في المقال السابق أشرنا إلى أن عدد الأسر السعودية التي تعتمد على التستر والمتاجرة بالعمالة السائبة كمصدر دخل رئيسي ووحيد لا يقل عن 500 ألف أسرة. وهو رقم كبير جدا يجب أن يؤخذ بالاعتبار عند اتخاذ أي قرارات تتعلق بسوق العمل، حيث إنه من الصعب جدا تجاهل الآثار السلبية التي ستواجهها هذه الأسر خلال عملية (إعادة هيكلة) سوق العمل وتنظيفه من الشوائب التي تعيق توطين الوظائف وتعيق التنمية المستدامة للاقتصاد الوطني. والمعروف أن وزارة العمل بصدد إطلاق لائحة شركات الاستقدام الموحدة، حيث ستأخذ هذه الشركات دور المستقدم الوحيد، وتقوم بإعادة تأجير العمالة المنزلية وغير المنزلية للأسر وللشركات. هذه الشركات سيكون لها دور إيجابي في الحد من ظاهرة التستر والعمالة السائبة والتقليل من العمالة الرخيصة التي تزاحم المواطن في التجارة والوظائف، كما أنها ستقلل كثيرا من سوق التأشيرات غير النظامية، ولكنها بنفس الوقت ستحرم الأسر التي أشرنا إليها من مصدر دخلها الوحيد. كحل مقترح لهذه المرحلة الانتقالية المؤلمة، يمكن أن يُطرح خيار دخول أرباب هذه الأسر في شركات الاستقدام الموحدة مقابل تخليهم عن التأشيرات المسجلة باسمهم. شركات الاستقدام الموحدة حسبما ذكر ستكون شركات مساهمة، تدمج فيها شركات الاستقدام الحالية بالإضافة للمستثمرين الذين سيضخون رأس المال والذي يجب ألا يقل عن 50 مليون ريال حسبما ذكرت وزارة العمل مؤخرا. من الناحية النظرية، عوائد وأرباح هذه الشركات، هي نفسها مداخيل الأسر التي اعتمدت على ظاهرة التستر والعمالة السائبة. وبالتالي سنحرم 500 ألف أسرة من دخلها، وسينتقل هذا الدخل لمجموعة صغيرة من المستثمرين وأصحاب الشركات. لذلك يجب أن تجد الحكومة حلا عادلا للأزمة التي ستواجهها هذه الأسر وتقلل من أثر صدمتها المالية. وكحلّ مقترح لهذه المرحلة الانتقالية المؤلمة، يمكن أن يطرح خيار دخول أرباب هذه الأسر في شركات الاستقدام الموحدة مقابل تخليهم عن التأشيرات المسجلة باسمهم، بحيث يكون لكل تأشيرة قيمة محددة يحصل بناء عليها على حصة من الشركة، وبذلك نضمن انتقالا سلسا للعمالة غير القانونية للشركات الجديدة، وبنفس الوقت نضمن مصدر دخل بديلا للأسر التي كانت تعتمد على العمالة كمصدر دخل وحيد لها. قد يبدو هذا الحل غير عادل لبقية المواطنين الذين لم يمارسوا هذه النشاطات غير القانونية، ولكننا اليوم أمام أمر واقع ويجب علينا أن نتعامل معه. فتوقف دخل الأسر بشكل مفاجئ سيسبب هزة اجتماعية غير محمودة العواقب، كما أن النظام يتحمل مسؤولية تزايد هذه الظاهرة في العقود الماضية بسبب التساهل في التعامل مع المخالفين مما أدى لتفشي الظاهرة وتحولها إلى أحد المصادر الرئيسية للدخل. [email protected]