اقترب إعلان وزارة العمل عن التعديلات الجديدة لقوانين الاستقدام والسعودة. وتشير أغلب التقارير أن هذه التعديلات ستكون أكثر تشددا مع المؤسسات والشركات التي لا تحقق نسب السعودة المطلوبة. وتشير تقارير الوزارة أن أقل الجهات سعودة هي المؤسسات الصغيرة التي يقل فيها عدد الموظفين عن 20 موظفا. ولا يتجاوز معدل نسبة السعودة في هذه المؤسسات 3 بالمائة، وبالتالي ستكون هذه المؤسسات الأكثر تضررا من التعديلات. كما تشمل التعديلات المقترحة فكرة إنشاء شركات لتأجير واستقدام العمالة، بحيث تتولى هذه الشركات تزويد الشركات والمؤسسات بالعمالة التي يحتاجونها بشكل شهري. هذه التعديلات والمشاريع تهدف بشكل أساسي لمكافحة ظاهرة التستر والمتاجرة بالعمالة، وبالتالي خلق وظائف أكثر للمواطنين. ولكن السؤال المطروح: هل هناك آثار اجتماعية واقتصادية سلبية على المدى القصير إذا تم القضاء على ظاهرة التستر والمتاجرة بالعمالة؟ المؤكد أن عددا كبيرا من الأسر السعودية تعتمد على التستر أو المتاجرة بالعمالة كمصدر رئيسي ووحيد للدخل، ولكن لايوجد إحصاء دقيق لأعداد هذه الأسر ولا معدل دخلها. سنحاول في هذا المقال أن نحدد بشكل تقريبي أعداد هذه الأسر، وذلك من خلال الرجوع لاحصاءات أعداد الموظفين السعوديين بالقطاع العام والخاص ومقارنتهم بإجمالي عدد الأسر السعودية، حيث يعمل في القطاع الحكومي (المدني وغير المدني) حوالي 850 ألف سعودي، كما يعمل في القطاع الخاص حوالي 650 ألف سعودي. أي أن إجمالي السعوديين العاملين في القطاع الخاص والعام لا يتجاوز 1.5 مليون سعودي. أما إجمالي عدد الأسر السعودية فهو حوالي 3 مليون أسرة. المؤكد أن عددا كبيرا من الأسر السعودية تعتمد على التستر أو المتاجرة بالعمالة كمصدر رئيسي ووحيد للدخل وسنفترض أن في كل أسرة موظف واحد فقط، بالتالي فإن عدد الأسر التي يوجد فيها عائل موظف هو 1.5 مليون. أي أن هناك 1.5 مليون أسرة أخرى تحتاج لمصدر دخل غير الراتب الوظيفي. عدد المؤسسات المسجلة رسميا تزيد على 1 مليون مؤسسة. وهذه المؤسسات عادة ما تكون غطاء للممارسات التستر والمتاجرة بالعمالة. سنفترض أن أقل من 50% من هذه المؤسسة تمارس أعمالا غير نظامة وتتستر وتتاجر بالعمالة، هذا يعني أن ما لا يقل عن 500 ألف أسرة تعتمد بشكل رئيسي ووحيد على التستر والمتاجرة بالعمالة كمصدر رئيسي ووحيد للدخل. إن اعتماد هذا العدد الكبير من الأسر على مصدر الدخل هذا، يعني أن أي قضاء كامل على هذه الظاهر سيؤدي لمشاكل اجتماعية مباشرة يجب التعامل معها، حيث أنه من غير المعقول أن يتم قطع مصدر دخل هذه الأسر فجأة، فقطع هذا المصدر للدخل يوازي طرد جميع موظفي أرامكو وشركة الإتصالات وسابك والبنوك دفعة واحدة. ولكننا في نفس الوقت لا يمكن أن نؤجل حل هذه القضية – التستر والمتاجرة بالعمالة - التي تشكل سرطانا في جسد الاقتصاد وتهدد مستقبل الشباب وترفع من معدلات البطالة. لذلك يجب أن هناك خطة واضحة المعالم للتعامل مع الآثار السلبية التي ستحدث بعد قطع هذا المصدر الرئيسي للدخل حتى نجنب هذه الأسر والوطن كارثة اجتماعية.