اعلن عضو مجلس الحكم الانتقالي في العراق احمد الجلبي، الذي كان لسنوات عدة الحليف الرئيسي لواشنطن، قطع علاقاته مع حكم الائتلاف في العراق، بعد ساعات من دهم الجيش الأمريكي لمنزله الذي يشاركه فيه وزير الدفاع علي علاوي، ومقره في بغداد صباح أمس، وبعد أيام من إعادة سلطات الاحتلال أعضاء في حزب البعث المخلوع الى مواقع رئيسية في السلطة. واعتبر رئيس المؤتمر الوطني العراقي ان عملية الدهم تشكل تحديا لمجلس الحكم الانتقالي قبل اسابيع قليلة من نقل السلطة المتوقع في 30 حزيران يونيو محذرا من تعميمها على كل من يرفض الانصياع لقوات الائتلاف، على حد قوله. وقال الجلبي في مؤتمر صحافي عقده في مكتبه بعد ان دهمت قوة من الشرطة العراقية تساندها قوات امريكية منزله، وكان بداخله، ومكتبه وسط بغداد: علاقتي بسلطة الائتلاف لم تعد قائمة، اذا وجدت سلطة الائتلاف ان من الضروري الاعتداء على منزلي فهذا مثل على العلاقة بين سلطة الائتلاف والعراقيين. واكد الجلبي ان قوات امريكية ساندت الشرطة العراقية بتطويق المنزل والمكتب المجاور قرابة الساعة 11 رغم أنها لم تدخلهما. لكن دان سينور الناطق باسم سلطة الائتلاف اكد للصحافيين ان العملية قادتها الشرطة العراقية وقال لقد عمل الجلبي معنا لعدة اشهر في اطار اعادة بناء العراق. واكد الجلبي ان الشرطة صادرت مقتنيات اهمها وثائق وتقارير صحافية وكومبيوترات اضافة الى اسلحة الحراس الفردية دون ان تعتقل احدا. وردا على سؤال حول الرسالة التي يريد ان يوجهها الى الحاكم المدني الامريكي في العراق بول بريمر وسلطة الائتلاف بعد عملية الدهم، اكتفى الجلبي بالقول رسالتي هي اتركوا شعبي حرا، نشكر الرئيس الامريكي جورج بوش لتحريره العراق لكن آن الاوان ليدير العراقيون شانهم بانفسهم. وحمل الجلبي على سلطة الائتلاف التي عملت على عودة البعثيين الى اجهزة الدولة. وقال جاؤوا (الشرطة) بدون مذكرة تفتيش ويحملون اربع مذكرات توقيف لأشخاص غير موجودين هنا وهي تحمل توقيع زهير جمعة المالكي الذي عينه بريمر قاضيا. واوضح بأن المالكي، وهو بعثي سابق، اصدر مذكرة التوقيف بحق الزعيم الجنوبي مقتدى الصدر ومساعده الشيخ محمد اليعقوبي بتهمة اغتيال زعيم شيعي اخر. ولفت الى ان الحل الذي اعتمدته سلطة الائتلاف للفلوجة حولها الى جنة آمنة للبعثيين، على حد قوله، مشيرا بذلك الى الحل الوسط الذي توصلت اليه القيادة الأمريكية مع أعيان المدينة وزعماء المقاومة وقضى بتولي لواء خاص من أبنائها من عناصر الجيش العراقي المنحل لشؤون أمنها. ويتولى الجلبي رئاسة لجنة اجتثاث البعث التي شكلها في بداية كانون الثاني يناير مجلس الحكم الانتقالي بهدف استبعاد المسؤولين الذين شغلوا مناصب عليا في الحزب في عهد صدام حسين، من الادارات والمؤسسات الجديدة. لكن بريمر قرر في 23 نيسان ابريل الاستعانة بضباط سابقين في جيش الرئيس العراقي السابق لاعادة تأهيل الجيش واعادة النظر