ازداد مؤخرا الحديث عن هروب الطلبة والطالبات من المدارس بشكل ملاحظ وكبير، ومع ان تلك الظاهرة خطيرة وقد تشكل وباء يصل الى حد يصعب السيطرة عليه، فانه اصبح امرا يمر على الاسماع ويمضي كما لو كان امرا طبيعيا!! فقفز الطلاب من فوق أسوار مدارسهم الى الشارع اصبح بسهولة انتقال الطلبة ما بين الصفوف!فلم كل هذا التباطؤ في وضع حد قاطع لعلاج هذه الظاهرة غير الصحية..؟! وما دوافعها؟ وما اشكالها وتطوراتها؟ هذا ما حاولت "كل الدنيا" تقصيه من خلال هذا التحقيق: @ ما أسباب هروب الطلبة او الطالبات من المدارس؟ سؤال طرحناه على عدد من الاشخاص، وكان الرأي الاول للطالبة "أماني الرشدان". شعور بالنقص تقول: قد يكون الضغط المدرسي مثل المقررات الكثيرة في المرحلة الثانوية التي تحتاج الى تحضير يومي سببا في هروب البعض من المدرسة، وخصوصا ان كانت هناك مشاكل مادية وظروف منزلية صعبة تجعل الطالب يذهب الى المدرسة على مضض وغير قادر على تحمل اي ضغط خارجي آخر، ولا سيما ان لم تكن المعاملة التي يحصل عليها الطالب من زملائه جيدة، مثل ان يكون اصحابه من عوائل مترفة ماديا فيشعر الطالب انذاك بالنقص وبانه اقل من غيره فيهرب من ذلك الواقع. لا اسباب مقنعة "مريم"، طالبة في المرحلة الثانوية، تقول: لا اعتقد ان هناك اسبابا مقنعة خلف هروب الطالبات بالذات من المدرسة، لكن ربما هناك اسباب لهروب الاولاد لا اعرفها، اعتقد بان هروب الطالبات غالبا ما يكون داخل المدرسة، وذلك للتخلص من الحصص المملة او المدرسات غير المحبوبات، او الرغبة في الحديث مع بعض الصديقات، فتهرب الطالبات من الحصص ويتلاقين في مكان ما في المدرسة ليتحدثن ويتخلصن من الحصة، وهذا ما يحدث فعلا في مدرستي.. واعتقد انها بنسبة اكبر لدى طالبات المرحلة المتوسطة. المراهقة والبحث عن التميز بالخطأ اما المعلمة "نجاح ال الشيخ" فتقول: اعتقد ان اولى الاسباب هي المراهقة، فغالبا ما يشعر الاولاد في تلك المرحلة بانهم رجال قادرون على التمرد وفعل اي شيء، ولاثبات رجولتهم وقوتهم امام زملائهم يقومون ببعض الاعمال التي من بينها الهروب من المدرسة.. اما الطالبات فيقمن بذلك اما رغبة في تقليد الاولاد او لكرههن للمدرسة او الدراسة. وتضيف: لقد سمعت الكثير عن هروب الاولاد من المدرسة اما البنات فهذا ما لم اسمع عنه الا الان! الطالب: "وليد" 19 عاما، يقول: بعض الاولاد يهربون من المدرسة لان اكل المدرسة لا يعجبهم وخصوصا السندوتيشات هي هي! من اول العام الدراسي وحتى نهايته، بل حتى التشيبس انواعه محدوده ومستمرة طوال العام، فيهرب الاولاد لشراء الوجبات من المطاعم المجاورة! وهذا بالاضافة الى الهروب لاجل التدخين او لكره المدرسة او خوفا من المدرس اذا لم يؤد الطالب واجبه واحيانا "للدوارة" فقط! الطالبة "عالية الدهمان" 17 عاما، تقول: لا ارى في مدرستنا فتيات يهربن من المدرسة ولكن قد تهرب بعض الفتيات برأيي من اجل اللهو والتسلية وتضيف: احيانا ارى فتيات في الحمام ومعهن الهاتف الجوال!! ولكنني لا اسمي ذلك هروبا كما يفعل الاولاد! الضغوط والكبت المنزلي اما "دانة الجعيب" طالبة جامعية فتقول: قد يكون الملل من المدرسة بسبب بعض الحصص الجافة وخاصة ان كانت معلمة المادة لا تجيد الشرح او قاسية، وقد تكون الحصة غير مرغوب فيها فلو كانت الحصة الاخيرة مثالا تهرب الطالبة لتتخلص