تحتفظ المنطقة التاريخية في جدة بمكانتها في نفوس قاطني عروس البحر الأحمر، وتقع جدة التاريخية في وسط مدينة جدة، ويعود تاريخها حسب بعض المصادر إلى عصور ما قبل الإسلام، ونقطة التحول في تاريخها كانت في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه عندما اتخذها ميناء لمكةالمكرمة في عام 26 ه/647 م. عوامل الزمن لم تستطع أن تؤثر على تلك المنطقة الحالمة، وبالرغم من خروج معظم أهاليها الأصليين لمواكبة الحداثة والتطور إلى مناطق جدةالجديدة، ووجود منازل قديمة قد يصفها البعض بالمتهالكة، فإن المنطقة لا تخلو من بنايات حديثة أنشأها أصحاب البيوت العتيقة لمواكبة الحداثة والتطور، الأمر الذي جعل المنطقة تجمع بين الماضي والحاضر. (جدة التاريخية) عاشت خلال شهر رمضان وأيام عيد الفطر أجمل أوقاتها، ففي رمضان تحلت بأجمل الحلي التي طالما سحرت سكان جدة على مدار ساعات الليل والنهار وجذبتهم إليها في ليالي رمضان، وبعد ذلك ارتدت حلة العيد السعيد. المدير التنفيذي للهيئة العامة للسياحة والآثار في منطقة مكةالمكرمة محمد عبدالله العمري قال إن المنطقة التاريخية تعتبر من أبرز المناطق الأثرية في الجزيرة العربية، إذ تضم نحو 400 مبنى قائم يعود تاريخ بعضها إلى أكثر من 500 عام، موضحا أن جدة التاريخية تضم عددا من المعالم والمباني الأثرية والتراثية، مثل آثار سور جدة وحاراتها التاريخية: (حارة المظلوم، حارة الشام، حارة اليمن، وحارة البحر)، كما يوجد فيها عدد من المساجد التاريخية أبرزها: (مسجد عثمان بن عفان، مسجد الشافعي، مسجد الباشا، مسجد عكاش، مسجد المعمار، وجامع الحنفي)، إضافة إلى الأسواق التاريخية. رئيس بلدية جدة التاريخية المهندس سامي نوار أشار إلى أن المنطقة التاريخية تعتبر أحد أبرز الرموز والمقاصد خلال مختلف المواسم وعلى مدار العام، مؤكدا أن أسواقها نشطة بشكل دائم، حيث ما زال يقبل عليها الزائرون أو سكان المدينة وذلك بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، مرجعا السبب إلى رغبة الناس في العودة إلى ماضيهم الجميل والبعد عن ضغوط العمل والحياة. وأوضح نوار أن من أبرز المواقع التي يحرص عليها الزائرون أسواق العلوي وقابل والخاسكية وسوق البدو والعلوي والحراج والهنداوية، كما تحتفظ جدة التاريخية بمعالم تحظى باهتمام كبير مثل بيت آل نصيف الذي استخدمه الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود طيب الله ثراه لأول مرة عام 1908 في استقبال الرؤساء والشخصيات المهمة، حيث جرى تحويله فيما بعد إلى متحف. ويعود المدير التنفيذي للهيئة العامة للسياحة والآثار ليؤكد على أنه رغم تطور مناحي الحياة وتقدمها في شتى المجالات ومن ضمنها معايشة الأطفال بلهوهم البريء لفرحة العيد هذه الأيام، إلا أن أصالة الماضي بكل أطيافها وطقوسها ما زالت معايشة لأهالي المنطقة التاريخية في محافظة جدة التي تشهد حركة دؤوبة منذ صباح أول يوم في العيد وحتى منتصف الليل من الأسر التي تعيش فرحة هذه الأيام وخصوصا في المنطقة التاريخية وبرحاتها التي تحتضن وسائل الترفيه البدائية (المراجيح) التي يشرف على نصبها أهالي هذه المنطقة التي يربطهم بها الحنين إلى الماضي والتمسك بعاداته وتقاليده، حيث تقف هذه الحارات شاهدة على أفراح الآباء الذين كانوا يتسابقون فيها على الألعاب الشعبية والأهازيج والجمل الغنائية التي لا تتميز بها جدة فقط، بل مدن الحجاز بأكملها. وأبرز العمري دور واهتمام صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، حيث أولى منطقة جدة التاريخية عنايته الشخصية منذ أكثر من 25 عاما، وذلك ضمن اهتمامه بالتراث العمراني الوطني قبل إنشاء الهيئة العامة للسياحة والآثار وفي إطار رئاسته الفخرية للجمعية السعودية لعلوم العمران، وكان من المنافحين عن هذه المنطقة و المنادين بأهمية نهوض الأهالي والمؤسسات المحلية في محافظة جدة بدورهم، وهي بذلك تعد أول موقع تراث عمراني جرت حمايته وتصنيفه في المملكة، وهو ما أسهم في إبقاء المنطقة وإيقاف التعدي عليها أو مخططات مسحها بشكل كامل. وفي الوقت نفسه قام صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة بتشكيل لجنة عليا برئاسته لتطوير جدة التاريخية والمحافظة عليها منذ أن تولى مهماته أميرا للمنطقة، علما أن محافظ جدة صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد وأمين جدة يوليانها اهتماما ومتابعة مستمرة. وأوضح الأمير عبد الله بن سعود بن محمد آل سعود رئيس اللجنة السياحية في غرفة جدة ورئيس اللجنة المنظمة لفعاليات مهرجان جدة غير، أن التنويع في فعاليات المهرجان جاء بناء على توجيهات صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز أمير منطقة مكةالمكرمة، لضم احتفالات عيد الفطر المبارك مع باقة مهرجان جدة غير 32 بإشراف مباشر من صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد محافظ جدة ورئيس مجلس التنمية السياحية في المحافظة، والتي شهدت إطلاق مئات الأطنان من الألعاب النارية ليلة الأول من شوال واستمرت طوال أيام العيد، ليحظى أهالي وزوار عروس البحر الأحمر بما يبهج خواطرهم ويلبي رغباتهم. وتحدث حول المنطقة التاريخية في جدة ومعايشتها لاحتفالات العيد على طريقة الآباء والأجداد في حاراتها القديمة كالشام والمظلوم واليمن والبحر، فما زالت هذه المنطقة تحتفظ بمكانتها في نفوس قاطني عروس البحر الأحمر، وقد جذبت إليها في العيد الوفود السياحية والمتنزهين ومتابعي المظاهر القديمة والمعجبين بأبنيتها وحاراتها القديمة، مشيرا إلى أن المنطقة التاريخية من أبرز المناطق الأثرية في الجزيرة العربية، كما تعتبر أحد أبرز الرموز والمقاصد خلال مختلف المواسم وعلى مدار العام. وأشاد بما قامت به أمانة محافظة جدة من تركيب الإنارات التجميلية في الشوارع الرئيسة لدعم هذه الاحتفالات، وإضاءة أكثر من 2300 نخلة بالمضاءات الملونة، إلى جانب إشرافها على مسرح أبرق الرغامة الذي قدم الفعاليات والمسرحيات المخصصة للأطفال والعائلات.