وزير الاتصالات يجتمع بقادة كبرى الشركات العالمية    من التأسيس إلى تنمية الإنسان.. جذورٌ راسخةٌ وقيمٌ شامخة    المملكة تحتفي بذكرى يوم التأسيس    ذكرى التأسيس.. بناءٌ وتكريس    يوم التأسيس.. استذكار تاريخ المجد وبناء المستقبل المشرق للمملكة    سفير جيبوتي: التأسيس نقطة انطلاق نحو نهضة حضارية وسياسية عظيمة    السعودية.. «حجر الزاوية» في النظام الإقليمي    النور يواجه العربي القطري في نصف النهائي بالبطولة الخليجية لكرة اليد    الملاكمون يواجهون الميزان في الرياض قبل ليلة الحسم غدًا    «اقتصاد السعودية».. مؤشرات ترسّخ المكانة العالمية    مدرب الاتفاق ينتقد رونالدو ودوران    رئيس فلسطين يهنئ خادم الحرمين وولي العهد بمناسبة ذكرى يوم التأسيس    الفتح أول المتأهلين لممتاز كبار اليد    "نخبة الطائرة" .. سيدات النصر يُتوّجن باللقب    يوم بدينا    السعودية من التأسيس إلى معجزة القرن ال 21    الماضي ومسؤولية المستقبل    «دربك».. أول إطار سعودي يحصل على علامة الجودة ويتجه نحو التصنيع المحلي.    بدعوة من ولي العهد.. انعقاد اللقاء الأخوي التشاوري في مدينة الرياض    رئيس مجلس إدارة مجموعة stc والرئيس التنفيذي يهنئان القيادة بمناسبة يوم التأسيس    أكاديمية الإعلام السعودية تختتم معسكرها التدريبي "مستقبل الإعلام في الذكاء الاصطناعي التوليدي"    يوم التأسيس في عيون مجلس وادي القرى الثقافي بالعلا    من الدرعية إلى الأفق.. يوم التأسيس ورحلة المجد السعودي    الخطة أن نبقى أحياء بين المؤسسين عبدالرحمن الداخل ومحمد بن سعود    تأسسنا.. «رأينا».. فأبدعنا    رئيس مجلس الشورى يستقبل رئيس مجلس النواب الأردني    تدشين مهرجان البن الثاني برجال ألمع    أمانة القصيم تطلق 60 فعالية في 38 موقعًا احتفاءً بيوم التأسيس    ضبط شخصين في الرياض لترويجهما مواد مخدرة    مدير عام فرع هيئة الهلال الأحمر بمنطقة القصيم يلتقي بمكتبه مدير الدفاع المدني    دورة لمنسوبي نادي جمعية الكشافة للحصول على شارة "هواية الصحفي"    هذا اليوم فخر واعتزاز لكل مواطن بجذور وامتداد وطنه    في يوم التأسيس نستذكر تاريخ هذه الدولة العريق وأمجادها الشامخة    "مدير تعليم الطائف" يوم التأسيس رحلة عطاء حافلة بالإنجاز منذ ثلاثة قرون    مستشار الأمن القومي الأميركي: زيلينسكي سيوقع اتفاق المعادن قريباً    شرطة الرياض: القبض على يمنيين لمخالفتهما نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص    حرس الحدود بمكة: إنقاذ مواطن تعطلت واسطته البحرية في عرض البحر    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الأميرة العنود بنت محمد بن عبدالعزيز آل سعود    الأمير فيصل بن سلطان: يوم التأسيس ذكرى وطنية راسخة تعزز مكانة المملكة ودورها الريادي في العمل الخيري والسلم العالمي    خطيب المسجد الحرام: العافية أجمل