منها.. وتستطرد قائلة: اعرف فتيات يهربن من الجامعة لتعويض الحرمان، فهناك فتيات يتعرضن لضغوط عائلية كأن لا يسمح لهن بالخروج من المنزل وقتما يشأن وهذا هو الدافع الى هروبهن من المنزل بلا احساس بالمسئولية! الاستاذ "ماجد الوادعي" معلم مادة الدين يقول: غالبا ما يكون هروب الطلاب ايام المراجعة، حيث يقل الاهتمام باخذ الغياب ولا يكون هناك منهج يدرس فيهرب الاولاد للجلوس في المطاعم، وخاصة في اخر العام الدراسي ولا يكون في هذا الوقت اية رغبة للدراسة، كما يكثر الهروب ايام الامطار الغزيرة، حيث يشعر الطالب بالرغبة في المغامرة والتسكع في الشوارع تحت الامطار بدل البقاء في الفصل، وهذا ما الاحظه انا والكثيرون في المدرسة وخصوصا مع الطلبة المراهقين. قضية اسرية الطالبة "هبة" 20 عاما، تقول: الدوام المدرسي روتيني يسبب الملل، وقد يزداد هذا الملل عند البعض فيجعله ينقاد خلف رفقة السوء الذين ينفسون عن هذا الملل بالهروب من المدرسة وتحطيم ذلك الروتين ويتفاخرون بذلك ويعبرون عن المتعة في المغامرة والتغير، والغريب ان رفاق السوء اولئك يهربون من المدرسة لاثبات شخصياتهم امام زملائهم وذللك لعزمهم على معاندة المدرسين والادارة.. وهذا ايضا اراه يحدث مع الفتيات.. وللاسف فهن تحصلن على احترام واعجاب الزميلات! وبما انهن يجذبن الانظار اوالاسماع تنشد اليهن عند حديثهن عن كيفية الهروب وما بعده فبذلك يجدن دافعا قويا لمواصلة ذلك الانحراف! وعندما سألنا "هبة" ما الذي تعرفينه عنظروف هؤلاء الهاربات؟ قالت: اعرف فتاة هربت من المدرسة بسبب الضغوطات المنزلية عليها، حيث كانت تعيش مع زوجة والدها وكانت مستاءة كثيرا من معاملتها ومن عدم مبالاة والدها لحالها، وتعرفت اخيرا على صديقات يفهمنها في المدرسة فكانت تهرب معهن من المدرسة للمرح معهن في المجمعات ولقضاء وقت ممتع خارج المدرسة معا! وتوافقها الرأي زهراء البيات والتي تقول: اعرف الكثير من حالات الهروب ومعظم تلك الحالات كانت لفتيات يعانين من ضغوطات نفسية سيئة في البيت، احداهن كان والدها متزوجا باكثر من واحدة ولا يعرف عن ابنائه شيئا.. وبعضهن يعانين من ظروف مادية سيئة واهمال اسري كبير يجعلهن ينشغلن بالتفكير في تلك الامور فيهملن الدراسة ويفكرن في امور اخرى كالعلاقات مع الشبان لتحسين الاوضاع المالية والنفسية!! وتقول "ه.م" 18 عاما: اعرف واحدة كانت كثيرا ما تهرب من المدرسة وتعود الى المنزل ولا يحرك اهلها ساكنا تجاه ذلك ولا حتى يعيدونها الى المدرسة .. صحيح اني لا اعرف عنها الكثير لكن تقبل اهلها لهروبها بتلك البساطة يفسر الكثير! اما "مشاري" طالب في المرحلة الثانوية، فقد اكتفى بالتعليق قائلا: معظمهم كسالى ولا ينتمون الى الدراسة باي صلة! @ كيف يتم الهروب؟؟ سؤال وجهناه لعدد من الطلاب والطالبات فماذا قالوا؟ هيفاء السلوم قالت: عندما يختفي البواب عن الانظار! واحيانا قد لا يكون هناك حارس عند المدرسة حسين العلوان قال: احيانا يقفز الاولاد من على السور ويساعدون زملاءهم في القفز الى الخارج ويضيف: صديقي في مدرسة اخرى يهرب من المدرسة حيث ان البوابة بعيدة عن مكتب المدير وغالبا ما يتم ذلك في حصص الرياضة او الحصة الاخيرة، والاغلب في وقت الفسحة. بانتظار الزوج اتسلى بالمدرسة "ز. ع" في الواحدة والعشرين من العمر، تدرس في الصف الثاني ثانوي