(يؤلمني حقا ان تقليد الأجانب وظائف يتعاملون بها مع الجمهور مباشرة مثل وظائف السكرتارية فيعسفون في تعاملهم مع المواطنين بطريقة فظة وغير كريمة، وما زلت أسمع بالسعودة دون أن أراها مطبقة على أرض الواقع، فما زال أولئك الأجانب على رأس تلك الوظائف، ومازال المواطن يلقى منهم ذلك التعامل المهين والسيئ). وأقصد بها تنازل أرباب العمل عن شروطهم التعجيزية حين يكون المتقدم للعمل هو الشاب السعودي المكافح لنرى أن العوائق تتضخم أمام الشاب المحبط ككرة الثلج مما يعجل بانسحابه اليائس من سوق العمل تاركاّ الباب مشرعاّ أمام الوافدين وبتشجيع من أصحاب الأعمال الذين يتلقفون أمثال هؤلاء بمودة ويتم احتضانهم رغم افتقارهم للخبرة المطلوبة , ليتم تأهيلهم ومن ثم ائتمانهم على أسرار العمل وخفاياه في الوقت الذي نرى أن من ضمن الشروط للشاب السعودي إتقانه اللغه الإنجليزية وخبرة لا تقل عن خمس سنوات ناهيك عن إلمامه المتقن للكمبيوتر , هذه الشروط هل هي ضرورية حقاّ لأي متقدم ؟ أم أنها إسلوب (تطفيش) متقن؟ وهل انتفاء أي من هذه المتطلبات يخل حقاّ بأركان العمل؟ ثم أين هو الشاب حديث التخرج من يمتلك خبرة لا تقل عن خمس سنوات وحتى لو امتلك مثل هذه الخبرة المطلوبة هل يرضى بوظيفة متواضعة وبراتب ضئيل ؟ والسؤال الآن لأرباب العمل ممن يدعون احتضانهم الشباب من المواطنين لم لايتنازلون عن بعض من تلك الشروط كأن يلتحق الشاب حين يتم قبوله للعمل في دورة للكمبيوتر أو اللغة ولفترة محددة كي يكتسب المهارة المطلوبة وأعتقد بأن الأمر لن يكون مستحيلاّ إذا ما توفر الحماس والجدية خصوصاّ وأن لنا في الرعيل الأول من موظفي ( أرامكو) القدوة حين كان الأميون منهم يتقنون اللغة الإنجليزية في فترة وجيزة من التحاقهم بالعمل بسبب الاحتكاك والممارسة. إن رب العمل لن يخسر شيئاّ من هذه الدورات التدريبية للشاب المواطن إذا ما علمنا بأنه سوف يوفر مايدفعه من بدلات مرهقة للوافد كالسكن والسفر أو العلاج وغيره كثير لأن الشاب السعودي قنوع بما يحصل عليه من راتب حتى لو كان ضئيلاّ طلباّ للقمة العيش رغم الإسطوانة المشروخة التي مازال البعض يعزفها إذا أراد تطفيش السعودي واحتضان الغريب كأن يتم وصم المواطن بالكسل وعدم الجدية وحب الأعمال المريحة والمكاتب الوثيرة رغم أن الكلام ( يغث) من كثر ماتم ترديده إلا أن البعض ما زال يعزف على تلك النغمات القديمة من عهد الطفرة , ولا يرون كيف تغيرت الأحوال وتبدلت ليرضى الشاب بأكثر الأعمال تواضعاّ طلباّ للستر والعفاف له أو لأسرته. وأقول لمن يطبل فرحاّ برؤية شاب سعودي خريج الثانوية أو المعاهد وهو يكنس الشوارع أو يغسل السيارات ويهلل لمرآه صحيح أنه عصامي ولم يرض بالتقاعس أو انتظار أن تمطر السماء ذهباّ ليعيش ويتمرغ في النعيم أقول قبل أن تهللوا لمرآهم هل قام مسؤولونا الكرام ممن تبنوا قضية السعودة حديث الساعة بعمل ( جرد ) سريع للمؤسسات الحكومية والخاصة من شركات أو مستشفيات سواء كانت تتبع للوزارة أو التعليم العالي