صدرت يوم السبت الماضي مجموعة من الأوامر الملكية المتعلقة بسوق العمل، وقد شملت هذه الأوامر مجالات متعددة وقطاعات مختلفة، ولكن غالبية القرارات تركزت على حل مشكلة آنية لشرائح من الباحثين عن العمل أو أصحاب الشهادات المهنية الذين ما زالوا ينتظرون وظيفتهم، كما تركزت على خلق مجالات جديدة لتوظيف النساء سواء من خلال زيادة عدد الوظائف التعليمية للنساء أو من خلال تأنيث محلات المستلزمات النسائية أو البدء بتأنيث بعض خطوط الإنتاج في المصانع. هذه القرارات تدل على أن هناك استشعارا لمدى تفاقم أزمة البطالة، ويبدو أن قرار بدل البطالة الأخيرة كشف عن حقيقة حجم هذه الظاهرة مما استوجب قرارات فورية تقلل من حجمها، ولكننا مازلنا بحاجة لقرارات استراتيجية تسهم في حل مشكلة البطالة على المدى الطويل وليس على المدى القصير فقط، فهذه القرارات حسب أكثر التقديرات تفاؤلا ستخلق ما يقرب من ال 100 ألف وظيفة، في المقابل نجد أن المسجلين رسميا كعاطلين لدى مكتب العمل يصل عددهم 500 ألف، أما الرقم الذي سيخرج بعد تدقيق المسجلين ببرنامج بدل العطالة فأتوقع أن يزيد على 2 مليون عاطل (سجل حتى الآن أكثر من ثلاثة ونصف المليون مواطن في البرنامج). أما أعداد الداخلين لسن العمل سنويا من الشباب والشابات فعددهم يزيد على 400 ألف، لو افترضنا أن نصفهم سيبحثون عن وظيفة فهذا يعني أن علينا خلق أكثر من 200 ألف وظيفة سنويا بالإضافة لتوظيف جميع العاطلين الحاليين. الملاحظ أيضا في القرارات الأخيرة، أنها تركزت على الوظائف الحكومية، ولا يمكننا كاقتصاد أن نستمر في الاعتماد على توظيف المواطنين في الوظائف الحكومية، فهذه الاستراتيجية غير قابلة للاستدامة، ودور القطاع العام أن يكون خادما لضمان حركة القطاع الخاص في الاقتصاد، وأن لا يكون هو الاقتصاد بحد ذاته. لذلك أتمنى أن يكون هناك خطوات لاحقة للبدء باستراتيجية وطنية تنقل الاقتصاد الوطني إلى اقتصاد منتج وقادر على خلق عدد كبير من الوظائف التي تضيف للاقتصاد بدل أن تستنزفه. الملاحظ أيضا في القرارات الأخيرة، أنها تركزت على الوظائف الحكومية، ولا يمكننا كاقتصاد أن نستمر في الاعتماد على توظيف المواطنين في الوظائف الحكومية.الملاحظة الأخرى بخصوص القرارت أنها تركزت على حل مشكلة البطالة بين النساء، ورغم أن من حق المرأة أن تعمل وتكون عنصرا منتجا في الاقتصاد، إلا أنني أتمنى أن لا يجرفنا الحماس لحل البطالة بين النساء وينسينا البطالة المستفحلة بين الشباب، فبعيدا عن العواطف والمثاليات فإن بطالة الرجل أكثر خطورة من بطالة المرأة، وهذا عائد للطبيعة الاجتماعية لدينا، فالأسرة هي المكون الرئيسي في المجتمع، والرجل هو العائل الرئيسي في هذه الأسرة، فعدم قدرته على إيجاد مصدر دخل أخطر بكثير من عدم قدرة المرأة على إيجاد دخل لتكون مصدرا ثانيا للدخل في الأسرة، أما الحالات الاستثنائية للنساء اللائي يفتقدن العائل كالأرملة أو المطلقة أو غيرها، فأعتقد أنه يجب أن تكون لهم الأولوية في الوظائف النسائية، وأعداد هذه الوظائف تكفي لتغطية كل الحالات الاستثنائية هذه وتزيد. [email protected]