قال الفنان سامي برهان - أحد أهم مبدعي الخط العربي - إن معلمي الأول في الخط العربي هو والدي رحمه الله إلا أن التأثيرات أتت من الكتّاب في المدرسة الكواكبية التابعة لجامع أبو يحيى الكواكبي في حي /الحيوم/ بحلب وللشيخ الذي كان يعلمنا القرآن. وكان هذا الشيخ إضافة لتعليم القرآن يعمل نحاتا ومزخرفا ويعمل نقوشا عربية وكنت أتسابق مع رفاقي بالخط ولما وصلت الى الصف الرابع كنت اكتب سطراً على السبورة ويكتبه زملائي من بعدي الى ان ذهبت الى الخطاط/ حسين حسني/ وكان أستاذاً واسع الاطلاع، و من هنا انطلقت، مضيفاً إن اهتمامي بالخط دفعني لدراسة الصورة والتركيب اللوني تحت إشراف الأستاذ ( زاريك كاتيلا) مؤسس كلية العمارة في مدينة حلب السورية و اهتمامي بالخط قادني الى الاهتمام بالحروف الصوتية . مضيفاً إن الخط العربي مر بمراحل طويلة وهناك كتب ومراجع تتحدث عن الموضوع بدءاً من الامام علي الذي يعتبر سيد الخطاطين ثم جاء الخطاط ( ابن مقلة) الذي وضع مقاييس جمالية للخط العربي وتحدث عن الموضوع كثيراً أخوان الصفا في رسائلهم وبعد ذلك أصبحت هناك مدارس للخط العربي في كل من بغداد ودمشق وحلب والقاهرة واسطنبول وغيرها من الحواضر العربي والإسلامية . مشيراً إلى أنني درست للكثير وكنت اعمل (البورتريه ) عندما كنت صغيراً وفي تلك المرحلة تأثرت (بمايكل انجلو) و بفناني عصر النهضة ( رفائيل و روبانس ) وبتلك الألوان الجميلة الشفافة، ثم (دنيس يانو الإيطالي) ثم درست سيزان .وكل هذه الدراسات استفدت منها ما احتاج و أضعه في عقلي الباطن وأن اعمل حتى أصل إلى أسلوبي الخاص. مضيفاً أن سيد الخطاطين العرب هو( ابن مقلا) كان المعلم الأول ولكن يجب أن نذكر هنا الخطاط الرائع ( مصطفى راقم ) الذي كان يقف السلطان عبد الحميد ويمسك المحبرة له وهو يكتب ، هذا السلطان الذي كان يخشاه الجميع كان يخشى أستاذه تكريماً للخط العربي. ويضيف برهان في حديث خاص ل(ليوم): كنت أزور أوروبا سنوياً لأجل الدراسة والبحث خاصة باريس لإقامة معارض وفي عام 1963 ذهبت إلى إيطاليا بعد أن قدمت استقالة من التعليم في سورية لأتفرغ كلياً للعمل الفني والبحث في جمالية الخط العربي في اوروبا وقد اكتسبت ما استطيع من الحضارة الاوروبية.فكنت أتلقى وأعطي وأحاور عدداً من الفنانين الايطاليين حول جماليات الخط العربي كتبت لهم أسماءهم بأنواع الخطوط العربية ومنهم من طرز هذه اللوحة و وضعها زينة في منزله وكنت اكتب الاسم بصورة تشخيصية ( بورتريه ) لأن طبيعة الصورة هي مادة ولكن الحرف له روح الواقع كنت سعيداً في الغربة وانظر إلى حضارة بلدي من بعيد عندما تكون امام شخص وقريب منه قد لا ترى إلاّ وجهه لكن كلما ابتعدت اكثر تراه بشكل اشمل وكنت سعيداً بانني انتمي الى الحضارة العربية التي انبهر الغرب بها . ويقول برهان: إن مصدري الأول هو القرآن الكريم وتفسيره ثم الحديث النبوي الشريف ونهج البلاغة الذي يضم الحكم الرائعة . إضافة الى التراث العربي من شعر وحكم و أمثال وغيرها فهي مفاتيح لوحات لي. مشيراً قوله إنني استفدت من تركيبات خط الثلث ومن الخط الكوفي وهذا ما اطلق عليه بعض النقاد الخط البرهاني ومن بعدها أدخلت الموسيقى في اللوحة من حيث تناغم الألوان ومن سمفونية هذه الألوان اطلق النقاد على هذا اللون اسم ( الخط البرهاني) لانه متميز من حيث الهيكل العظمي ومن حيث الإخراج والموسيقى. ونفى برهان أن يكون مجرد خطاط أو رسام فقط مضيفاً إنني رسام وخطاط ونحات واعتبر جسم الإنسان هو هيكلا وعلى الهيكل يقوم الجسم لذلك ادعو أي فنان تشكيلي الى تعلم الخط بأنواعه والتمرن عليه باستمرار يومياً كي يبني فيما بعد الجسم عليه.