رغم الدعوات المتزايدة داخل الولاياتالمتحدة للخروج من عباءة أوبك النفطية تغازل واشنطن الدول المصدرة للنفط لزيادة المعروض النفطي لخفض معدلات الأسعار بالسوق الدولية التي تنعكس سلبا على النمو بالدولة ذات الاقتصاد الأكبر فى العالم. وجاءت مطالبة وزير الخزانة الامريكى جون سنو للدول العربية بزيادة إنتاجها النفطى للسيطرة على انفلات الاسعار بالسوق الدولية والتي تجاوزت 50 دولارا للبرميل الواحد لتؤكد الدور الحيوي الذي تلعبه أوبك في ضبط ايقاع سوق النفط الدولية وفشل ادعاءات السياسيين الامريكيين بشأن الاستغناء عن أوبك وتحقيق الاستقلال النفطي للولايات المتحدة لتجاوز الصدمات النفطية. ويشدد وزير الخزانة الأمريكي على أهمية استجابة أوبك لمطالب واشنطن بشأن زيادة المعروض النفط لدعم نمو الناتج المحلى الاجمالي والسيطرة على معدل التضخم خلافا لما يردده عدد من المؤسسات السياسية والاقتصادية الامريكية من امكانية الاعتماد على استيراد النفط من مناطق اخرى بديلة للدول الاعضاء بأوبك. وتشير الاحصائيات الى أن أوبك زادت من انتاجها النفطى بنحو 2.5 مليون برميل يوميا العام الحالي للسيطرة على الاسعار المتصاعدة بسوق النفط الدولية. وأوضحت وزارة الطاقة الامريكية ان واشنطن استوردت 9.7 مليون برميل عام 2003 (كان متوسط سعر البرميل 30 دولارا) مقابل 9.1 مليون برميل يوميا عام .2000 ورغم مطالبة المرشح الديمقرطي للرئاسة جون كيرى بضرورة تحقيق الاستقلال النفطي وارتفاع الاسعار يعارض الديمقراطيون والجمهوريون المعتدلون تخفيض معدلات استيراد النفط بالولاياتالمتحدة. ويؤيد محللون اقتصاديون أمريكيون التنقيب عن النفط في منطقة ألاسكا لتقليل معدلات النفط المستوردة من الخارج رغم معارضة وزارة الطاقة وسعي ادارة بوش الى زيادة الاحتياطيات النفطية الامريكية. وأوضح خبير النفط الامريكي اندرو ماكنلوب ان اعتماد واشنطن على استيراد النفط من الدول الأعضاء بأوبك سيتواصل فى ضوء المشكلات التى يعانيها العديد من الدول المنتجة كروسيا ونيجيريا وفنزويلا. و أبدت المملكة والإمارات العربية المتحدة اللتان تنتجان حوالي 50 في المائة من إنتاج أوبك النفطي استعداداهما لاتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة الاستقرار إلى سوق النفط الدولي. وأوضحت المملكة انها سوف تبقي على معدلات الزيادة فى انتاجها والتى تتراوح بين 1.5 و2 مليون برميل يوميا خلال الفترة القادمة للحفاظ على استقرار السوق الدولية. وبلغ اجمالي انتاج أوبك 30.5 مليون برميل يوميا في سبتمبر الماضى مقابل 29.9 مليون برميل في أغسطس الماضي. ويرى محللون اقتصاديون امريكيون ان الدعوة لتحقيق الاستقلال النفطي الامريكي تقف وراءها دوافع انتخابية وسياسية لانها تبدو غير واقعية فى ضوء تزايد معدلات الطلب العالمي على النفط. وأوضح خبير النفط الامريكي جيري تايلور ان الرئيس الامريكي جورج بوش والمرشح الديمقراطي للانتخابات الرئاسية القادمة جون كيري يدركان تماما ان تحقيق الاستقلال النفطي أمر مستبعد في ضوء استراتيجية النفط الامريكية المتعلقة بزيادة معدلات الاستيراد لتوفير الاحتياجات المحلية واعادة بناء المخزون النفطي الامريكي. وأضاف: ان ارتفاع أسعار النفط بالسوق الدولية ليست دافعا لصياغة استراتيجية نفط امريكية جديدة لان اسعار النفط والوقود تزيد بالدول المصدرة والمستوردة للنفط على قدم المساواة. وأشار الى ان اقتصاد الولاياتالمتحدة لديه القدرة على مواجهة الصدمات النفطية التى لا يمكنها ان تحدث التأثير الذى افرزته خلال ازمة النفط بالسبعينيات من القرن الماضي منوها الى ان الثورة الاسلامية بإيران عام 1979 أدت الى زيادة اسعار النفط في دولة منتجة له كبريطانيا ودولة مستوردة كاليابان على حد سواء. ويطالب السيناتور الديمقراطي جون كيري ادارة الرئيس بوش بممارسة ضغوط على منظمة (أوبك) والتقدم بشكاوى ضدها بمنظمة التجارة العالمية لدفعها الى زيادة الانتاج. ويرى المحللون الامريكيون ايضا ان أوبك لا يمكنها حظر تصدير النفط للسوق الامريكية والدولية نظرا إلى اعتماد اقتصادياتها على الصادرات النفطية بصورة رئيسية. وأوضح المحلل جيري تايلور ان تقليل الولاياتالمتحدة لكميات النفط التي تستوردها من دول الشرق الاوسط لن يعني شيئا لان دولا اخرى سوف تقوم بشراء الكميات التي تحجم الولاياتالمتحدة عن شرائها. وأضاف: ان الولاياتالمتحدة ينبغي ان تواصل استيراد النفط بنفس المعدلات الحالية رغم ارتفاع اسعاره بالسوق الدولية لمواجهة القلق المتزايد والناجم عن احتمال تراجع المخزون النفطي الامريكي قبل حلول فصل الشتاء القادم. وفي السياق نفسه انخفض معدل انتاج النفط الامريكى بنحو 75 فى المائة بمنطقة خليج المكسيك نتيجة اعصار ايفان الذى أدي أيضا الى تقليص انتاج مصانع تكرير النفط بنحو 10 15%. ويخشى خبير النفط الامريكي كريستوفر بيلو من التداعيات الخطيرة الناجمة عن تراجع مخزون النفط الامريكي نتيجة انخفاض معدلات الانتاج. وتشير احصائيات وزارة الطاقة الامريكية الى ان احتياطيات النفط الامريكي للمرة السابعة على التوالي انخفضت بنحو 2.5% لتصل إلى 278.6 مليون برميل الاسبوع الماضي. ويرى خبير النفط كريستوفر بيلو ان مصانع تكرير النفط الامريكية سوف تضطر الى الاعتماد على المخزون النفطى لتعويض تراجع معدلات استيراد النفط بنحو 1.5 مليون برميل يوميا الاسبوع الماضى بسبب تأخر عمليات الشحن.