لباس، وهي لذة الحياة والناس وبغية الأحياء والأموات    وزارة الشؤون الإسلامية تنظم ندوة علميّة تزامناً مع ذكرى يوم التأسيس    الشؤون الإسلامية في جازان تنهي تجهيزات الجوامع والمساجد استعدادًا لاستقبال شهر رمضان المبارك    قادة الخليج والأردن ومصر يتوافدون لعاصمة القرار العربي    زيارة "فريق الوعي الصحي التطوعي" التابع لجمعية واعي جازان لمؤسسة دار رعاية الفتيات    قرارات ترمب المتطرفة تفاقم العزلة الدولية وتشعل التهديدات الداخلية    "السهلي"تهنئ القيادة الرشيدة بمناسبة يوم التأسيس    كبار علماء الأمة يثمنون رعاية خادم الحرمين لمؤتمر بناء الجسور بين المذاهب    احتمالية الإصابة بالسرطان قد تتحدد قبل الولادة    مُرهق عاطفياً؟ هذه الطرق تساعدك على وقف استنزاف مشاعرك    5 عادات تبدو غير ضارة.. لكنها تدمر صحتك    ثلاثة قرون .. السعودية شامخة    علاقة وثيقة بين المواطنين والقادة    شخصيات اجتماعية ل«الرياض»: يوم التأسيس ذكرى تجسد الوحدة وتُلهم الأجيال لصنع المستقبل    عم إبراهيم علوي في ذمة الله    الهرمونات البديلة علاج توقف تبويض للإناث    الصداع العنقودي أشد إيلاما    قطر تؤكد أن استقرار المنطقة والعالم مرتبط بحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية    آباء يتساءلون عبر «عكاظ»: لماذا غاب التدرّج في الاختبارات المركزية؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مهرجان الشارقة للفنون الإسلامية يحتفي ب «المنمنمات»
نشر في الحياة يوم 29 - 12 - 2011

في مرحلة التسابق على تسويق الفن المعاصر في بعض عواصم الإمارات العربية، لا سيما دبي وأبو ظبي، تنفرد إمارة الشارقة التي كانت سبّاقة لعرض النتاج التشكيلي المعاصر في بينالي الشارقة الدولي، في الالتفات إلى التراث العربي والإسلامي، من خلال إقامة مهرجان الفنون الإسلامية، الذي أصبح تقليداً سنوياً يستدعي إليه الطاقات الشابة من الفنانين وأصحاب المجموعات من مختلف أنحاء العالم، كل مرة تحت عنوان، وكل مرة في حلة جديدة، تداركاً لاتساع الهوّة التي تفصل ماضي الفن عن حاضره، كبعد الفنان عن جذوره الفنية ومكنوناته الحضارية، كي لا يستأثر المنجز المعاصر وحده بالرعاية والاهتمام.
وفي هذا المجال، شهد متحف الشارقة للفنون، افتتاح أعمال الدورة الرابعة عشرة لمهرجان الفنون الإسلامية (يستمر لغاية 8 كانون الثاني (يناير) 2012) الذي تنظمه دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة لهذا العام تحت شعار «منمنمات»، ويضم ثلاثين معرضاً لفنانين عرب وعالميين وأربعين ورشة عمل تخصصية في مجالات الحفر والتذهيب وفنون الخط والزخرفة والفسيفساء بمشاركة ثلاثين ضيفاً من 15 دولة عربية وأجنبية، وتساهم 25 مؤسسة حكومية وإعلامية في تنظيم فعاليات المهرجان من ندوات ومحاضرات ومعارض وعروض سينمائية تتم في أكثر من موقع على أرض الشارقة.
