•أليس الشعب الفلسطيني جديراً بدولة حُرة مستقلة، شأنه بذلك شأن بقية الشعوب والمجتمعات الإنسانية الأخرى؟ • ألا يكفي ما لحق بالشعب الفلسطيني من ويلات وتشريد وتنكيل وحالات احباط وقهر وظلم، منذ نشوء الأزمة الفلسطينية؟ • أليس حرياً بالمجتمع الدولي.. خصوصاً المجتمعات والحكومات والمؤسسات الغربية على اختلافها، وبالذات الأمريكية منها، أن تكف عن ممارسة الأذى بحق الفلسطينيين.. وأن توقف السيل العارم من القرارات السياسية المُشينة والمواقف المُذلة، إرضاء للتكتلات المناصرة للدولة العبرية – رغم اخطائها – في سبيل الحصول على مناصب ومقاعد سياسية ووظيفية في مجتمعاتهم؟ • إلى متى يبقى شعب فلسطين منكفئاً على آلامه ومآسيه اليومية المتكرّرة والمتفاقمة.. ويظل تحت رحمة الولاءات الحزبية والفئوية الضيقة، بما تمثله من جهالة، تُفقدُ اصحابها القدرة على معاينة الأمور بمنظور وطني عام.. مما يجعل همّهم يرتكز وينصبُّ نحو المقاعد المتقدِّمة بالمشهد السياسي الفلسطيني، بأفق ضيّق ووفق أجندة معزولة عن الواقع الفلسطيني العام؟ • أليس كافياً ما أُريق من دماء في منطقة الشرق الأوسط، وما لحق بشعوبها من ويلات الحروب المتبادلة.. من جراء الميل لحل القضايا بواسطة الحروب.. وبسبب مناهج التطرُّف المتنوِّع.. مما أدى إلى انعدام الاستقرار السياسي، وغياب التنمية لصالح شعوب المنطقة؟ على خلفية هذه التساؤلات - كجزء من الهمِّ العام – والتي تشكّل مقدّمات عملية وتاريخية طويلة الأمد لما حدث بالمنطقة من خطوات سياسية مفصلية مؤخراً.. أفضت إلى عدة هزات فاعلة ومؤثرة، شكّلت مخاضاً لتداعيات سياسية واسعة.. ما زالت في حالة تهيّؤ، قد تفرز خطوات سياسية محسوسة وذات قيمة، وقد تؤثر على مسار العمل السياسي العربي الإسرائيلي.. في حال الصمود العربي أمام المواقف الأمريكية – الإسرائيلية المتغطرسة. فبعد سلسلة النكسات المتتالية في عملية المفاوضات السياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين برعاية أمريكية متقلبة.. قلصت الآمال المعقودة على هذه المفاوضات من أجل ايجاد حلول مناسبة لهذه القضية.. وبعد حالات النكوص المتكرّرة من قبل جهابذة التطرف الإسرائيلي، الهادفة لتعطيل كل المخارج المناسبة لترسية السلام بالمنطقة، وإطالة امد هذه المحادثات بدون نتائج. بينما إسرائيل ماضية في تنفيذ أجندتها المتمثلة (بتوسيع دائرة الاستيطان على الأراضي الفلسطينية.. ورفض القرارات الدولية وكأنها باقية على هذا الوضع إلى الأبد) بدعم أمريكي مطلق. أمام هذا المشهد (الدراماتيكي) قام الرئيس الفلسطيني مؤخراً بطرح مشروع الدولة الفلسطينية كاملة العضوية في منظمة الأممالمتحدة.. فكان رد إسرائيل وأمريكا معاً عنيفاً على الخطوة.. إن تعزيز الدعم العربي والدولي المناهض للعنصرية والمناصر للتحرُّر والاستقلال (اقتصادياً وسياسياً) لهذا المشروع، سوف يفقد أمريكا ومن يسير على خُطاها أوراق الضغط التي تمارسها عادة ضد الفلسطينيين وغيرهم، لتمرير مواقف معينة لصالح إسرائيل. غير آبهين بحقوقه المشروعة، وتعويضهم مالياً عمّا يستخدمه (صقور الكونجرس) ضد من يعارض السياسات الأمريكية الخاطئة.