بعد أكثر من سنتين على بدء تطبيق المناهج الجديدة في مدارسنا الحكومية وبجميع مراحلها التعليمية، اتضحت الرؤية في تفاصيل ومعطيات المناهج الجديدة والتي حملت في ثناياها طابعا ممزوجا بالجدية في تلقي المعلومات بشكل مغاير عما كانت عليه المناهج السابقة، وفيما شكلت هذه الجدية تحديا جديدا للميدان التربوي .. فرض تحديث معلومات المناهج الحديثة صعوبة كبيرة أمام المعلم والطالب على حد سواء، وقد كان لهذا الإجراء الذي قامت به وزارة التربية والتعليم تأثير واضح في الميدان التربوي، واختلطت تبعا لذلك الآراء بين القبول والتأييد وبين الرفض والنقد، وكما طالعنا بالأمس بعض تلك الآراء في الحلقة الأولى من ملف « المناهج المطورة « للمرحلة الابتدائية، .. نطالع اليوم آراء أخرى حول ما اشتملت عليه المناهج المطورة لمادتي العلوم والرياضيات في المرحلة المتوسطة وما حققته من نتائج تطبيقيا، فإلى محاور المادة. صعوبة التطبيق مدير مدرسة الإسكان المتوسطة مشبب القحطاني تحدث في البداية حول محور الموضوع فقال :» من خلال خبرتي في التعليم أرى أن المناهج الجديدة فيها صعوبة على الطلاب والمعلمين، وأن الكثير من المعلمين غير مقتنعين بالمناهج الجديدة وطريقة تدريسها، وقد لجأ الكثير منهم إلى الطريقة التقليدية لإيصال المعلومة للطالب .. وذلك لصعوبة تطبيق الطريقة الجديدة وعدم إتقان بعضهم لها، وقد لوحظ ضعف في حماس بعض المعلمين بعد تطبيق نظام المناهج الجديدة»، ومن زاوية أخرى أضاف مشبب :» هناك أيضا الأعداد الكبيرة للطلاب في الصفوف لا تساعد على تطبيق الطريقة الجديدة بالتدريس مثل التعليم التعاوني الذي يعتمد تقسيم الطلاب إلى مجموعات، وهنا يذهب معظم وقت الحصة الدراسية في عملية التنظيم، وحتى الآن لم نستطع أن نسير على الخطة الموضوعة لتوزيع المنهج!!، وقد كان من المفترض قبل البدء بهذه المناهج أن يتم توفير البيئة المناسبة لها مثل المكان، وليس أن نأتي ونلقي على كادر التدريس بشكل مفاجئ وغير مدروس هذا العبء الكبير»، وأضاف القحطاني :» لقد لوحظ في الآونة الأخيرة تهرب بعض الطلاب عن الحضور إلى المدرسة بسبب صعوبة بعض الدروس في الرياضيات والعلوم وعدم قدرتهم على التحصيل الجيد من خلال عمليات التقويم التي يقوم بها المعلمون لهم داخل الفصل»، واقترح القحطاني أن يكون هناك تدرج في صعوبة الدروس من فصل إلى آخر في نفس المادة، وأن يكون هناك ملاءمة في طرح بعض الدروس على مستوى الطلاب ومدى قدرتهم الاستيعابية .. هناك صعوبة في منهج العلوم، وقد لاحظنا ذلك من خلال العديد من زملائي، وأهم هذه الصعوبات أن المنهج أطول من زمن الحصة المقررة في اليوم الدراسي أطول من زمن الحصة صالح الشهري معلم علوم في المرحلة المتوسطة فيقول :» هناك صعوبة في منهج العلوم، وقد لاحظنا ذلك من خلال العديد من زملائي، وأهم هذه الصعوبات أن المنهج أطول من زمن الحصة المقررة في اليوم الدراسي، كما أن هناك دروسا تحتاج إلى أكثر من حصة لشرحها بشكل مكتمل .. إذ تحوي بعض الدروس نشاطا عمليا ونظريا وأنشطة وتجارب وأسئلة تحتاج إلى وقت كبير للقيام بها، كما أن هناك خللا في طريقة طرح هذه المناهج وذلك بسرعة إقحامها في المدارس وعدم الأخذ في الاعتبار أن هناك زمنا محددا للمعلمين في الانتهاء من المنهج الدراسي وفق الخطة الدراسية التي وضعت له»، وأضاف الشهري قائلا :» من جانب آخر فإن الملخص السبوري الذي وضع في نهاية كل وحدة دراسية لا يتلاءم وموضوعات الدرس الأساسي، وهذا سبب الكثير من تشتت أذهان الطلاب وعدم معرفتهم بالمعلومة المطلوبة التي يرجعون لها، كما أن بعض الدروس تحتاج فعلا إلى مختبرات وأدوات ذات تجهيز عال، وهذا غير متوفر الآن في الكثير من المدارس مما جعل بعض المعلمين يقعون في إشكالية كبيرة في توفير القليل من الأدوات على