تحتفظ المنطقة التاريخية بجدة بمكانتها في نفوس قاطني عروس البحر الأحمر، وتقع جدة التاريخية في وسط مدينة جدة، ويعود تاريخها -حسب بعض المصادر- إلى عصور ما قبل الإسلام، وأن نقطة التحول في تاريخها كانت في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه عندما اتخذها ميناءً لمكةالمكرمة في عام 26 هجري/ 647م. وعوامل الزمن لم تستطع أن تؤثر على تلك المنطقة الحالمة، وبالرغم من خروج معظم أهاليها الأصليين لمواكبة الحداثة والتطور إلى مناطق جدةالجديدة، ووجود منازل قديمة قد يصفها البعض بالمتهالكة فإن المنطقة لا تخلو من بنايات حديثة أنشأها أصحاب البيوت العتيقة لمواكبة الحداثة والتطور الأمر الذي جعل المنطقة تجمع بين الماضي والحاضر، (جدة التاريخية) خلعت حلتها الرمضانية التي طالما سحرت سكان جدة على مدار ساعات الليل والنهار ال 29 الماضية وجذبتهم اليها في ليالي رمضان، وذلك لارتداء حلة العيد المبارك هذه الأيام. المدير التنفيذي للهيئة العامة للسياحة والآثار بمنطقة مكةالمكرمة قال ان المنطقة التاريخية تعتبر من ابرز المناطق الأثرية في الجزيرة العربية إذ تضم نحو 400 مبنى قائم يعود تاريخ بعضها إلى أكثر من 500 عام، موضحا أن جدة التاريخية تضم عدداً من المعالم والمباني الأثرية والتراثية، مثل آثار سور جدة وحاراتها التاريخية: (حارة المظلوم، وحارة الشام، وحارة اليمن، وحارة البحر)، كما يوجد بها عدد من المساجد التاريخية أبرزها: (مسجد عثمان بن عفان، ومسجد الشافعي، ومسجد الباشا، ومسجد عكاش، ومسجد المعمار، وجامع الحنفي)، إضافة إلى الأسواق التاريخية. رئيس بلدية جدة التاريخية المهندس سامي نوار أشار إلى أن المنطقة التاريخية تعتبر أحد أبرز الرموز والمقاصد خلال مختلف المواسم وعلى مدار العام، مؤكداً أن أسواقها نشطة بشكل دائم، حيث لا زال يقبل عليها الزائرون أو سكان المدينة وذلك بشكل كبير خلال السنوات الاخيرة، مرجعا السبب الى رغبة الناس بالعودة الى ماضيهم الجميل والبعد عن ضغوط العمل والحياة. وأوضح نوار أن من أبرز المواقع التي يحرص عليها الزائرون أسواق العلوي وقابل والخاسكية وسوق البدو والعلوي والحراج والهنداوية، كما تحتفظ جدة التاريخية بمعالم تحظى باهتمام كبير مثل بيت آل نصيف الذي استخدمه الملك المؤسس طيب الله ثراه عبدالعزيز آل سعود لأول مرة عام 1908 في استقبال الرؤساء والشخصيات المهمة حيث جرى تحويله فيما بعد إلى متحف. ويعود المدير التنفيذي للهيئة العامة للسياحة والآثار ليؤكد على أنه رغم تطور مناحي الحياة وتقدمها في شتى المجالات ومن ضمنها معايشة الأطفال بلهوهم البريء لفرحة العيد هذه الأيام إلا أن أصالة الماضي بكل أطيافها وطقوسها مازالت معايشة لأهالي المنطقة التاريخية بمحافظة جدة التي تشهد حركة دؤوبة منذ صباح أول يوم في العيد وحتى منتصف الليل من الأسر التي تعيش فرحة هذه الأيام وخصوصاً في المنطقة التاريخية وبرحاتها التي تحتض وسائل الترفيه البدائية "المراجيح" التي يشرف على نصبها أهالي هذه المنطقة التي يربطهم بها الحنين إلى الماضي والتمسك بعاداته وتقاليده، حيث تقف هذه الحارات شاهدة على أفراح الآباء الذين كانوا يتسابقون فيها على الألعاب الشعبية والأهازيج والجُمَل الغنائية التي لا تتميز بها بجدة فقط بل تتميز بها مدن الحجاز بأكملها.