أكمل ما بدأته بالأمس حول التستر التجاري.. الموضوع الشائك جداً في جسد الاقتصاد الوطني، الذي تفترض وزارتا التخطيط والاقتصاد والعمل أنّه يستوطن الآن المنشآت الصغرى أكثر من غيره! لا خلاف على أن ما تنوي وزارة العمل القيام به من فرض سعودة وظيفة واحدة على الأقل في تلك المنشآت سيقضي على جزء من هذه الإشكالية! ولكنه في الوقت ذاته سيؤدي أيضاً إلى القضاء على مصدر دخل عشرات الآلاف من الأسر السعودية، هذا إن لم يسحقها تماماً تحت سقف الفقر والبطالة! فهل هذا هو الحل الوحيد؟ أم أن هناك حلولاً يجب اتخاذها تعد أقل مخاطرة وأقل جهداً؟ نتفق جميعاً على أن يكون استقدام العمالة وفقاً لاعتبارات سوق العمل والأوضاع الاقتصادية، وبما يحقق العائد الأمثل مالياً واقتصادياً للاقتصاد الوطني حسب النشاطات الإنتاجية التي سيتم توظيف تلك العمالة فيها، وأخذاً بعين الاعتبار عدم الإضرار بسياسات التوطين. حسناً؛ هذا يقتضي مواجهة المشكلة مبكّراً عند (بوابة) منشأها الأخطر، وليس عند مئات الآلاف من (نقاط) انتشارها! كيف هذا؟! يجب أن تُضبط عملية الاستقدام، وتُنظم آلية إصدار التأشيرات! فما يجري الآن على هذا المستوى أعتقد أنه واحد من أهم أسباب انتشار هذه العمالة السائبة في البلاد، ولعل بلوغ عمليات استخراج التأشيرات والمتاجرة بها كنشاط منفصل عن احتياجات السوق المحلية، يعبّر عن صلب وأساس المشكلة، وخطورتها كافية للإنذار بمدى خطورة الوضع، وأنه قد يكون السبب الأول والأهم في صنع هذه المشكلة الخطيرة التي تهدد الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي وحتى الأمني. إنَّ الحل بهذا تتحمّله وزارة العمل بالدرجة الأولى، لتُحكم سيطرتها على هذه الثغرة الخطيرة، عبر ربط طلبات الاستقدام بالأنشطة التجارية والاقتصادية بقاعدة بياناتها، بقرار الموافقة على منح مثل تلك التأشيرات من عدمه، ولتُغلق الأبواب أمام التدفق غير المقنن للعمالة، ولتقطع الطريق على المتورطين في المتاجرة باستخراج تلك التأشيرات والمتاجرة بها. ولهذه القضية عودة لن تنقطع.