حزمت مجموعة من المستعمرين اليهود متاعها لمغادرة قطاع غزة قائلة إن وابل نيران الصواريخ الفلسطينية أجبرها على الرحيل قبل موعد الانسحاب الإسرائيلي المزمع من القطاع المحتل. ووعد رئيس الوزراء الإسرائيلي مجرم الحرب آرييل شارون بأن (إسرائيل) لن تنسحب من غزة تحت وطأة نيران الفدائيين لكن سكانا قالوا إن هناك عشر أسر تخطط لمغادرة مستوطنة (نيسانيت) خلافا لتوجهات غلاة الصهاينة الذين تعهدوا بالبقاء في غزة. وقالت تالي الباز قبل مغادرة (نيسانيت) للبحث عن منزل في منطقة عسقلان التي تبعد 13 كيلومترا عن الساحل داخل (إسرائيل) «كل ما أفكر فيه هو أرواح أطفالي ليس إلا.» وقد فعل وابل الصواريخ وقذائف المورتر الفلسطينية شبه اليومي فعله في (نيسانيت) التي لا يدين سكانها الممثلون في 300 أسرة وأغلبهم من العلمانيين بالولاء الصارم للأرض شأن مستعمري غزة المتدينين الذين يعتبرونها حقا أصيلا لليهود. -!!-. ولم يجد الكثير من مستعمري (نيسانيت) أي عزاء في الردود الانتقامية الساحقة التي اعتادت (إسرائيل) إنزالها بالفلسطينيين ردا على الهجمات الصاروخية. «إننا نشعر كما لو كانت دماؤنا رخيصة» قال ذلك يورام كوهين وهو مستعمر آخر يصف كيف بدأ في التفكير في الانتقال إلى منزل جديد بعد أن قتل مسلحون فلسطينيون جارته في سبتمبر (أيلول) الماضي. وتساءل «هل يرقأ لشارون جفن.» وتقول حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تتزعم الانتفاضة الفلسطينية أن قرار إجلاء قطعان المستعمرين عن غزة انتصار لها. وقال مشير المصري المتحدث باسم الحركة في غزة إن رحيل بعض المستعمرين يثبت أن خيار المقاومة من جانب (حماس) والفصائل الأخرى هو الأكثر فعالية في حمل «العدو» على الخروج من الأراضي الفلسطينية. وتقضي خطة شارون بإخلاء كل المستعمرات في غزة وأربع من بين مستوطنات الضفة الغربية البالغ عددها 120 قبل نهاية العام الجاري. ويريد الفلسطينيون كلتا المنطقتين اللتين احتلتهما (إسرائيل) من مصر والأردن في حرب عام 1967 لإقامة دولة عليهما. ومع ذلك لا يزال المستعمرون غير متأكدين من قيمة التعويض الذي ينتظرون الحصول عليه من الحكومة. وأرجئ التشريع الخاص بهذا الجانب بسبب خلافات حول ميزانية عام 2005 وجهود شارون الرامية إلى تشكيل ائتلاف جديد يستطيع المضي قدما في خطة الانسحاب. ويعتبر كثير من المستعمرين الغرباء أن العيش في قطاع غزة والضفة الغربية مسألة تتعلق بالأموال بقدر ما تتعلق بالمعتقدات. وقالت بعات سدي وهي مستعمرة علمانية أخرى في قطاع غزة الشهر الماضي إنها ستعاود الاستيطان داخل (إسرائيل) بأعداد كبيرة إذا طرح شارون شروطا مقبولة. وقدمت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة الدعم المالي للمستعمرات باعتبارها «مصدات استراتيجية.» وعلى رغم أن شارون ينوي الاحتفاظ بالسيطرة على مستعمرات الضفة الغربية الأكبر فإن غالبية الإسرائيليين يعتبرون الجيوب الاستيطانية التي يصعب الدفاع عنها في غزة عبئا عليهم. وقالت الباز «يقولون إن علي ألا أنتظر من الحكومة أكثر من 160 ألف دولار مقابل منزلي.. ما الذي أستطيع شراءه بهذا (المبلغ) .. إننا نفر للنجاة بأرواحنا ولكن ماذا عن نوعية الحياة التي نحياها.» ووصف رعنان غيسين مستشار شارون مخاوفها بأنها غير مبررة. وقال «لسنا نتخلى عن أحد رغم أننا نتفهم بواعث القلق الذي يعتري أولئك المعرضين للإرهاب - يقصد المقاومة - سيتم إقرار مشروع قانون التعويضات في الوقت المناسب وسنراعي الجميع.» بيد أن اليمينيين المتدينين الذين يشكلون جل مستعمري غزة البالغ عددهم نحو ثمانية آلاف شخص يتوعدون بعمل كل ما في وسعهم لمقاومة الجلاء عن القطاع باستثناء إثارة حرب أهلية. وأشار إران شتيرنبرغ المتحدث باسم عصابات المستعمرين في غزة إلى أن انتقال أسر من (إسرائيل) إلى (نيسانيت) خطوة صحيحة كإظهار للتضامن. وقال «لست أريد أن أحاكم أحدا ولكن إذا كان سكان (نيسانيت) يظنون أن بإمكانهم الفرار من العدو من خلال الارتحال (عن مستعمرتهم) فإنهم مخطئون.. لو رحلنا عن غزة فستصل الصواريخ إلى عسقلان في القريب العاجل.»