افتتحت فريدة محمد علي فارسي حديثها عن "حكايات المدن" في لقاء الصالون الثقافي بنادي جدة الأدبي أمس الأول بمقولة عبدالرحمن المنيف "هناك مدن نسكنها ومدن تسكننا" لتسترسل في استعادتها حكايات المدن وحكايتها معها، ولأن المدن تولد وتنمو أحيانا تشيخ لكنها لا تموت أبدا، وبدأت بالمدينة الأولى التي اختارها رب العالمين مكةالمكرمة (أم القرى) وأوضحت أنها مدينة عرفت التحضر منذ الأزل وسكن أهلها المنازل ولم يسكنوا الخيام الا في الحج، وهي أول مكان في العالم الذي عرف التمدن في كل انحاء الأرض وعرف معنى الوظائف نظرا لتميزها بالحج، ومكة هي عاصمة الحجاز ثم عاصمة السعودية إلى وفاة الملك عبدالعزيز رحمة الله عليه. وكانت أول حكاية من مكة لهاشم جد الرسول - صلى الله عليه - والذي عقد اتفاقيات مع كل القبائل التي تمر على قريش بعدم الاعتداء عليهم مقابل اعطائهم ما يحتاجونه من مواد غذائية، تأتي بها القوافل التجارية التابعة لقريش، مشيرة لتحول مكة بعد القرن الأول الاسلامي الى سبيكة من مختلف دول العالم، وتحول المجتمع المكي الى خليط من ثقافات عدة كونت الثقافة المكية. وتطرقت فارسي الى بعض مظاهر الحضارة المكية التي كان لها السبق في تعريف الأمم بالوقف، حيث كان الوقف حتى للخيول ومعالجة الجمال، وكان هناك وقف (الزبدية) وهو لمساعدة الصبيان من العبيد الذين تسقط من أيديهم (زبدية اللبن) في طريقهم الى المنزل، وتكسر لتعويضه أخرى تصد عنه غضب سيده، وكان في مكة المشيخة لحماية المهن التي تمثل النقابات في المتحضر. ثم تحدثت عن القاهرة درة عقد مصر (الهانم التي لا تذبل)، واختارت العديد من الحكايات من مدينة القاهرة حكاية جوهر الصقلي، الأزهر الذي بناه الفاطميون ليتم تشييع المصريين لكنه تحول الى منارة للوسطية، تحدثت عن الفنون وأدب نجيب محفوظ واحسان عبدالقدوس ويوسف السباعي، وصالون مي زيادة وعباس العقاد، ثم تحدثت عن (بيروتالمدينة المثقفة)، وأهلها الذين فرقتهم الديانات والاحزاب وجمعتهم الثقافة، وتطرقت في حديثها عن المبادرات التي تظهر في المجتمعات نتيجة الوعي وتجدد حياة المجتمع مثل مبادرة (الندوة اللبنانية) والثلاثي الرحباني. وانتقلت بعدها للحديث عن باريس وحضورها، مستشهدة باحتفالها بالحصول على كأس العالم عام 1998 م، وختمت بقرطبة الابنة التي أخذت من دمشق الكثير من صفاتها بشوارعها وأشجار الياسمين والبرتقال ومصنع السيوف الذي أنشأه العرب.