يترقب المصريون والعالم، اليوم وغداً، أولى جولات الانتخابات الرئاسية، والتي يتوقع أن تكون «وحيدة» وحاسمة لتحديد هوية الرئيس السابع للبلاد، حيث يُفترض أن يتوجه 53.9 مليون مواطن ممن لهم حق التصويت، لقرابة 14 مركزاً انتخابياً، للمفاضلة ما بين وزير الدفاع السابق، المشير عبدالفتاح السيسي، ومنافسه زعيم التيار الشعبي حمدين صباحي، في مواجهة تعكس حدة الاستقطابات في البلاد، عقب أقل من عام من الإطاحة بنظام حكم جماعة الإخوان وتنظيمها الدولي. كلمة للرئيس واستبق الرئيس المصري المؤقت، المستشار عدلي منصور، الانتخابات، بأقل من 24 ساعة، بتوجيه كلمة مقتضبة لمواطنيه أمس، شدّد فيها على ضرورة المشاركة الواسعة، معرباً عن ثقته في إتمام العملية الانتخابية بنجاح. وأضاف مخاطباً جموع المصريين: «لننزل جميعا غداً وبعد غدٍ.. لنعبر عن خيارنا الحر.. لنختار -دون توجيه أو إملاء - من نثق ونقتنع بقدرته على بناء وإدارة الدولة.. أيا كان هو.. لنحكم عقولنا ولنستفت قلوبنا ونتوكل على الله إنه نعم المولى ونعم النصير». وبينما أكد خلال كلمته التي لم تستغرق 7 دقائق، أن «من يعزف عن المشاركة في الحياة السياسية.. سيكون عرضة لأن يُحكَم بمن لا يرعى مصالحه» أشار إلى التصميم على إنجاز كافة خطوات الطريق، وأكد أن مؤسسات الدولة الرسمية وعلى رأسها مؤسسة الرئاسة تقف على مسافات متساوية بين المرشحين، وقال: «لم ولن توجه مواطنا أو مواطنة لاختيار معين، وإنما نحرص جميعا على تأمين مشاركة شعبية واسعة.. تعمق معاني الديمقراطية، وتثري العملية السياسية، وتتناسب مع حجم التضحيات والتطلعات.. التي قدمها وطالب بها الشعب المصري في ثورتيه العظيمتين» في 25 يناير و30 يونيو. ترقب وتوتر وبينما يسيطر على الساعات ال48 المقبلة، ترقب حذر مشوب بالتوتر، جراء تهديدات محتملة، لجماعة الإخوان، وأذرعها الإرهابية لعرقلة ثاني استحقاقات خارطة الطريق، التي تكتب «بالصندوق» شهادة وفاة لما تعتبره الجماعة وأنصارها «شرعية»، يرسم مشهد توافد المصريين المنتظر، لوحة جديدة يترقبها العالم، بل ويراهن عليها المصريون أنفسهم.. تحت أنظار أكثر من 84 منظمة وهيئة حقوقية محلية ودولية لمراقبة سير عملية الانتخابات. ورغم إعلان الجماعة، وذراعها الحالي، تحالف دعم الشرعية، رسمياً مقاطعتهم للانتخابات، لإظهار قلة الدعم الشعبي، إلا أن كثيرين في القاهرة، يشككون في ذلك، مؤكدين أن أنصار الجماعة، سيحرصون على التوافد، وعدم التصويت لعدوهم اللدود، عبدالفتاح السيسي. استعدادات قضائية وبينما قالت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية، إنها لم ترصد أية خروقات لفترة الصمت الانتخابي، التي استمرت السبت والأحد. كشفت أيضاً أن قرابة 16 ألف قاض من القضاء والنيابة العامة ومختلف الهيئات القضائية، يتولون الإشراف على 13 ألفا و899 لجنة انتخابية فرعية.. استلموا منذ مساء أمس، أوراق الاقتراع وكشوف الناخبين، في حين يتولى الإشراف على تلك اللجان الفرعية 352 لجنة انتخابية عامة على مستوى الجمهورية. مرحلة اختبار من جهتها، أكدت الداخلية المصرية «أنها في مرحلة اختبار حقيقي» للعبور بالبلاد، من وضعها