ينطلق غداً معرض القاهرة الدولي للكتاب وسط آمال وتطلعات من قبل الناشرين والمثقفين على حد سواء، إذ على الرغم من ضمور حالة القراءة والاهتمام بالكتاب إلا أن الأمل يحدو الجميع لاستعادة الكتاب دوره السابق، وإذا كان الناشرون يعانون شحا في الإقبال أو تراجعا في عملية الشراء، فإن ذلك قد يعود لأسباب كثيرة. ولعل من المناسب هنا أن نضع هذه الهموم أمام القارئ، فهي مناسبة في هذا الوقت بالتحديد، خاصة أن معرض القاهرة يحظى بإقبال جماهيري شديد قد لا يحدث في عاصمة عربية أخرى. وركزت آراء الناشرين المصريين على أن المشكلة الأساسية هي ارتفاع سعر الكتاب بسبب ارتفاع أسعار الخامات التي تستورد من الخارج. ويؤكد طارق حسن مسئول النشر بدار نهضة مصر أن الدول العربية تستكمل احتياجاتها من الورق الخام باستيراد 80 في المائة منه من الخارج بأسعار مرتفعة، مما يؤدي إلى ارتفاع سعر الكتاب، مشيراً إلى تراجع ترتيب الكتاب في أولويات البيت المصري إلى المركز بعد الأخير، بسبب ارتفاع الأسعار وانخفاض مستوى التعليم وانتشار الأمية. ويكشف طارق حسن مشكلة أخرى هي تحول عدد كبير من أصحاب المكتبات إلى مهن أخرى، مما اثر بالسلب على تسويق الكتاب، وعلى سبيل المثال فإن شارع الفجالة بالقاهرة لم نجد فيه منذ ثلاثين عاماً غير المكتبات. أما الآن فقد تحولت المكتبات إلى محلات للسيراميك، وهكذا أصبحت منافذ البيع غير كافية لتسويق الكتاب. ويرى محمد السيد سابق رئيس مجلس إدارة دار الفتح للإعلام العربي أن هناك عدة أسباب أدت إلى تراجع نشر الكتاب، وتتمثل في ارتفاع أسعار المواد الخام مثل الورق والأحبار، وعدم وجود كيانات رسمية ترعى مهنة النشر، إضافة إلى زيادة تكلفة الجمارك على الكتب الواردة والصادرة عن تكلفة الكتاب. ويؤكد السيد سابق أهمية زيادة التعاون المشترك بين الدول العربية لترويج الكتب ورعاية الناشرين، وزيادة فاعلية معارض الكتب وتنسيق مواعيدها، وإنشاء شركات توزيع متخصصة تعمل وفق أساليب التسويق العلمية الحديثة. ولا بد من الاهتمام كذلك بالتدريب المهني ورفع مستوى العاملين في مجال النشر. ويوضح حسن خفاجة رئيس مجلس إدارة دار النشر والتوزيع الإسلامية أن من أهم المشكلات التي تعانيها حركة النشر تحصيل الجمارك على الكتب والورق عند دخولها البلاد، مما يجعل الناشر يرفع سعر الكتاب. ويشير ماجد أحمد يحيى مدير المكتب المصري الحديث للنشر والتوزيع أن القارئ لا يجد وقتاً للاطلاع والحصول على المعلومة من الكتاب بتأن، وذلك بسبب عصر السرعة ووسائل التقنية الحديثة، فقد أصبحت الاسطوانات والكمبيوتر والإنترنت والقنوات الفضائية مصادر معلومات سريعة، مما جعل المتلقي يرغب في الحصول على أكبر كم من المعلومات في أقصر وقت. موضحاً أن مصاريف الإعلانات والدعاية للكتاب تفوق تكلفته. وينتقل ماجد يحيى إلى مشكلة أخرى هي تزايد حالات القرصنة، فهناك بعض الكتب التي ننشرها .. يقوم بعض الناشرين غير الأمناء بنسخها وتوزيعها في دول أخرى لا تصل إليها كتبنا لأسباب اقتصادية، وفي بعض الأحيان يطبع المؤلف الكتاب في مكان آخر ليحصل على المال من هنا وهناك، وذلك بدلاً من أن يتكاتف مع الناشر للبحث عن حل للأزمة. ويرجع د. يحيى الأحمدي رئيس مجلس إدارة الأحمدي أزمة النشر إلى غياب الوعي، والإغراء الذي تقدمه الوسائط الحديثة التي يتسم بعضها بالاستسهال والتبسيط ومخاطبة الغرائز، وبسبب غياب الوعي فإن الكتاب الثقافي الجيد لا يلقى القبول لدى قطاع كبير من المجتمع ممن يغلب عليهم الوعي المغيب أو المستنزف في الوسائط الأكثر إغراء. ويؤكد الأحمدي أهمية دعم اتجاه دور النشر الرزينة في عدم نشرها كتب الفضائح والفن الهابط، ويمكن دعم هذه الدور بتمويل كتب بعينها كما تفعل بعض المراكز الثقافية الأوروبية والأمريكية التي تقدم كتباً لبعض دور النشر لترجمتها ونشرها وشراء عدد محدد من النسخ، بما يغطي التكاليف الأولية. كما يمكن أن يكون الدعم أيضاً بتوجيه جزء من ميزانيات المؤسسات الثقافية لشراء نسخ من الكتب وتوزيعها على المراكز الثقافية. وتؤكد مسئولة بالدار العربية للنشر والتوزيع أن هناك ضغوطات تمارس على دور النشر من جهات أجنبية وبإغراءات مادية لنشر أفكار ومضامين غربية تتيح لها بناء أرضية بين القراء العرب، وفي مقابل ذلك تتعهد بشراء عدد من النسخ تتراوح بين 1000 و2000 نسخة وهذه الكتب المطلوبة تحمل أفكارا مسممة لعقول أطفالنا، ولا تتفق مع ديننا ولا ثقافتنا. أما الناشر محمد هاشم رئيس مجلس إدارة دار ميريت للنشر فيؤكد أن المشكلة الأولى التي تواجهه هي اختيار النص، حيث تختار كل دار نشر الكتب التي تتفق مع المعايير التي تضعها. ماجد أحمد محمد هاشم