في الوقت الذي يتحول فيه انسحاب إسرائيل المقترح من قطاع غزة من مجرد إعلان من جانب رئيس الوزراء أرييل شارون إلى خطة بدأت تتبلور يتخذ الجيش الاسرائيلي والمقاومة في غزة مسارا نحو مواجهة نهائية. ونقل عن مسؤول أمني إسرائيلي كبير وهو يهدد في إشارة لقرار للحكومة الامنية الاسرائيلية بشن سلسلة من الهجمات بهدف توجيه ضربة قاسية للجماعات المتشددة في القطاع قبيل أي انسحاب قوله: إن موسم الصيد مفتوح. وقال الشيخ أحمد ياسين الزعيم الروحي لحماس في غزة للصحفيين في لهجة تهديد: عندما تغتال إسرائيل أحد زعماء حماس يولد مئات جدد. وتقول إسرائيل انها ستفعل كل ما في وسعها لتجنب أن يبدو انسحابها الاحادي الجانب استسلاما للارهاب بينما من المحتمل أن تقوم الفصائل الاسلامية في غزة من جانبها بتصعيد عنفها حتى تزعم أن الانسحاب انتصار لانتفاضتها. ومنذ أن أعلن رئيس الوزراء ارييل شارون خطته لاخلاء جميع المستوطنات اليهودية الاحدي والعشرين الموجودة في قطاع غزة كلها قبل ستة أسابيع قال المسؤولون الاسرائيليون مرات عديدة أنهم يريدون تجنب تكرار ما حدث بالنسبة لانسحاب إسرائيل في مايو عام 2000 من المنطقة الامنية في جنوبلبنان. اذ يشعر الكثيرون من الاسرائيليين بأن ذلك الانسحاب المتعجل الذي سارعت حركة حزب الله اللبنانية باعتباره انتصارا لها كان بمثابة الحافز المباشر لاندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية في سبتمبر عام 2000 وسط جمود تشهده مفاوضات السلام. وأدت الهجمات المسلحة التي قام بها حزب الله ضد الجيش الاسرائيلي والتي أسفرت عن خسائر متزايدة في الارواح بين الجنود الاسرائيليين إلى تزايد المطالبة في إسرائيل بالانسحاب من المنطقة. ويظهر جليا لجوء اسرائيل إلى الحرب النفسية حيث يقوم مسؤولون أمنيون لا يذكرون أسماءهم بإعلان تهديدات في وسائل الاعلام كما يقوم الجيش بتكثيف القوات خارج القطاع ويقوم السلاح الجوي الاسرائيلي بزيادة تواجده في أجواء غزة. وحسب المصادر فان إسرائيل تخشى من أن تتنافس حماس والجماعات الاخرى الموجودة في القطاع كل منها مع الاخرى حول الجماعة التي تستطيع شن هجمات أكثر لكي يرجع إليها الفضل بالنسبة للانسحاب الاسرائيلي. كما قد يشهد المستقبل تكرارا لحملتي الاغتيالات الاسرائيلية المكثفة لزعماء حماس في يونيو وسبتمبر الصيف الماضي. وبالاضافة إلى ذلك فإن التوغل الاسرائيلي في مدن ومخيمات اللاجئين المكتظة بالسكان في غزة قد لا يزداد كثافة فحسب بل قد يؤدي إلى معارك دامية بالاسلحة بوجه خاص حيث يبدو أن المقاتلين المحليين المسلحين الذين يتوقون لاعلان الانتصار أن لديهم دافعا أكثر من أي وقت مضى لمواجهة الدبابات والاليات المدرعة الاسرائيلية. وفي إظهار للارتياب والخوف تجمع العشرات أمام المخابز في مدينة غزة القريبة لشراء الخبر بينما اكتظت محال البقالة بالمشترين الذين يسعون لشراء الاطعمة واللحوم والخضراوات المعلبة. وكتب المعلق الاسرائيلي عامير رابابورت: إن هناك شيئا واحد مؤكدا وهو أن الموقف سوف يتصاعد على كل الجوانب في المستقبل القريب.