في سياسة اجتثاث حزب البعث من الادارة واعادة دمج الاف البعثيين السابقين في قطاع التعليم. وانتقد الجلبي بشدة وزير الداخلية العراقي سمير الصميدعي لأنه عين البعثي السابق جبار ابو ناطيها، مسؤولا عن الجهاز، كما اتهم الصميدعي بأنه يعمل على أساس طائفي. وكان الصميدعي قد انتقل من عضوية مجلس الحكم الانتقالي الى منصب وزير الداخلية بعد استقالة الوزير السابق نوري البدران. وفي المقابل، اعتبر الجلبي ان حملة الدهم التي طالته ووزير الدفاع علي علاوي الذي يشاركه منزله تشكل تحديا كبيرا لمجلس الحكم الانتقالي الذي ابلغه انه سيعقد اجتماعا طارئا بعد ظهر اليوم الجمعة. وقال انه تم في يوم الاثنين اغتيال عز الدين سليم رئيس مجلس الحكم الانتقالي امام نقطة تفتيش امريكية واليوم تم دهم منزل مشترك لعضو في المجلس ووزير الدفاع بموافقة سلطة الائتلاف. يذكر بان الجلبي انتقد بشدة اسلوب سلطة الائتلاف واتهمها بالتهاون في حفظ امن اعضاء مجلس الحكم والامن في العراق اثر الاغتيال. ورغم أن الجلبي كان يعد حتى قبل أيام من المخلصين في التعاون مع الولاياتالمتحدة، إلا أنه أصبح الآن يحذر الاحزاب العراقية التي ترفض الانصياع للامريكيين من عمليات دهم مماثلة. وقال ما جرى توطئة لدهم مقرات احزاب اخرى، سينسحب ذلك على بقية الاطراف العراقية التي لا تقبل ان تكون اداة بيد الامريكيين. نحن اصدقاء وتمت معاملتنا بهذه الطريقة. وفي اول رد فعل على المداهمة هدد عضو مجلس الحكم محمد بحر العلوم بالاستقالة من المجلس اذا لم تتخذ سلطة الائتلاف اجراءات تحد من التجاوزات، كما نقلت فرانس برس عن سامي العسكري عضو مجلس الحكم المناوب نيابة عن بحر العلوم. وردا على سؤال حول معلومات صحافية اشارت الى تمويل الجلبي لمقتدى الصدر اكتفى بالقول مقتدى الصدر هو ابن المرجع الشهيد محمد صادق الصدر (اغتاله نظام صدام حسين في عام 1999) وله الحق في استلام الاموال الشرعية من المسلمين. وقد نقلت فرانس برس عن حيدر الموسوي الناطق باسم المؤتمر الوطني أنه في الساعة التاسعة صباحا قام نحو 100 جندي امريكي وشرطي عراقي بتطويق مكتب الجلبي في شارع الاميرات وبعد فترة داهموا منزله بحجة البحث عن مشتبه به قدموا صورته لحراس المقر، بينما عمدت سبع آليات امريكية (ست من طراز همفي ومدرعة) الى قطع الطريق المؤدي الى مقر المؤتمر الوطني العراقي قرب ساحة النسور. واضاف قلبوا المكان راسا على عقب وصادروا كل ما فيه بدون ان يكون لديهم اي اذن بدخول المنزل. كما صادروا اسلحة الحرس رغم حيازتهم على تصاريح لحمل السلاح والكومبيوترات والوثائق. من ناحيته اكد رئيس الحرس ان القوة المشتركة اخذت بعض الوثائق الشخصية والملفات وملفات الحزب واسلحة، الا انها لم تعتقل احدا. ولم يكن الجلبي وقت المداهمة في المبنى الذي يعتبر مقر الحزب والمكان الذي ينام فيه الجلبي في بعض الاحيان وفق رئيس الحرس الذي طلب عدم الكشف عن هويته.