حسابهم الخاص «. حشو وتعقيد أما مشعل الجناحي معلم رياضيات للمرحلة المتوسطة يقول من جهته :» أقامت وزارة التربية والتعليم دورات لبعض المعلمين على المناهج الحديثة، ولكن لم تكن هذه الدورات كافية في تدريبنا للتغلب على الصعوبات التي نواجهها داخل الفصول، وأستشهد ببعض الدروس التي واجهت صعوبة في شرحها لطلابي، ومنها درس تحويل الوحدات والذي أرى أنه غير مناسب طرحه في مثل هذه المرحلة لاسيما عدم مناسبته لمستوى تفكير الطلاب وفئاتهم العمرية، كما أن هناك عدم إمكانية في متابعة كتاب الطالب وكتاب النشاط في آن واحد بسبب ضيق وقت الحصص وكثرة الأنشطة والمسائل في الكتابين»، وطالب الجناحي بخفض عدد الفصول الدراسية في المنهج الدراسي، وكذلك تقليل بعض المسائل التي سببت الكثير من الحشو في المادة والاقتصار على مسائل قصيرة تساعد الطلاب على فهم الدرس بشكل سريع ومن غير تعقيد ..، وهذا المعلم محمد موسى يقول :» أرجو أن تشكل الوزارة لجنة في البحث في مدى نجاح تطبيق المناهج الجديدة في المدارس، وقد يكمن الحل في العودة إلى المناهج القديمة في حالة عدم وجود النتائج الايجابية الجيدة في تطبيق المناهج الجديدة»، وأضاف موسى :»هناك تذمر شديد وواسع من أولياء الأمور في صعوبة منهج الرياضيات وعدم مناسبته لطلاب هذه المرحلة»، وفي نفس السياق قال ولي الأمر محمد الغامدي :» هناك الكثير من الملاحظات على منهج الرياضيات والعلوم في المرحلة المتوسطة، ففيها صعوبة في فهم الطالب واستيعابه لبعض المعارف والمهارات المطلوبة منه، كما أن هناك مشكلة أخرى وهي كثرة الصور المطبوعة في كتاب العلوم والتي أرى فيها صعوبة وتوسعا بشكل كبير عن محور موضوع الدرس « .
د. القو : تهيئة المعلم والبيئة المدرسية أهم مقومات نجاح مشروع تطوير المناهج رئيس قسم المناهج في جامعة الدمام الدكتور عبدالمنعم القو شارك المعلمين في بعض آرائهم وقال من ناحيته :» إن فكرة تطوير المناهج في مدارس المملكة فكرة جيدة ومناسبة، وذلك لنقل مستوى طلابنا إلى مستويات متقدمة من التفكير والاستكشاف والإبداع، ولكن هناك أمورا كان ولابد أن يتم اتخاذها قبل الشروع في طرح هذه المناهج، وأهمها : إقامة الدورات المكثفة للمعلمين التي تؤمن لهم شرح المنهج بالشكل العلمي الجيد والذي يتماشى مع تطوير هذه المنهج وصعوبته، وكذلك تهيئة المعلمين من بداية التحاقهم في الجامعات والكليات وذلك بوضع مناهج لهم تواكب المناهج المطروحة في المراحل الدراسية في التعليم، كما أن الصعوبة لم تكن من جهة التلميذ في تلقي وقبول المناهج المطورة بل كانت من جهة المعلم من حيث قدرته على توصيل المعلومة للطالب بالشكل المناسب، وأرى أن هناك مشكلة في إعداد المعلمين وأنهم تعرضوا لقصور في إعدادهم أكاديمياً، وهذا سبب للكثير منهم الصعوبة في قبول هذه المناهج المطورة، وأطالب هنا أن يكون هناك دورات خاصة بالمعلمين وبشكل مكرر ومكثف ليكون هناك استفادة للمعلم في تطوير نفسه والتغلب على الصعوبات التي تواجهه في المناهج المطورة، كما يجب تهيئة البيئة المدرسية وفق التطور الحديث في إيجاد المعامل والمختبرات المجهزة بأحدث الوسائل التعليمية لكي تخدم المعلم في نقل وشرح الدروس بالشكل العلمي المفيد والمكتمل، وأني استغرب من المسؤولين كيفية تطبيق هذا المشروع في المرحلة الابتدائية من الصف الرابع دونما يكون هناك أي اعتبار لطلاب الصف الأول والذين ما إن يصلوا إلى الصف الرابع إلا ويواجهون المواد المطورة والمليئة بالمعلومات الجديدة والتي لم يتعودوا عليها من قبل»، وشدد د. القو على اختيار آلية مناسبة وصحيحة لتنفيذ مثل هذه المشاريع .. وأضاف :» كان من المفترض أن يكون في بداية الأمر بشكل متدرج وعلى عينات وفئات معينة يتم من خلالها تجاوز بعض الصعوبات والعوائق التي قد تحدث مستقبلاً «.