بينما كان الشباب العربي يحتل الشوارع، احتجاجاً على الأحوال، ونهوضاً من تحت الرماد، حدث زحف مماثل ولكن في الفضائيات، حيث انهمر المحللون «المهايطون» كالمطر، وأمسكوا بتلابيب الستلايت، وكل يوزع الشتائم من دون حساب. ممثلو الاحتجاجات يشتمون كل الحكومة وما فوقها وما تحتها وكل من انتمى إليها أو فكر بذكر بعض موظفيها بالخير. الموالون يشتمون ويصورون المحتجين بأنهم عملاء وشذاذ آفاق آبقون. ويصور الموالون رئيسهم بأنه ظل الله في الأرض، ولم يخلق مثله في البلاد، وعلى هؤلاء المواطنين أن يشكروا الله أن قيض لهم «فخامة الرئيس» المهيب، وإلا لأحصتهم الأمم «المتآمرة» عدداً وقتلتهم بدداً ولم تغادر منهم أحداً. وقد شهدنا هذه المصاولات في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا. الملاحظ الآن «المهايطة» الحزبية على المكشوف ودون وجل. يستلمون الميكروفونات يتخيلون أن مشاهديهم قطيع من أغنام أو أبقار أو ما شابه. وهم وحدهم جهابذة الفهم الأفذاذ. لا يغادرون منقبة إلا وألبسوها رئيسهم، ولا يغادرون منقصة إلا وألبسوها الآخرين، كل الآخرين لا يؤمنون بألوهية فخامة الرئيس القائد. وكأن الناس صم بكم عمي، ولكن الحقيقة أن المهايطين «لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بها». ولا يبصرون ليسوا عمياً بل متعامين، إما بسبب التحالف الحزبي المقيت أو بسبب التحالف المصلحي الأكثر مقتاً. والمهايطون من كل نوع وصنف ومقاس. يشتركون بأنهم أنيقو المظهر، ويتمتعون بمهارات خطابية وتنميق الكلمات (أي عدة الشغل). وحينما يستعدون ل«النزال» الفضائي أول ما يفعلونه أن يتركوا الحقائق وضمائرهم والصدق في منازلهم، أو يرموها في سلال النفايات. وحينما يستلمون الميكروفونات يتخيلون أن مشاهديهم قطيع من أغنام أو أبقار أو ما شابه. وهم وحدهم جهابذة الفهم الأفذاذ. لا يغادرون منقبة إلا وألبسوها رئيسهم، ولا يغادرون منقصة إلا وألبسوها الآخرين، كل الآخرين لا يؤمنون بألوهية فخامة الرئيس القائد. وهكذا تداهم غيوم الشتائم الفضاء العربي، حتى إنه لا يوجد عربي إلا أن يكون شاتماً في فضائية أو مشتوماً. وقال «مهايط ليبي» إن أمم الأرض تتمنى أن يكون لديها رئيس مثل «القائد» معمر القذافي،. بينما أول حوار فتحه «القائد» مع مواطنيه، كان بالرصاص والتهديد المستمر بتطهير البلاد «زنقة زنقة» من سكانها العصاة غير المؤمنين بنبوءة القائد الملهم. وقال المهايطون الآخرون مثل ذلك في بلدان عربية أخرى. *وتر الربيع العربي.. إذ النور ينبثق من جوف العتمة. ويذوب المصنعون بالظلام، في ومضات الضياء. انثري جدايلك المخضبة برائحة الأثل في رياح الشمال. وانشدي للصباح العربي البهي الآتي. [email protected]