهرة تقوم على أسس موضوعية في المجتمعات - وبالذات الأقل تطوراً -. وتعتمد في نموّها وتطوّرها على روافد متعددة، متوجّهة نحو الظاهرة لتعزيز فاعليتها ونقلها إلى حيّز الممارسة العملية (اجتماعياً وإعلامياً).. ولعل أهم دعائمها المؤثرة تتركّز بالمناخ الآتي: 1 – الموروثات الشعبية والدينية لبعض المجتمعات (خصوصاً الشرقية القديمة)؛ لأنها في جوهرها تميل إلى تقديس الفرد القيادي.. وتنزعُ احياناً إلى مستوى التأليه الفردي. 2 – عبادة الشخصية تنشأ عبر استخدام وسائل الإعلام والدعاية للمدح والتمجيد بشكل غير حقيقي، مع ممارسات أخرى مثل (استخدام مكنة الأحزاب وأساليب القمع) لخلق صورة مثالية وبطولية عامة للقائد، بواسطة الإكراه ومنهج التزييف. 3 – استغلال البدع والخرافات والأوهام، واستثمار (الكاريزمية) والإنجازات الفردية لترسيخ شخصية القائد الفذ بالذاكرة الشعبية. لكون منهج عبادة الشخصية يختزل مصير وقضايا الناس بشخص واحد.. ولأنه يتعارض مع الحقوق المجتمعية في إدارة شئونهم.. فقد وجّهت لهذا المصطلح انتقادات جدية في المحطات التاريخية المهمة.. كان أبرزها: «انتقاد ماركس للسياسي الألماني البارز (ويلهلم).. وانتقاد نيكيتا خروتشوف لجوزيف ستالين إبان حكمه للاتحاد السوفييتي. ولكون منهج عبادة الشخصية يختزلُ مصير وقضايا الناس بشخص واحد. ولأنه يتعارض مع الحقوق المجتمعية في إدارة شئونهم.. فقد وجّهت لهذا المصطلح انتقادات جدية في المحطات التاريخية المهمة.. كان أبرزها: «انتقاد ماركس للسياسي الألماني البارز (ويلهلم).. وانتقاد نيكيتا خروتشوف لجوزيف ستالين إبان حكمه للاتحاد السوفييتي. لقد ظهرت نماذج عديدة بالتاريخ الإنساني.. مجملها جسّدت عبادة الشخصية لدرجة التقديس، والإيحاء بأنه مصدر الإلهام والمخرج الحقيقي لكل الأزمات والمنقذ في كل الحالات.. وقد تجلى ذلك من خلال مبدأ الحق الإلهي والحكم وفقاً لإرادة الله .. كما ظهر ذلك جلياً في (امبراطورية الصين ومصر القديمة واليابان والتبت وتايلند والإمبراطورية الرومانية). وتكررت بالعصر الحديث بأكثر توسّع وبثقافة ومناحٍ فكرية معاصرة ومبررات حديثة كما في: (الاتحاد السوفييتي والصين بشقيها وكوريا الشمالية وفي أوروبا «لدى هتلر وموسيليني»).. والعديد من الدول العربية، والأرجنتين (أيام خوان بيرون وزوجته) و(تشاوتشيسكو في رومانيا). غير أن الحالة يُفترض أن تختلف مع معطيات القرن 21. وفي عصر العولمة والتعدُّدية وانتشار المصطلحات المعاصرة المؤكدة على حق الفرد بالمشاركة السياسية والفكرية، وتأكيد شرعية حق الاختلاف فيما يُطرح.. لهذا يُفترض أنه وفقاً لهذا المشهد أن تنتفي نهائياً عبادة الفرد والتمجيد الأعمى للقائد الملهم من فضاء الحياة السياسية الراهنة.. ولكن الواقع المغاير ظهر في كوريا الشمالية بشكل صارخ وجلي. فبعد «القائد العظيم كيم إيل سونغ» الذي سُخرَ الفن والنحت والموسيقى كلها لتمجيده.. كما أشار إليه الصحفي (برادلي مارتن) أثناء زيارته لكوريا الشمالية عام 1979م. وبعد «الزعيم المحبوب كيم جونغ إيل» المتوفى الأسبوع الفائت. ورث الحفيد الشاب الجنرال «كيم جونغ أون» ابن 27 عاماً.. الحكم في بلد يبلغ تعداد سكانه 24 مليوناً ويعاني من المشاكل والأزمات المتعددة (أقلها الحصار والمشاكل الغذائية). وتشير المعلومات إلى أن تسنّمه للحكم لم يكن ممهداً بسلاسة، وإنما وصل إلى هذا الموقع وهو الأصغر بين اخوته، بعد صراع معهم لخلافة والدهم المعتل بمرض القلب.. وذلك بفضل دعم القوى المتنفذة والفاعلة بالجيش والحزب الحاكم مما مكّن الخليفة العظيم (كما يطلقون عليه الآن في كوريا الشمالية) من القفز إلى الحكم. طبيعة التحالفات الداخلية بين قيادتي الجيش والحزب، أبقت على هذا المسار الخاطئ. مما قد يُؤدي إلى المزيد من التدهور على مختلف المستويات في حال استمراره. ليغدو المستقبل لهذه البلاد مجهولاً. والآن.. وبعد التبدّلات التي حدثت بالأشخاص، هل الأمور سوف تتغيّر في هذه الجزيرة تحت قيادة هذا الشاب (ابن الثقافة السويسرية).. أم تبقى على نسقها القديم على شاكلة عصر الجد والأب، واخيراً الحفيد العظيم؟!.