اعتباراً من يوم الاثنين المقبل، يستلم الرئيس الأميركي دونالد ترمب مفاتيح البيت الأبيض، يرافقه عدد من أشهر المليارديرات، الذين اصطفوا لدعمه خلال حملته الانتخابية، وكجزء من سداد الفاتورة الانتخابية، فقد حرص ترمب على استقطاب مجموعة منتقاه من أبرز المليارديرات في تشكيلته الوزارية، مستفيداً من نص المادة الثانية من الدستور، والتي تعطيه الحق في تعيين أعضاء حكومته، على أن تتم الموافقة عليهم لاحقاً في مجلس الشيوخ، وهذا أمر إجرائي يسهل تمريره، نظراً إلى أن زعيم الأغلبية الحالية في مجلس الشيوخ هو النائب الجمهوري جون ثون، والذي من المرجح أن يلتزم حرفياً باختيارات الرئيس، رغم وجود بعض الأسماء المثيرة للجدل. ليست هذه المرة الأولى التي يكون فيها لعمالقة المال والأعمال حقائب وزارية خلال الرئاسات المختلفة، سواء للجمهوريين أو الديمقراطيين، فدائماً عبر التاريخ الأميركي ما تتجمع ثروات مذهلة في غرفة مجلس الوزراء بالجناح الغربي للبيت الأبيض، وللمقارنة، فإن القيمة السوقية لحكومة ترمب تبلغ نحو 340 مليار دولار، فيما بلغت القيمة السوقية لحكومة بايدن 118 مليون دولار فقط، ولا شك أن هذه الحقائب الوزارية التي يحملها مجموعة من المليارديرات والشعبويين، ضرورية لتنفيذ أجندة ترمب، وهي فرصة لتلافي بعض أخطائه خلال ولايته الأولى، فقد اعتقد، على سبيل الخطأ، أنه قادر على إدارة الدولة مثلما يدير شركاته العقارية، مع عدد قليل من الموظفين الأساسيين، ولكن هذه المرة، أدرك ترمب أهمية بناء فريق يتسم بالغني والولاء، ولهذا، أشرف بشكل عميق على جميع الاختيارات. اختار ترمب 13 مليارديرًا في حكومته، وهو رقم قياسي يعبر عن رؤيته لأميركا الجديدة، فالثروة تخلق الشرعية، والمال يستخدم كسلاح دبلوماسي، وعلى سبيل المثال، اختار ترمب أغنى رجل في العالم، إيلون ماسك، الذي عبر عن ولائه للرئيس عبر ضخ 250 مليون دولار خلال حملته الانتخابية، في المقابل، رد له ترمب الجميل، فكافأه، بتعيينه مسؤولاً عن لجنة استشارية تسمى وزارة كفاءة الحكومة، حيث يراهن ترمب على ماسك في خفض الإنفاق الفيدرالي بنحو تريليوني دولار، ولكنه، يعتبر هدفاً طموحاً للغاية قد يستقر بالنهاية عند حاجز التريليون دولار فقط، وإجمالاً، فإن جميع وزراء ترمب متفقون بالإجماع على أن الزعيم الكاريزمي هو ما تحتاجه أميركا اليوم أكثر من أي شيء آخر. تتميز حكومة ترمب بتجانس الأفكار والتوجهات، حيث يؤمنون بأن الأممية الليبرالية ماتت للأبد، وأن ترمب بصدد التخلص من الجثة، ويعتزمون التخلي عن كل الالتزامات الليبرالية من أجل تحقيق انتصار ساحق على الصين، وعلى المستوى الشعبي، نجح ترمب في سحق أدبيات الحزب الواحد، بمعنى أن الحزب الجمهوري يسير الآن على مسار لا رجعة فيه نحو الشعبوية، وهذا ما حلم به الخبير الاقتصادي النمساوي موراي روثبورد، قبل ثلاثين عامًا، حزب شعبوي يتجاهل النخبة ويتحدث مباشرة إلى الناس، في الوقت نفسه، يتمتع وزراء ترمب بخبرة واسعة في مجالات الاستثمار الجيوسياسي، والنفط، والصواريخ، وتكنولوجيا الخدمات المالية، وهم يخططون للعب دور أكبر من حجمهم في العالم، حيث تحولت حركة "أميركا عظيمة مجددًا" من الانعزالية إلى التدخل، وأبرز مثال على ذلك، رغبة ترمب الجامحة في ضم كندا، وغرينلاند، وقناة بنما، ومن يدري، فلربما ينتهي الأمر بترمب وحكومته إلى أن يصبحوا بنفس أهمية ثيودور روزفلت، الرئيس السادس والعشرين للولايات المتحدة، الذي وسع النفوذ الأميركي في أميركا اللاتينية وحفر قناة بنما.