تقول: انا اكبر في العمر من زميلاتي في الفصل، ولقد رسبت في عدة صفوف دراسية واشعر بالكره الشديد للمدرسة ليس لاي سبب لكنني لا اشعر بان احدا من اهلي يهمه امر دراستي.. والواقع ان الاهتمام بي عموما معدوم في المنزل لذا فانا افضل الخروج من المدرسة في بعض الايام التي يكون فيها الجدول مليئا بالمواد المملة. وانا بصراحة انتظر الزواج واتمناه، وحتى ذلك الحين ابقى في المدرسة لاضيع الوقت حتى يأتي نصيبي! وتقول: مرة اخذت معي الى المدرسة فستانا وهربت من الحصة الاخيرة وذهبت الى الحمام وبدلت ملابسي ثم خرجت من المدرسة من البوابة بكل هدوء لاني ابدو اكبر من الطالبات سنا وجديدة في المدرسة وارتدي فستانا فحسبني البواب زائرة انهت زيارتها! احدى الفتيات المتمردات تحكي قصتها قائلة: هربت من المدرسة اكثر من مرة "وعلى المكشوف"! واصطادني الحارس اكثر من مرة والادارة وذلك ما اردته! فانا لا احب الدراسة بتاتا منذ الصغر مع ان والدي كانا حريصين على ان انهي تعليمي وادخل الجامعة بالرغم من ان والدي لايدري حتى في اي صف انا!! الا ان الظروف المادية السيئة في البيت وغياب والدي الدائم عنه وجهل امي ورغبتها في المال اسباب تجعلني اكره المدرسة، فهي لا تلبي رغباتي ولا استطيع الانتظار ثلاث سنوات اخرى حتى اتمكن من العمل والحصول على الراتب، وبما ان قرار ترك المدرسة ليس بيدي، قررت ان اجعل المدرسة هي من يتركني وشأني، فبدأت بالهروب والحصول على انذارات وفصلت اكثر من مرة وان شاء الله الفصل النهائي قريب! @ كيف يمكن الحد من الهروب، وما دور الاسرة والمدرسة في ذلك؟ ليرتاحوا ويريحوا سؤال طرحناه على عدد من الاباء والمعلمين، وقد ادلت الاستاذة "نهاد المهوس" مديرة مدرسة، بقولها: اعتقد انه للاهل دور كبير في التربية الجيدة حتى لا يكون الابناء قابلين للانصياع والانحراف، وعلى المشرفة الاجتماعية ان تكون اجتماعية بالفعل.. وتضيف: الحل برأيي ان يترك هؤلاء المستهترون المدرسة ويريحوا المشرفين والادارة ويريحوا الباقين من الانجراف معهم، لان المدرسة ليست بالنسبة لهم رغبة او ارادة بل هي رهبة واجبار وستبقى! وتقترح المعلمة "ايمان علي" زيادة عدد الحراس داخل المدرسة وخارجها وتنظيم الحصص وتوزيعها بشكل مرن غير مضغوط.. اي عدم وضع حصة الرياضيات بعد بعد حصة الفيزياء وهكذا.. السيدة ام احمد ام لطالبة في المرحلة المتوسطة وطالب في المرحلة الثانوية وعدد من الاطفال، تقول: لابد من وجود باحثة اجتماعية متخصصة للنظر في اسباب هذا الهروب، فقد يكون خلف هذه الازمة النفسية مدرسة او ضغط منهجي كبير. وتضيف: جميع ابنائي يدرسون في مدارس خاصة والمعروف ان الدراسة اكثر يسرا وسهولة في المدرسة الخاصة نظرا لاهتمام المعلمين وقلة الطلاب في الفصل الواحد والتسهيل في فترة الامتحانات واعتقد انها جميعا عوامل مؤدية لنجاح الطالب وحبه للمدرسة.. اخيرا.. تقول الطالبة "ريم المسلم": لابد من اعطاء الابن والابنة الحرية ومعاملتهم بشكل جيد وفي نفس الوقت عدم الانشغال عنهم ومراقبتهم والسؤال عنهم عند المدرسة. وتستطرد قائلة: كوني طالبة فاني اشعر بمعاناة كل زميلاتي اللاتي يقمن بمثل هذه السلوكيات الخاطئة.. انهن يهربن بدافع الهموم النفسية من مشكلات عائلية او مع المدرسة نفسها ولكنه خطأ فادح في النهاية لانه "يزيد الطين بلة" ويزيد الامر سوءا..!