الراهن. وقال الوزير، محمد إبراهيم، في رسالة وجهها لكافة رجال الشرطة عبر «الشبكة الداخلية» للوزارة، إن نتائج هذا الاختبار «ستكلل مسيرة الجهود والتضحيات التي قدمها رجال الشرطة ولا يزالون» معتبراً أن «النجاح فيه بمثابة نصرٍ لإرادة شعبنا». بالمقابل، أكد وزير الدفاع المصري، الفريق أول صدقي صبحي، أن القوات المسلحة لن تتهاون في حماية الوطن وأنها ستقف حصنا أمينا ودرعا قويا للشعب المصري. وشدد خلال تفقده صباح أمس، لقوات التدخل السريع المشاركة في تأمين الانتخابات، على أن بلاده ماضية بكل قوة في بناء دولة قوية حديثة تلبي مطالب المصريين وتطلعاتهم نحو المستقبل. من جهته، قال مستشار رئيس الوزراء المصري، لشؤون الانتخابات رفعت قمصان، إن الحكومة تبذل غاية جهدها، لإجراء انتخابات شفافة ونزيهة. استنفار أمني وبالسياق، ووسط استعدادات، أمنية وعسكرية، غير مسبوقة، وضعت الحكومة المصرية قرابة نصف مليون جندي وضابط، إضافة للقوات الخاصة وعناصر التدخل السريع، ذات المستوى العالي جداً من التدريب، بعد ورود معلومات تفيد بتخطيط تنظيم الإخوان لاستهدافها، ونشر الفوضى، مُستغلاً انشغال قوات الأمن، والجيش بتأمين الانتخابات. وكشف مصدر سيادي، عن تشكيل غرفة عمليات تضم وزير الدفاع ورئيس الأركان ومدير المخابرات، وقيادات عسكرية رفيعة، لمتابعة تطورات الأوضاع. وأوضح أن الأجهزة الأمنية اتخذت إجراءات استباقية لمنع وصول عناصر الإخوان لأهدافها، إضافة لنشر أكمنة ثابتة ومتحركة قرب لجان الاقتراع لضبط العناصر المشتبه بها، وسيشرف الحرس الجمهوري على تأمين مبنى الإذاعة والتليفزيون بعد رفع حالة الطوارئ فيه، إضافة إلى تأمين عدد من مهابط الطائرات والقصور الرئاسية. وكذلك مطار القاهرة، بعد ورود معلومات تفيد بتخطيط عناصر الإخوان لتعطيل حركة الملاحة الجوية. ووفق المتحدث الرسمي للداخلية، اللواء هاني عبداللطيف، فإنه التشديد الأمني سيمتد للمنشآت الهامة والشرطية والأقسام والمراكز والسجون، عبر نشر مجموعات قتالية من قوات العمليات الخاصة مسلحة بالذخيرة الحية، وأضاف إن خطة تأمين الانتخابات تتضمن كل السيناريوهات المتوقعة، ابتداء من سيناريو إثارة أعمال الشغب من خلال ممارسات تنظيم الإخوان الإرهابي، أو محاولات الهجوم على اللجان الانتخابية. لا تأكيد.. لا نفي إلى ذلك، التزمت جماعة الإخوان، الصمت حيال ما كشفته وسائل إعلام، أمس، عن مبادرة تقدم بها عضو المكتب التنفيذي لحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان، د. عمرو دراج، لمسؤولين بالحكومة، تتضمن تنازلات سياسية كبيرة، مقابل السماح بعودة الجماعة إلى المشهد السياسي. وبينما لم تنف الجماعة أو تؤكد، فإن العرض الذي قدمه دراج لشخصيات مقربة من مركز صناعة القرار في مصر يتضمن إنهاء الملاحقات الأمنية لشباب الجماعة، والإفراج عن القيادات غير المتورطة في عمليات عنف، وفي المقابل تتوقف الجماعة عن المطالبة بعودة مرسي إلى الحكم، وتتعهد بتقديم اعتذار للشعب عن كل الجرائم التي قامت بها. ووفق الأنباء، فإن السلطات المصرية أجلت البت في المبادرة حتى انتهاء الانتخابات، على أن يبتّ الرئيس الجديد في هذا الملف.