لم تكن سيرة الاعلام في يوم من الايام، مكتوبة فقط بتواريخ الذين جعلوه مهنة، ولكنها في جزء كبير منها، كتبت بأفعال الذين اتوه من خارجه، ودخلوه من بوابة اوسع وارحب، ومن هنا لا يستطيع من يتابع سيرة الاعلام السعودي تجاهل علم كانت له في الاعلام صولات وجولات، ومعارك وسجالات، خصوصا اذا كان صاحب منجز وافر وممتد الى مختلف الاتجاهات، خصوصا اذا كان متعدد الصفات، فهو العالم، والمؤرخ ، والفقيه، والمفسر، والاديب، والشاعر، والناقد، والمحقق، هو ابوعبدالرحمن بن عقيل الظاهري. لقد امتد عطاء ابي عقيل نحو اربعين سنة من الجهد المتواصل في مختلف جوانب المعرفة، حتى تجاوزت كتبه التي اصدرها المائة كتاب، اضافة الى آلاف المقالات والدراسات والابحاث المنشورة في الصحف والدوريات المحكمة وغير المحكمة، مما جعل انتاجه مرجعية خصبة للطلاب والدارسين ومراكز البحث العلمي. ولد ابوعبدالرحمن بن عقيل الظاهري في عام 1357ه لكن هذا التاريخ قد تم تعديله في (حفيظة النفوس) فصار تاريخ ولادته المدون هو العام 1361ه ، وكانت المدينة التي شهدت مولده، هي مدينة (شقراء) التابعة لمنطقة (نجد) التي تتوسطها العاصمة السعودية الرياض، وتنحدر اسرة ابوعبدالرحمن من المدينةالمنورة، وينسبون هم (آل عقيل) و(آل جامع) من الاسر النجدية الى (الخزرج) وحول موضوع النسب هذا يقول ابوعبدالرحمن في حوار له مع شيخه العلامة الراحل الشيخ حمد الجاسر : (بودي والله ان اكون بدويا، او من اصل بدوي، ولكن الانساب وهائب لا نهائب، والنسب حتمية قدرية كالمولد والوفاة، ووضعية الحياة من غنى وفقر ومرض). بدأت رحلته العلمية من خلال (الكتاتيب) فتعلم على الشيخ عبدالعزيز بن حنطي، ولم يلتحق بالمدرسة النظامية الا على كبر، وقد انهى دراسته في المعهد العلمي، وبعدها التحق بكلية الشريعة فحصل على شهادة الليسانس، ثم التحق بالمعهد العالي للقضاء وحصل على شهادته، وهي تعادل درجة الماجستير، وكانت اطروحته بعنوان (تفسير آيات الاحكام في سورة الطلاق) لكنه عزف عن استكمال دراسة الدكتوراة بعد ان سجلها في جامعة الازهر بالقاهرة، لكنه مع ذلك سجل حضوره في مختلف القنوات الصحفية السعودية، فكتب ونشر في مجلات مثل : العرب، الفيصل، العربية ، اليمامة، التوباد، قوافل، الدرعية، وصحف يومية منها : الجزيرة، المسائية، المدينة، البلاد، الرياض، وغيرها من المنافذ الصحفية التي جعلته بحق واحدا ممن ساهموا في بناء الصحافة السعودية، وأعطوا ثقلا لاهمية المقال (الزاوية) الذي يستند الى خلفية علمية، وهو الامر الذي جعل كاتبا وشاعرا مثل الدكتور غازي القصيبي يتساءل في مقال له من هو ابوعبدالرحمن أهو أديب، أم باحث أم كاتب... شاعر فصحى أم شاعر نبط... مؤرخ ام صحافي ام محقق ام جغرافي، ام روائي ام كاتب ساخر أم قاص أم ناقد... أبوعبدالرحمن هذا كله وأكثر من هذا كله بكثير. ولعل هذه الاسئلة التي طرحها د. غازي القصيبي هي المدخل الفعلي لهذا الرجل العلم الذي لم يقف عند نقطة محددة، ويعتبر ان العالم اذا ظل يدرس جانبا واحدا سيكون عالما فيه، جاهلا فيما سواه، لذلك ظل مثار دهشة الكثيرين، وكتبت فيه العديد من الشهادات التي تسجل تفرده، نذكر من هؤلاء الذين كتبوا أو سجلوا فرادة أبي عبدالرحمن بن عقيل: د. منصور الحازمي، د. عبدالله القرعاوي، د. سعيد السريحي، محمد الشدي، د. حسن الهويمل، حمد القاضي، عبدالله الزيد، د. ابراهيم العواجي وآخرين، ولم تكن هذه الشهادات نثرا فقط، بل سجلت ايضا في مطولات شعرية كتبها بعض الشعراء في خصاله وعلمه ومعارفه، وما كتب فيه من قصائد يفي بحاجة ديوان كامل سجل بعضا منه الباحث الدكتور امين سليمان سيدو في كتابه (شيخ الكتبة) ومن قصيدة للشاعر د. محمد خير البقاعي نقتطف هذا المقطع الذي يخاطب فيه ابن عقيل شعرا:==1== أبديت في فهم الكتاب تدبرا==0== ==0==يسمو بقدرك عن مدى الأنداد والسنة الغراء قد أوليتها==0== ==0==فهما جليل المتن والإسناد درر الشريعة قد جلوت بهاءها==0== ==0==وصقلتها بنقاوة العباد تحمي التراث بكل رأي ناصع==0== ==0==وترى الأصالة قبلة القصاد ومن الحداثة قد ظفرت بجوهر==0== ==0==والترهات لخامل منقاد من كان مثلك لا يشق غباره==0== ==0==في حلبة الأعلام والأجواد==2== ابوعبدالرحمن بن عقيل من مؤلفات ابو عقيل