وغيره من قطاعات الدولة ليروا بأم أعينهم تسّيد الوافدين من الجنسين للوظائف التي لا تحتاج لجهد أو عبقرية وتحكمهم في مصائر الشباب إذا ماشاء حظهم العاثر أن يعملوا تحت إشرافهم ليبدأ مسلسل الهجرة إلى الشارع فالشباب من المواطنين غير جادين ومتسيبون والتقارير المجحفة تتضخم ليتم إقصاؤهم خوفاّ من المنافسة رغم علمنا بأنها لن تكون متكافئة نظراّ لما يتمتع به الوافد من حظوة . ولكي لا يتهمني البعض بالعنصرية ضد الوافدين اقول إنني أحس بالألم حين أتعرض للمهانة وسوء المعاملة في بلدي الذي أفتخر بانه كان ولا يزال مضيافاّ ويتمتع فيه أشقاؤنا بالمعاملة الحسنة مقارنة ببعض الدول الأخرى أتالم حقاّ وأنا إبنة البلد من رؤية من يتقلد وظائف تعنى بالتعامل المباشر مع الجمهور كالسكرتارية وغيرها من تعامل فظ من قبل هؤلاء كأنك تتوسل الكلمة والرد توسلاّ وشحاذة حتى لو كنت في مؤسسات خاصة ودفعت لهم أتعاب تلك الأعمال , ألقوا ياسادة نظرة سريعة إذا سمحت ضمائركم اليقظة إلى تلك المؤسسات المتنوعة لتروا كما رأيت وعايشت كم هي نكتة كلمة السعودة حين ترون موظفين قد عفى عليهم الزمن مازالوا على رأس تلك الوظائف منذ مايربو على ربع قرن من الزمن ويأبى مسؤولونا الكرام إنهاء عقودهم لتحل الدماء الجديدة من ابناء الوطن بدلاّ منهم ابحثوا عن أمثال هؤلاء في كل مكان من الأرشيف والاستقبال إلى السكرتارية وغيرها كثير ولا داعي لذكر الأماكن التي يتواجد بها أولئك الوافدون فبالتأكيد رأيتموهم وتعاملتم وما زلتم تماماّ كما لا أزال أراهم وأحتك بهم بينما شبابنا من الجنسين يهيم على وجهه وهو يحمل ملفاته بكل يأس ليتلقفها الوافد الشقيق وهو يعده بأن يتم درس أوراقه إن كان يصلح للعمل أم لا وبأننا سوف نعلمك لاحقاّ إن تم قبولك ويافرحتنا. ومن محاسن الصدف أن أرى يوماً ما إحدى الأخوات من البلاد العربية وهي تتفقد سير العمل في إحدى المؤسسات المصرفية وتشرف على الموظفات السعوديات وهي تتجول بين المكاتب فوجدتها فرصة لأسأل إحداهن عن وظيفة تلك السيدة لأفاجأ بأنها رئيسة الفروع جميعها فهل عجزت تلك المؤسسة عن إيجاد فتاة سعودية ذات كفاءة وشهادة جامعية وما أكثرهن الآن لتحل محلها..؟ حقاّ إنه لأمر غريب جعلني أعلق بقولي سلموا لي على سعودتنا يامسؤلون. لذا قبل ان تطبلوا فرحاّ لكل سعودي شابا كان أم شابة قبل بأي عمل متواضع ووظيفة لا تزيد عن الألف والمائتي ريال وهي لا تكفي للبنزين أو الأكل وأتمنى أن تحذف تلك الوظائف من قاموس مجتمعنا نظراّ للغلاء الفاحش الذي بات سمة من سمات عصرنا, أتمنى من مسؤولينا الكرام إشعال جذوة روح المواطنة المنطفئة منذ زمن بعيد وعمل جرد جديد للمؤسسات لمصلحة الشاب المواطن والشابة ابنة البلد فهم الأجدر للقيام بنهضة وطننا والذي هو في أمس الحاجة لهذه الدماء الشابة من غيرها مع خالص احترامنا لمن ساهم في بناء وطننا من الأشقاء وتقديرنا لجهودهم ولكن الزمن قد تغير وشبابنا في ازدياد والبطالة أصبحت مفزعة وياخوفنا من الأيام القادمة.