عزيزي رئيس التحرير يطغى على بعض معاملات الناس شيء من المشاحنة والاضطراب مما يدفع في كثير من الأحيان الى رفع وتيرة الموقف، حتى يصل الى الغضب، إنها حالات الغضب الحارقة, ولا يمكننا أن نتصور مآلها ونتائجها فيما بعد فالغموض يحيط بكثير من نتائجها والتي في الغالب هي محتومة، ولذا نشاهد توجيهات نبوية كريمة في هذا الصدد تشدد وتحذر من الوقوع في شرك الغضب، فيوصي صلوات الله وسلامه عليه بقوله (لا تغضب) ويكررها ثلاثا إيذانا وتنبيها الى خطره الذي جرف الكثيرين في مستنقعه الموحل، ولو لمسنا نتائجه لآثرنا السكوت لما يشتمل على أبشع الأحداث وأفظع النتائج، فقائمة طويلة من القتل والمناوشات والشجارات والنزاعات والخلافات، تعود جذورها الى الغضب، ولا شيء سوى الغضب قاد اليها. ولذا كثير من المآسي كان الغضب طرفا رئيسا فيها، وكانت وصية النبي صلى الله عليه وسلم لذاك الرجل "لاتغضب" للحفاظ على الأعصاب وضبطها، والتزام الهدوء مهما تعالت وتيرة الغضب في القلب، واكد صلى الله عليه وسلم في حديث آخر الوسائل النافعة والادوية الناجعة في الحد من الغضب، كالجلوس على الأرض حال الشعور بالغضب، والوضوء، وذكر الله تعالى والصلاة على نبينا الكريم، وغيرها من الوسائل التي تعين في تحقيق تلك الغاية (الحد من الغضب). ومن هنا نرى النصح الكبير بحفظ الهدوء في النفس يجول في ألسنة الكثيرين، فإن من الغضب ما قتل، فهو يلحق الإيذاء بالغير، وقد يعمل الغضب على قتل صاحبه بسكون يلحق القلب، أو ارتفاع بضغط الدم، وان لم تهلكه فإنها تؤدي الى مطاردة الأمراض له وبياتها في جسده، ويؤكد كثير من الأطباء مدى أضرار الغضب وتداعياته على الانسان، الى المطالبة ببرامج ونشرات وقائية وتنبيهية من الغضب ونتائجه، ولا ننسى أن الغضب والمشاحنة يؤدي الى قطيعة الناس وعدم تعاملهم معك، وكم أسهم الغضب في قطيعة بين والد وولده، وبين أخ وأخيه، كيف لا؟! وأي كلمة تستثيرك وتؤدي بك الى الهيجان والغضب، ونعلم أن الانسان بطبيعته في الحياة، قد يعرض لضغوط قد تصل به الى حد الثوران على الآخرين، ولكن هذا لا يمنع بتاتا أن يبذل قصارى جهده في المحافظة على هدوء أعصابه، والحلم سيد الأخلاق، فمن تشبث بتلابيبه لم يلحقه سوء أبدا في نفسه ولا غيره، ولو ان في الغضب خيرا ما كان اجماع الناس منذ الخليقة وحتى يومنا هذا يصب في فضح سلبياته ومخاطره التي أودت بحياة الآخرين، وقادتهم الى موارد الهلاك والأخطاء، ولنفكر أن غضبا لا يجاوز ثواني معدودة قد يغير مجرى حياتك الى مناح لا ترغبها ولاتطيق حتى سماعها، ويكفي أن هدوءا وحلما يسيطران على عقلك وقلبك، فيتسع ضيق الأزمة، وتجد لها انفراجة تسعد بها نفسك وغيرك. أحمد خالد العبدالقادر