أثارت الاستراتيجية النفطية التى تنفذها الولاياتالمتحدة بشأن زيادة احتياطياتها النفطية المخاوف من استمرار ارتفاع أسعار النفط بالأسواق العالمية والتى باتت مصدر تهديد لنمو الاقتصاد العالمي. وتمارس واشنطن ضغوطا على منظمة الاقطار المصدرة للنفط أوبك لدفعها الى زيادة انتاجها النفطى للسيطرة على معدل أسعار النفط المرتفعة بالسوق العالمية.ويطالب الديمقراطيون ادارة الرئيس بوش باحالة قضية النفط الى منظمة التجارة العالمية حال رفض أوبك زيادة صادراتها النفطية لتخفيض الأسعار وكبح معدلات التضخم وارتفاع أسعار السلع بالدول المستوردة للنفط. وأوضحوا ان أوبك التى تضم أعضاء بمنظمة التجارة العالمية تواجه اتهامات بالاضرار باجراءات التجارة والمنافسة الحرة. ويرى الديمقراطيون ان قوانين منظمة التجارة العالمية تحظر على أى عضو تخفيض الانتاج لضمان زيادة الأسعار كما فعلت أوبك عندما قررت تخفيض انتاجها النفطى للحصول على المزيد من المكاسب. وأشاروا الى ان ادارة بوش ينبغى عليها التقدم بشكوى ضد أوبك الى منظمة التجارة العالمية لان ست دول بأوبك أعضاء بمنظمة التجارة هي: الكويت واندونيسيا ونيجريا وقطر وفنزويلا والامارات العربية المتحدة. ويطالب الديمقراطيون ادارة الرئيس بوش بتعليق خططها لزيادة الاحتياطى النفطى الأمريكي وضخ حوالى 60 مليون برميل بالسوق الامريكية للتخفيف من التداعيات السلبية لارتفاع أسعار النفط على الامريكيين والدول المستوردة للنفط. ورفضت وزارة الطاقة الامريكية فكرة ضخ البترول من الاحتياطي الأمريكى بالسوق حيث أوضح وزير الطاقة سبنسر ابراهام ان الاحتياطى النفطى لا يمكن توجيهه لمواجهة الزيادة فى الأسعار بل انه يستهدف توفير الحماية للأمريكيين والمستهلكين فى أوقات الطوارئ. وفى السياق نفسه ألقى الارتفاع المستمر لأسعار النفط بتداعياته السلبية على الاقتصاد الأمريكى. وقال السيناتور الديمقراطى دارلين هولى من ولاية اوريجونان أوريجون اكثر الولاياتالامريكية تأثرا بارتفاع النفط حيث ارتفع معدل البطالة الى 2,7% - أعلى من المعدل الرسمى للبطالة على مستوى الولاياتالمتحدة والذى وصل الى 7,5% - وتعانى صناعة التكنولوجيا والزراعة بالولاية من تراجعا فى النمو. وتستورد الولاياتالمتحدة ربع انتاج النفط العالمى الذى وصل حاليا الى 79 مليون برميل يوميا. ويرى خبير النفط الامريكي ادوارد ياردى ان ارتفاع اسعار النفط ترجع فى جانب كبير منها الى زيادة الواردات الصينية من النفط تعد الصين ثانى اكبر مستورد للنفط فى العالم بعد الولاياتالمتحدة والتوتر بمنطقة الشرق الاوسط الذى يأتى منه 54% من امدادات النفط العالمية وأوضح خبير النفط الاميركى بون بيكين ان اسعار النفط سوف ترتفع الى نحو 45 دولارا خلال الاسابيع القادمة نتيجة انخفاض المعروض وتزايد معدل الطلب بالسوق العالمية. وأشار الى ان تعليق عمليات زيادة الاحتياطى النفطى الامريكى سوف يسهم فى خفض اسعار النفط بالاسواق العالمية.الا ان مسؤولى الطاقة الامريكيين يفضلون القاء اللوم على أوبك التى خفضت انتاجها بنحو مليون برميل يوميا فى ابريل الماضى رغم تزايد معدلات الطلب على النفط. ويرى محللون غربيون ان الارتفاع القياسى لاسعار النفط يضر بالاقتصاد الامريكى اكبر اقتصاد عالمى بناتج محلى إجمالى يصل إلى 10 تريليونات دولار لكون الولاياتالمتحدة اكبر مستورد للنفط على المستوى العالمى. وقال المحلل آلف يونج ان مصالح شركات النفط الامريكية والدول الاعضاء بمنظمة الاقطار المصدرة للنفط أوبك سوف تتأثر أيضا بالارتفاع الملحوظ فى أسعار النفط بالسوق العالمية التى زادت بنحو 22% العام الحالى.وأشار إلى ان الولاياتالمتحدة والاقتصاد العالمى يواجه أزمة حقيقية نتيجة تجاوز أسعار النفط حاجز 40 دولاراً لاول مرة منذ بداية التسعينيات. ويحذر خبراء اقتصاديون غربيون من احتمالات رفع البنك المركزى الأوروبى وبنك الاحتياطى الفيدرالى لمعدل الفائدة بسبب الارتفاع القياسى لاسعار النفط واحتمال زيادة التضخم. وأوضحوا ان الاسباب الرئيسية لارتفاع اسعار النفط بالسوق العالمية ترجع إلى تزايد معدل التوتر بمنطقة الشرق الاوسط نتيجة تصاعد عمليات المقاومة العراقية وحالة عدم الاستقرار بالمناطق الفلسطينية وتخفيض اوبك لمعدل الانتاج واتجاه الولاياتالمتحدة إلى زيادة مخزونها النفطى وتزايد الطلب الصينى على النفط تعتبر بكين ثانى أكبر مستورد للنفط فى العالم بعد الولاياتالمتحدة. وتزايدت مخاوف رؤساء البنوك المركزية فى غالبية دول العالم من احتمالات تزايد معدلات التضخم نتيجة ارتفاع أسعار النفط بالسوق العالمية. وحذر بنك انجلترا المركزى الذى رفع الفائدة بنحو ربع نقطة مئوية لتصل إلى 25,4% مؤخرا لتفادى زيادة التضخم وأسعار السلع من ارتفاع التضخم بالدول الكبرى والنامية من جراء الارتفاع القياسى فى أسعار النفط. وقد أبقى البنك المركزى الاوروبى الفائدة عند معدلها الحالى 2% رغم تحذير رئيسه جون كلود تريشيه من التداعيات السلبية لارتفاع أسعار النفط العالمية عن معدلات أسعار السلع والتضخم الذى تشير التوقعات إلى ارتفاعه إلى 2% خلال الاشهر القليلة المقبلة حال استمرار الزيادة فى اسعار النفط بالسوق العالمية. ودعا تريشيه أوبك إلى تحمل مسؤولياتها لاعادة الاستقرار إلى سوق النفط العالمية رغم تأكيد اوبك على انها بريئة من الارتفاع القياسى لاسعار النفط عالميا. ومن جانبه أوضح آلان غرينسبان رئيس الاحتياطى الفيدرالى الامريكى ان الارتفاع الملحوظ لاسعار النفط والغاز سوف ينعكس سلبا على الاقتصاد الامريكى على المدى الطويل. وألمح غرينسبان إلى احتمال زيادة معدل الفائدة للسيطرة على معدل التضخم.