«رحلة إلى بلاد فارس»
لعل أهم معروضات متحف الشارقة للفنون، ثلاثة أجنحة فنية خصصت لعرض مقتنيات حاكم الشارقة الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، منها جناح «رحلة إلى بلاد فارس» ويضم 64 عملاً فنياً، وجناح المعرض الدائم الذي يشتمل على مجموعة كبيرة من اللوحات الزيتية بريشة أشهر الرسامين المستشرقين، غير أن أبرزها هو جناح مقتنيات «الفنون العربية في القاهرة من خلال آثارها»، الذي يكشف عنه النقاب للمرة الأولى، ويتضمن مجموعة نادرة من اللوحات الطباعية التي توثّق لآثار القاهرة الإسلامية المنتسبة الى الفترة ما بين القرنين السابع والثامن عشر الميلادي، طبعت في فرنسا خلال السنوات من 1867 إلى 1877، لكتاب مشهور يعود الى الفرنسي إميل بريس دافين عنوانه: «الفنون العربية في القاهرة من خلال آثارها» ويقع في أربعة أجزاء. ويضم المعرض 142 لوحة تعكس روعة عمائر المساجد والقصور والمدارس والأضرحة والبيوت، مع رسوم لواجهات المباني والمناظر الداخلية والدراسات التحليلية التي تشمل الزخارف ووحدات الفسيفساء وتفصيلات الأثاث كالمشربيات والأبواب والنوافذ. وتعرض اللوحات ايضاً لعدد من المخطوطات التي تتصدرها أوراق متقابلة من مصاحف رسمت وفقاً للطابعين العربي والمغربي، كما تعرض لأشكال ومكونات السقوف والأفاريز والأطباق النجمية، كذلك أعمال الخشب المتعلقة بالمنابر والخزائن الخشبية، مع وجود قسم يهتم برسوم الخزف على بلاطات الجدران والقيشاني، فضلاً عن أقسام السجاديات والمنسوجات واللوحات النحاسية.
يتضح من هذه المجموعة المعروضة مدى اهتمام الغرب في عصور مبكرة - من مهندسين معماريين ورسامين وحفارين - بدراسة معالم الحضارة الإسلامية وفنونها التي تتمثل في العمارة والنقش والخط والرقش والزخرفة. فالأعمال الطباعية تعكس اهتمام المصور ليس بالتقاط المناظر العامة للآثار الإسلامية فحسب، بل في إعداد دراسات مكبرة للتفاصيل، تنم عن الرغبة في فهم واستيعاب المعادلات الهندسية والرياضية التي تقوم عليها المباني وما يرافقها من عناصر تزيينية تثير الدهشة والتأمل، حيث تتبدى التفاصيل الدقيقة والمكونات المبهرة في هذه اللوحات التوثيقية الشاهدة على مهارة الفنان المسلم الذي أبدع تلك الآثار القاهرية في عصور متعاقبة تبدأ من العصر الأموي وتصل إلى العصر المملوكي مروراً بعصور العباسيين والطولونيين والأخشيديين وعصري الفاطميين والأيوبيين. وتكمن قيمة هذه اللوحات النادرة في تخيّرها لمعالم وآثار متنوعة وثرية، بما يعكس قسماً مضيئاً من أقسام الحضارة الإسلامية العريقة في مصر.
ومن المعارض اللافتة في المهرجان، «منمنمات من راجستان»، من مقتنيات الألماني كلاوس كرستوف، وهي الرسوم التوضيحية للمخطوطات التي تستعيد التقاليد الفنية التي يعود تاريخها إلى القرن الحادي عشر م. وتتمتع بأهمية خاصة في إبراز الطراز المغولي الهندي، لا سيما في طريقة تشخيص الطبيعة الفردوسية والملاحم والرحلات وعالم المرأة، انتقالاً إلى منمنمات ايرانية للفنانين علي أصغر تجاويدي وبهمن شريفي ورضا بدرساما. فمنها ما يدمج بين المدرستين الصفوية والمغولية مع سمات الفن المعاصر، ومنها ما يستعيد أبطال الملاحم الأدبية وكائناتها، في تكوين جديد يتفاوت بين مركز الصورة وفضائها المحيط.
من مقترب مغاير لمفهوم المنمنمات، تطل أعمال الفنان الايطالي يوسف موسكاتللو تحت عنوان: «الحفلة تبدأ الآن»، ركز فيها على لحظات انشطار الضوء الناتج من المفرقعات النارية، كمظهر من مظاهر الاحتفالات الدينية في العالم العربي، بينما استخدم في مصوراته الطباعية، الأشكال المنمنمة للوجوه والأيدي في تكرار سياقي شبيه بالمنمنمة داخل تشكيل زخرفي، فضلاً عن التجارب التي دمج فيها تصاميم الحنّاء المتداخلة مع التصاميم الهندسية الإسلامية والأرابيسك.