بينما كان الموقف الأوروبي خجولاً متردِّداً باهتاً لا يسمن ولا يُغني من جوع.. لقد ساق الجانبان المعارضان (أمريكا وإسرائيل) مبرّرات واهية زائفة تجعل ولادة أية دولة فلسطينية تنشأ من غير الممكن إلا عبر معطف الدولة العبرية، ووفق المواصفات التي تريدها، لتبقى دولة هزيلة عاجزة عن تأدية مهامها، حتى تجاه شعبها. طبعاً هذا الطرح التاريخي لمثل هذا المشروع، يحمل معه العديد من المخاطر.. وقد يُجهض المشروع في أولى خطواته (بسبب الفيتو الأمريكي.. أو ضعف الموقف الفلسطيني والتراجع عن المشروع في حال قطع المعونات الاقتصادية وتجويع الشعب الفلسطيني).. إنها مغامرة كان لابد منها للفلسطينيين، لتأكيد استقلالية موقفهم، وللضغط على الجانب الإسرائيلي اليميني المتغطرس غير المكترث بما يدور حوله، بفضل الدعم الأمريكي اللا نهائي.. لإشعار الجميع بخطأ مسارهم التفاوضي. وإذا كان موقف إدارة إسرائيل المخرّب، المُعبّر عنه في كل محطات التفاوض مُدركاً ومفهوماً، وهو القائم على الهدم بدلاً من اعتماد مشروع بناء، يساعد المفاوضات على تجاوز كل العقبات للوصول إلى مخرج مناسب لحل القضية.. فإن الموقف الأمريكي الخاطئ والمتكرّر في اتجاه معاداة الحقوق العربية، والمرتبط بقرب الانتخابات البرلمانية والرئاسية الأمريكية. لم يكن مستغرباً.. ولكنه يزيح عن أمريكا طابعها الحيادي برعاية المفاوضات بين الجانبين.. إنه موقف عاجز عن إدراك طبيعة التغيّرات الحاصلة بالجانب العربي وماهيتها وأبعادها.. وما تعني حالات التذمّر الشعبي المطلبي داخل إسرائيل. ثمة تماثل في المواقف (لأمريكا وإسرائيل) الرافضة لهذه الخطوة.. وبين مواقف دول وقوى وتنظيمات اقليمية مثل (إيران) وعربية وفلسطينية مثل (منظمة حماس).. ولكل طرف مبرراته واجندته في عملية الرفض المختلفة مع الآخر.. أعتقد أن الشعب الفلسطيني لن يخسر شيئاً من جراء طرح هذا المشروع في حال توافر مقتضيات ومقوّمات الصمود، ترفد موقف من يطرح المشروع.. بل قد يعزز مواقفه التفاوضية. وإذا كان الاعتراض الإقليمي والوطني الفلسطيني قائماً على أساس افتراض عدم قيام الدولة الفلسطينية على كامل الأراضي الفلسطينية.. فإنه بقدر ما بهذا الموقف من انتهازية سياسية، فهو بنفس الوقت يعبّر عن رؤيا من الحوَل السياسي، والمثالية السياسية البعيدة عن الواقع.. قد يكون هناك الكثير في العالم العربي لا يشاطرون (أبو مازن) مواقفه، ولكنهم لم يعترضوا طريقه. لهذا من الأفضل أن ندعه يجرّب هذا المسلك! فاذا لم يكن لدى الطرف المعارض حلول وخطوات عملية وواقعية، فكان من الأفضل السكوت وترك من طرح المشروع يمضي في غيّه السياسي (إذا كانوا يعتقدون ذلك).. إلى أن يصادم الواقع ويكتشف أن موقفه لم يثمر عن شيء وأنه خاطئ بما فعل. اخيراً إن تعزيز الدعم العربي والدولي المناهض للعنصرية والمناصر للتحرر والاستقلال (اقتصادياً وسياسياً) لهذا المشروع، سوف يفقد أمريكا ومن يسير على خُطاها أوراق الضغط التي تمارسها عادة ضد الفلسطينيين وغيرهم، لتمرير مواقف معينة لصالح إسرائيل.. غير آبهين بحقوقه المشروعة، وتعويضهم مالياً عما يستخدمه (صقور الكونجرس) ضد من يعارض السياسات الأمريكية الخاطئة.