في كل وقت ومكان نجد الآباء والأمهات يتحدثون عن أبنائهم ويطلقون عليهم الصفات الذميمة او الحميدة قد يتذمرون وينزعجون فيتحدثون عن المعاناة مع طبائع الأبناء وسلوكياتهم المزعجة وقد يسمع الأبناء هذه الصفات التي يتفوه بها الأهل فيها أمام الأصدقاء او أفراد الأسرة او حتى الغرباء, ولكن ماذا عن الأبناء هل يتقبلون كل هذا.. أم ينزعجون ماذا. لو أنهم افصحوا عن آرائهم أيضا أمام الناس في اهلهم ... الحقيقة ان هذه الرغبة موجودة ولكن الأبناء لا يفصحون عنها الا لأصدقائهم فقط لذا حاولنا هنا أن نكون بمثابة الأصدقاء ونستمع لهم.. لقد قالوا الكثير وفجروا المفاجآت. لا تعجبني تصرفاته سامر نصر 14 سنة: أحب أبي هذا أكيد ولكن الكثير من تصرفاته لا يعجبني وهو يفعلها لأنه الاب وكبير البيت فقط مع انها غير صحيحة .. أنه يتدخل في اتفه الأمور ويكدر علينا لحظات حلوة فقط لأنه لا يريد هذا الشيء ومثال على ذلك اذا ذهبنا الى المطعم معا وهذا نادر يسألنا ماذا تريدون وفي النهاية يبدأ بإظهار عيب هذا الطبق وذاك ويقترح ان نأكل شيئا آخر وإذا رفضاه يصر عليه وفي النهاية يطلب هو ما يريد لنا جميعا ومثل هذا يحدث في كثير من الأشياء فهو يجبرني على ما يريد مع انه ما نريده لا يكلفه شيئا. الخوف منه هو ما يربطني به ويتحدث صالح عن والده .. كل ما يربطني بوالدي هو الخوف منه, وقد زرع الخوف في نفسي بصوته المرتفع منذ أن كنت طفلا وأنا اليوم في الثالثة عشرة ومازلت ارتعب من مجرد معرفتي ان والدي في المنزل, انه (يصارخ) طوال الوقت فينا جميعا ومع أن أمي بعكسه تماما إلا أن هذا لا ينفع طالما هو موجود في البيت ..لا اذكر اني سمعت منه يوما كلمة لطيفة فهو ينادينا ب (تعال يا ولد تعالي يا بنت ) حتى أسماؤنا كأنه نسيها, انني اكره اللحظات التي تضطر فيها للبقاء معه في غرفة واحدة. احلم دائما بأم مختلفة ويرى ناصر بن سالم أنه لا مشكلة مع والده وانما مع أمه التي من شدة خوفها عليه تكاد تحنقه انا الآن في الخامسة عشرة ومع هذا غير مسموح لي بالخروج مع أصدقائي ويسمح لي بمحادثتهم عند الباب لدقائق ولو طال الأمر أجدها واقفة خلف الباب تنادي بصوت عال حتى تجعلهم يذهبون.. ان تعاملني كفتاة وهذا ما جعلني اضطر للكذب عليها كلما خرجت في أمر ما مع السائق لشراء حاجيات للبيت مثلا أظل ابحث عن أي مكان اذهب اليه وانادي أصدقائي ويطول غيابي وتلاحقني بالهاتف وانا أتحجج كل مرة بحجة وعندما اعود افقد الشعور (بالوناسة) التي استمتعت بها نظرا لحالة الصراخ والحكم والأمثال التي تبدأ بتكرارها .. لدرجة اني أتمنى أن لا تكون هذه أمي. ليتهم يتبدلون وتحكي سارة بحزن ما تفعله بها أمها أمام الصديقات والأهل فتقول: إنها تحرجني دائما لأنها تميل إلى إضحاك الناس علي وكأني النكتة الوحيدة التي تعيدها بلا ملل, وهي لا تهتم ان سمعت هذا الكلام أولا فهي تصفني أمامهم بالكسول وتقول عني (سارة أكل ومرعى وقلة صنعة) سارة لا تفيدني في شيء سارة سريعة الغضب .. سارة لا تختار ملابسها بعناية.. لقد أصبحت لا اهتم فعلا بما تقول بل وربما أعاند واتصرف بما لا تريد كي أزيدها غيظا كما تفعل بي أمام الناس, أما في الأماكن فهي تناديني بقولها: يا غبية بالله عليكم كيف تريدون مني أن امتنع عن قول ليست الأمهات يستبدلن. افرح عندما يسافر أما وضع لمياء فهو أكثر صعوبة فهي تشعر أنها لا تعيش في أمان وراحة الا عندما يسافر والدها!! تقول لمياء : يعمل والدي بنظام الإقامة لدينا أسبوع والغياب يمتد لأسبوعين عندما يأتي تنقلب حياتنا فهو يزعجنا في تدخلاته في كل أمر من أمورنا اللبس الأكل الأصدقاء .. يتذمر طوال الوقت يصرخ في هذه ويضرب ذاك مع أن المفروض ان يحدث العكس انه يأتي الينا دون إحساس بالشوق والرغبة في تعويضنا عن غيابه لدرجة أننا نحن لم نعد نشتاق اليه واصبحنا نعد الأيام حتى تنتهي فترة إقامته معنا لنرتاح منه. أبي ثرثار كبير والدي رجل طيب ولكن يزعجني فيه أنه رجل ثرثار!! هذا ما قالته لنا نادية ذات العشرة أعوام فقط ولكنها تتحدث بلغة الكبار ولهذا قلت لها قد يكون كلام والدك الكثير هو الذي أكسبك هذا القدر من الإفصاح والقدرة على التعبير نعم.. ربما يكون .. قولك صحيح ولكن هذا لا يمنع أني أضيق بكلامه الكثير لي ولأخواني في كل الأمور انه يظل يحكي ويحكي لساعات عن التبذير مثلا لو قلت له أريد عشرة ريالات وفي النهاية يعطيني إياها ولكن بعد أن تكون البقالة أقفلت أبوابها. ولو أتحنا لهم الفرصة لقالوا أكثر وأكثر عن آبائهم وأمهاتهم الذين ربما يفكر أحدهم يوما أن يسأل أبناؤه عن رأيهم فيه ماذا يعجبهم وماذا لا يعجبهم .. ترى ما الذي يحدث لو فعلوا. يقول د. سمير إدريس أخصائي الشئون العائلية: كل ما يحتاجه الآباء والأبناء لبناء علاقة أسرية متينة هو الثقة فمن يعلم أولاده أن يثقوا به أولا قبل أن يخافوه هو الذي يستطيع ان يكسر حاجز الخوف في نفوسهم واعني الخوف المرضي وليس الخوف الذي ينبع من احترام الأب وهيبته وكذلك الام أيضا. كم هو جميل أن نستمع لأولادنا كما يستمعون إلينا في كل الحالات فهذا الاستماع لهم ومناقشتهم يدخل الطمأنينة الى قلوبهم ويجعلهم أكثر قدرة على المصارحة وهذه لها حسنات كثيرة لو وجدت في الجو الأسري, فالحياة اليوم تتطلب الكثير من التعاون لمواجهة الصعوبات فيها وبدون وضوح وتبادل للآراء لن يكون هناك أسرة مترابطة ومتحابة ومتعاونة لمواجهة المصاعب المادية والاجتماعية المختلفة.