أما لبنان فقد تمثل في معروضات متحف الشارقة للفنون، من خلال مقتنيات جهاد بنوت، المخصصة للمخطوطات العثمانية، وهي عبارة عن 22 وثيقة، تغطي أربعة قرون من حقبة الخلافة العثمانية في بلاد الشام (1516- 1918)، جلّها معاملات مدنية وحكومية، وفرمانات وعقود رسمية ومحفوظات، تجسد جمالية الكتابة اليدوية بمختلف الأقلام، لا سيما النسخي والديواني، في حين أن معرض الفنان المصري محمد أبو النجا «ورق الأسرار» يستعيد العلاقة بين الملموس والمحسوس، في مسعى لترشيد الدلالات والإشارات المتناثرة على سطح الورق الذي يقوم بتحضيره بنفسه، برؤية تدمج بين الشريحة الحروفية والصور المطبوعة. ومن مصر أعمال إنشائية للفنان حازم المستكاوي، ترسخ حضور الأبجدية الحروفية على محمولات متنوعة ثلاثية الأبعاد، تعكس البعد الجمالي للحرف كمادة إنشائية للأنصاب ومتصلة بذاكرة التعلّم للحروف في مرحلة الطفولة. في حين يقدم الفنان معتز نصر في شريط فيديو حلقات من رقص الدراويش، كفن من فنون الأداء، ذي البعد الصوفي، حيث كاميرا الفنان تتصرف مثل ماسح ضوئي يبحث ما وراء المظاهر، للكشف عن المشاعر الفطرية.
«طقوس العزلة»
ومن التجارب المصرية المعاصرة، يطل معرض «طقوس العزلة»، الذي وقّّعه كل من حمدي رضا وسامح اسماعيل، حين دمجا بين الصورة الفوتوغرافية والخط العربي، فتظهر ملامح من العمارة الإسلامية بتوقيعات حروفية ظاهرة. وتندرج في جناح «المرئي والمسموع»، تجارب مجوعة كبيرة من الخطاطين والحروفيين العرب (العراق، سورية، مصر، الإمارات العربية، باكستان، السودان، إيران، جزر القمر)، بين تقليد وتجديد، تتمة للمعرض الذي يقام في «بيوت الخطاطين» الذي يقع في الأحياء القديمة - المستحدثة في الشارقة.
لئن اختلطت المنمنمات بفن الخط العربي في سياق معارض مهرجان الشارقة، وخرجت بعض المعروضات عن الشعار الخاص بالمهرجان، غير أن الندوة التداولية التي انعقدت تحت عنوان «المنمنمات من الواسطي إلى بهزاد»، قد جاءت بباحثين من أنحاء العالم العربي، للنقاش حول انجازات فنانَين اثنين استطاعا أن يغيّرا مجرى تاريخ التصوير الإسلامي ما بين القرنين الثالث عشر والسادس عشر م. فقد اقترن اسم كمال الدين بهزاد، بإحياء الأساطير والملاحم في إيران عبر «الشاهنامة». أما الواسطي فهو أول فنان عربي، استحدث أسلوباً خاصاً وفق الطريقة السائدة في مدرسة واسط (جنوبي العراق)، التي نُسب إليها. فقد استطاع هذا الفنان بقليل من ألياف الكافور المحروق وزيت الخردل وبعض الألوان التي كان يحضّرها بنفسه أن يمد ماضيه إلى حاضرنا وأن يختزل بأعماله ابرز الصفات التي شاعت عن المدرسة البغدادية للرسم في العصور الوسطى. وهي الصفات نفسها التي تنطبق على فن الحداثة الغربية، فكان ملهماً للفنانين العرب، لا سيما العراقيين وفي طليعتهم جواد سليم وشاكر حسن آل سعيد وضياء العزاوي... ومن مدرسة الواسطي انطلقت انجازات جماعة بغداد للفن الحديث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.