مشكلتي بدأت منذ أن كنت في سن 17 عاما، كنت أشاهد أبي وأمي يتخاصمان ويتشاجران كثيرا لدرجة أني كنت أذهب إلى غرفتي وأشغل نفسي حتى لا أتأثر بالمشاكل، ولكن اكتشفت أمرا... هو أن عائلتي عصبيين بالوراثة «من النوع الذين يغضبون بسرعة» وعندما أخطئ في أمر ما مع أحد إخوتي أو الوالد أو الوالدة تقام الحرب العالمية داخل منزلنا، وأحيانا لأمور لا يستحق فيها أن يغضب الإنسان بل تحتاج إلى معالجة وتوجيه بسيط، ولأني اكتويت كثيرا من نار الغضب قررت أن أكون هادئة في حياتي وأن أحل كل مشاكلي وأموري بالهدوء والتروي، وحاليا أبلغ من العمر 24 عاما، ومع أني نجحت في كتمان غضبي، لكني أصبحت لا أطيق سماع أية كلمة، وكلما تحدث لي أية مشكلة خاصة مع أهلي أبتعد عنهم لفترة . وفي بعض الأحيان أجهش بالبكاء، لا تتصورون مقدار المعاناة التي أعانيها من الغضب . وأنا متأكدة 100 في المائة أن عائلتي قد لاحظوا معاناتي مع الغضب ومع ذلك يقومون بتشديد الخناق علي (لا يسمحون لي أن أظهر هذا الغضب) ،فكيف يمكنني أن أتخلص من هذه المعاناة . الأثير يا بنيتي حملت نفسك ما لا تطيقه أية نفس بشرية، فنحن ليس المطلوب منا أن لا نغضب إطلاقا، وإنما المطلوب أن نضبط الغضب سواء من حيث عدد المرات أو طريقة التعبير عن هذا الغضب، وحديث المصطفى عليه الصلاة والسلام حين قال له رجل: أوصني يا رسول الله، قال: «لا تغضب»، قال الرجل: ففكرت حين قال رسول الله ما قال، فإذا الغضب يجمع الشر كله (السنن الكبرى للبيهقي، ج15، ص 73 )، هذا الحديث لا يعني أن لا يغضب الفرد منا إطلاقا؟ ولو كان الجواب نعم لما قال النبي عليه السلام للسيدة عائشة ما قاله في الحديث التالي: عن عائشة، قالت: «دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم بأسير فلهوت عنه فذهب، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ما فعل الأسير؟ قالت: لهوت عنه مع النسوة فخرج . فقال: مالك قطع الله يدك. أو يديك، فخرج فأذن به الناس فطلبوه فجاؤا به، فدخل علي وأنا أقلب يدي، فقال: مالك. أجننت؟ قلت: دعوت علي فأنا أقلب يدي أنظر أيهما يقطعان، فحمد الله وأثنى عليه ورفع يديه مدا. وقال: اللهم إني بشر أغضب كما يغضب البشر، فأيما مؤمن أو مؤمنة دعوت عليه فاجعله له زكاة وطهورا». (أخرجه أحمد 6/52)، لقد غضب الرسول عليه الصلاة والسلام ودعا على السيدة عائشة ولكن السؤال كم مرة فعل النبي مثل هذا الفعل؟ سنجد أن عدد المرات قليل جدا، ولكن مع ذلك كان يغضب إذا انتهكت حرمات الله وكان يثور دفاعا عن المظلوم وحرصا على إحقاق الحق، وهذا يعني أننا جميعا لا بد لنا أن نغضب وبالتالي فالمطلوب ليس إلغاء الغضب بل تقليل عدد المرات التي نغضب فيها، إضافة إلى تهذيب التعبير عن هذا الغضب فمن البشر من يحطم الأشياء ويضرب وقد يقتل إذا غضب، لذا لا أنصحك إطلاقا باستمرار عدم التعبير عن هذا الغضب ونصيحتي لك حتى تحافظين على صحتك النفسية وتحافظين على علاقتك بأهلك أن يكون لك صديقة تأتمنيها على أسرارك تتحدثين معها كلما وجدت نفسك في حالة غضب فنحن نحتاج للتنفيس عن غضبنا حتى نحافظ على صحتنا الجسمية والنفسية وانتبهي أن المطلوب كظم الغيظ وليس إلغاؤه، ومطلوب أيضا بعد كظمه امتلاك القدرة على العفو عمن يثير غضبنا أو يظلمنا . حاولي أن تظهري غضبك من خلال الكلام مع صديقة، وحاولي التحدث لمن يثير غضبك من أهلك ولكن دربي نفسك على التحدث بهدوء معه بعد أن تصلي إلى مرحلة مقبولة من الهدوء ولكن لا تتحدثين مع أي من أهلك وأنت غاضبة، أتركي المكان الذي تحدث فيه المشكلة حين تكوني غاضبة غضبا شديدا، توضئي، وتحدثي ولو بالهاتف لصديقة، وبعد أن تهدئي حاوري من كانت بينك وبينه مشكلة أثارت غضبك.