فالخط هو الاساس الذي يقوم عليه الفن التشكيلي ومن ثم الروح وهي تميز هذا الفنان عن غيره . متمنياً أن نتحرر من الشكل الذي هو المادة ونعود إلى الروح التي نجدها في الحروف ونصنع أعمالاً موسيقية لونية فيها جذور حضارتنا مؤكداً على العودة إلى جذورنا الحضارية لنستمد منها فناً معاصراً له الهوية العربية المتميزة، هوية كل فنان على حدة. وعن تدخل الكمبيوتر في حياة الفنان قال إنه آلة فما الفارق بين قلم الرصاص أو قلم الحبر من حيث أداء الوظيفة لا يوجد أي فارق المهم من هو وراء هذا القلم إذا كتبت الشعر بقلم رصاص أو حبر هل يغير من قيمة الشعر ،إذا الكمبيوتر هو واسطة ،هو خادم بين يديك بقدر استطاعتك الاستفادة منه فهو يمكنك من القيام بعملك الذي تريده وبوقت أسرع بتجارب أكثر وبسرعة. وأكد الفنان سامي برهان: إن الأوروبيين يحترمون الخط العربي كإبداع شخصي متميز حتى الخط الكلاسيكي العربي والكثير من الفنانين الأوروبيين حاولوا الاستفادة من جمالية الخط العربي ولكنهم كانوا سطحيين لسببين فمن جهة لم يغوصوا إلى أعماق وجذور هذا الخط. ومن جهة أخرى هناك علاقة وراثية في الدم، إذ يستحيل أن يفهم الغربي روح الشرقي والعكس قد يكون صحيحاً. وعن المركز العربي الإيطالي قال: إن الغاية منه هي التعريف بحضارة العرب وكيف أثرت على الفن الأوروبي واذكر فيلسوف المدارس المتنقلة ( مارينتي ) وهو إيطالي الأصل من حيث الأب عاش حتى بلغ العشرين في القاهرة ترعرع على الثقافة الإسلامية و نشر بيانه الأول في صحيفة الفيغارو عام /1905/ في بيانه يتحدث عن المئذنة والجامع وعن الحضارة العربية وكان يزين بيته بالخط العربي، هذا الفن الذي أثر على كل أوروبا حتى روسيا ومن بعده وجدت مدارس أخرى مثل التكعيبية وبالنسبة لي أعتبره أستاذ الفن الحديث. وقال: إن المدرسة الاستقلالية بالخط العربي تعتمد على الحركة الديناميكية، هذا نجده في لوحات الذكر في الدوران نفسه ذكر الالة بالإيقاعات وعندما نردد (الله الله الله )عدة مرات و يشكل حركة ديناميكية، ومثال ذلك آية الكرسي المكتوبة بخط ذي زاوية وهي موجودة بأحد مداخل جامع في اصفهان في إيران تقرؤها من الخارج ثم تدخل آخر كلمة الى وسطها بحركة لولبية ديناميكية مستمرة. وعن غياب النقد قال: لا شك في ان الفن بشكل عام يحتاج منظرين يفهمون معاني الفن ،خصوصاً الفن التشكيلي وهذا ينطبق على المجمع و شجرة الفنون هي واحدة لها اغصان مختلفة نجد أحياناً ناقداً جيدا يحمل ثقافة واسعة بحضارتنا التشكيلية وأحياناً قد تجد شخصا متقاعساً وهنا ياتي دور الفنان الحقيقي الذي يدرك ان ما يقوم به ليس ملكاً له بل هو ملك الأمة وعليه بكل تواضع ان يشكر الأشخاص الذين يقبلون شرحه. سامي برهان، باختصار من مواليد حلب الشهباء 20 شباط 1929 1949 اهتم بالخط العربي، وتتلمذ على يد الخطاط الكبير حسين حسني 1949فاز بالجائزة الأولى في معرض جماعي نظمته مدينة حلب بمناسبة زيارة المغتربين في سورية. 1954 أقام أول معرض شخصي في حلب (نادي السعد) ثم سافر إلى نابولي، جنوة، ميلانوباريس وفيها ابتدأ الدراسة الحرة في المدرسة العلاي للفنون الجميلة أكاديمية جوليان كرند شومبير رانسون، ودرس القيشاني في محترف لاستبيه، تعرف على كبير اساتذة الاستشراق والإسلاميات (لوي ماسينيون). 1963 فاز بالجائزة الأولى سان فيتو رومانو) متفوقاً على مئة فنان من الأجانب. 1964 اشترك في معرض البينالي في مدينة البندقية. 1965 نال إجازة في فن التصوير من أكاديمية الفنون الجميلة في روما. 1977 شارك في معرض الفناني الأجانب في روما (قصر المعارض) 1993 منح لقب رائد الفن العربي بمناسبة أول بينالي في الامارات العربية المتحدة1995 أسس المركز العربي الايطالي في ماساكرارا 1992 - 1999 شارك في العديد من المعارض الجماعية في اوروبا وامريكا واسيا كما اقام مئات المعارض الفردية في ايطاليا ويوغسلافيا والنمسا وسويسرا والدانمارك والولايات المتحدة ولبنان وسورية . اختير من قبل الاممالمتحدة لوضع شعار لحملة مكافحة المخدرات وهذا التصميم كان شعاراً لمؤتمر وزراء الداخلية في العالم وقام المركزالعربي للدراسات الامنية بصنع سجادة بقياس 3/3 لهذا الشعار وهي الآن موجودة في القاعة الرئيسية في مقر الأممالمتحدة في فيينا.