خلق الله البشر بهذا التنوع المبدع والمذهل والمخيف أيضاً.. والله فيض من خير، ويوصي البشر، الذين أعطاهم الإرادة وبين لهم الخير والشر والطيب والسيئ، أن يسعوا إلى الخير، نية، وقولاً وعملاً دأباً.. وقليل القليل منا يفعل.. و«يفضل» الكثيرون منا أن يجنحوا إلى الانقياد للنفس الأمارة بالسوء، بما في ذلك المتعة في «دوس» الناس بكل ما يتاح من القوة، لأسباب كثيرة مرضية وتصدعات في الشخصية، ولوث متنوعة. وأشد ما أبغض، هو الحزبية ومشتقاتها: التحزيب والمحازيب.. إلخ. وإذا كانت الحزبية هي تلك الكائنات الخشبية العربية المدجنة المبرمجة على تكرار جمل بعينها، وأسماء أشخاص بعينهم، وشيطنة قوم، وتقديس آخرين، فأشهد أنني أمقت الحزبية، وصانعها ومنظرها ومروجها، ومن يذكرها بخير، مع أن الحزبية هي الآن الآلية الأولى لاكتساب شرعية إدارة الدول في الحضارة الغربية وشيم الاقتراع. ولكنها، أي الحزبية، مقيتة، وتحول مريدوها من بشر محترمين إلى أنواع من «الببغاوات» تصفر في أعالي الأشجار. ولا بد أن سبباً وجيهاً جعل مفردة «التحزيب» تتناغم عروضياً مع مفردة «التحزيم» الرائجة بقوة في عالم «العوالم» العربية الحديثة. ربما لأن كليهما «رقص».. «يا جدع»..! (إذا كانت الحزبية هي تلك الكائنات الخشبية العربية المدجنة المبرمجة على تكرار جمل بعينها، وأسماء أشخاص بعينهم، وشيطنة قوم، وتقديس آخرين، فأشهد أنني أمقت الحزبية، وصانعها ومنظرها ومروجها) فيما «المتحزمة» تنتشي جسدياً وذهنياً تجاوباً مع إيقاعات الطبل، نجد، أيضاً، «متحزبة» كثيرين يرقصون على إيقاعات «الأخ الأكبر» الذي (كما يصور جورج أرويل في «1984») يشرب كأس الطلى ولا يسأل عما يفعل، ومبرأ من السيئات ولا يجوع فيها ولا يعْرَى. والحزبية العربية المقيتة هي التي جعلت العالم العربي مثل اليتيم على مائدة اللئيم، تتلاقفه أقدار مجهولة، جهولة. وصانعو التاريخ يفصلون ونحن نلبس..! ونقطع لهم وهم يلتهمون مما لا يليهم.. ولا يعتذرون، يا فتى.. *القارئ العزيز سالم.. قال إن أسلوبي صعب، وطلب تخفيفه قليلاً.. وأحييه على هذه الملاحظة. ولكن توجد مشكلة هي أن أسلوب الكاتب مثل تقاطيع سحنته، لا يستطيع تغييرها.. لهذا لا أستطيع تغيير «سحنتي الكتابية»، ولو تغيرت لأصبحت لست أنا.. لأن الكاتب هو «الأسلوب» كما يقول الفرنسيون. والأسلوب هو «بصمة» الكاتب كما يقول أديبنا ناصر الجاسم. *وتر خطاك، ومد الصمان.. وفيء طلوح الوادي المهيب.. هوية الثرى.. وخفاف المطي ترسم خطوها في فيض الدهناء.. ونعب ملء اللهفة عبق التنهات وخباري العوشز. [email protected]