أقام منتدى عكاظ بجمعية الطائف مساء الاثنين أمسية إبداعية افتتحها الدكتور عالي القرشي بقراءة لبعض النصوص من ديوان " بياض " للشاعر أحمد قران الزهراني الذي صدر مؤخراً وقرأت بعض هذه القصائد بصوت القاص: خالد خضري ومنها : وجهك والحمى وبقايا أوراق التوت وصمتي وجموحي وجهك إعصار, يجتاح الغربة والمنفى ومسافات التوطين, وجهك سر غيبي يتماوج في بحر من ودق ٍ يستحضر كنه تفاصيل الجسد الأشهى. ثم كانت الفقرة التالية وهي عبارة عن قراءة نقدية للديوان قدمها كل من الناقد الدكتور فوزي خضر والناقد عائض القرني والذي بدأ القراءة حيث تناول فيها تواشج العنوان مع النصوص فمحيط الشاعر وواقعه على كافة الأصعدة متأزم متخلف فيجعل عنوان بياض ليعطي إحساسا ببصيص الأمل الذي يضفيه على ديوانه ونصوصه ليخفف من نبرة التشاؤم السائدة داخل المعجم الشعري للديوان (حد الموت - اللوعة -الذبيح ) أما المواضيع فقد تحدثت عن نكبات الأمة العربية, وتمكن الشاعر من توظيف البعد الديني في نصوصه في الحث على العمل للآخرة , وأشار القرني إلى أنه بشكل إجمالي يمكن القول إن قران اتسم بالخصوصية الشعرية لديوانه لاسيما وأنها التجربة الثانية. ثم تنتقل القراءة للدكتور فوزي خضر الذي وقف على الديوان من الناحية البنائية فقصائد الديوان ظهرت في شكل شعر التفعيلة، منتقلاً إلى الناحية الفنية فوجد لدية تضاد تصويري ليس في المعاني وليس في الألفاظ ليتم التفرد عند الشاعر نحو تصويره ظلمة الطريق ومقابلتها بتعمق الأضواء في تواشيح السواد، ملمحاً إلى أن هذا النهج لم يخل منه قصائد قران جميعا ,الشيء الذي يجعل قران يرسم له اسما على خارطة الشعر السعودي بعد ديوانه الثاني (بياض). ثم يفتح مدير الجلسة الحوار للجمهور ليشارك في الاحتفاء بالديوان بمداخلات قصيرة, أكدت على أهمية التجربة وتميز الزهراني من خلال قصائد تبدو أنها تسابق الزمن للدخول في حلبة الشعر على مستوى المملكة..ثم انتقل اللقاء للمحور الثاني في جلسة المنتدى لهذا الشهر وهو المشاركات الإبداعية، فكانت أولى المشاركات بنص قصصي لطلق المرزوقي نال إعجاب الجمهور لما حوى من تجديد وهو بعنوان (الطريق إلى رمدان) وهو استلهام لمعطيات الذاكرة الشعبية لابن الجزيرة مع وقفات جميلة لبعض الحداء الممزوج بالنص, ويبدو أن منهج طلق يدخل في صلب صدى الحكاية ومصادرها. ثم يشارك حمدان الحارثي بنص شعري هو" مراهنات العشاء الأخير" ومنه: يا صاحبي لا تبك دونك والطريق القيصري سيكون لي هذا الرداء سيكون لي يا جارتا ولي المقام وإلى الجنوب و هنا يستدعي الشاعر في نصه فارس الذاكرة العربية الماضية لامرئ القيس كشاهد على خيبة الأمل الحاضر بنزف طلل جديد هو العراق رغم الإسراف في التناص, ونلمس في النص امتدادا لخطاب المرأة واستحياء الخطاب الطللي. وكانت المشاركة الثالثة نسائية لنجوى العوفي قدمه فائز النمري ونص بعنوان (اليوم ليس يومي) وهو تصوير لتلك اللحظة المؤلمة للأنثى حيث نجحت الكاتبة في ارتياد البوح للصوت الأنثوي المكلوم في جسد المكان والذكريات والمفارقات . ويعود الشعر ثانيةً بقصيدة للشاعرة (حرائر) ونص (هذيان) وهو عبارة عن عدة عناوين لنصوص هذيانية متحدة ... فإغفاءة بها هروب الغفوة إلى الغيم إلى السماء ثم سقوط ومنه نتلمس: حدث أن قد غفوت ضجرت من أزمنة الصحو إلى حيث غيمة تترف سماوات وردية حيث السقوط إلى الأعلى ! ثم المنطق بحث الذات عن غير المنطق والموسم نتيجة بلا أمل وأخيرا فقد كانت بعض صور الهذيان قريبة ومألوفة فإن بعضها الآخر حمل رؤية متجاوزة واستثمار لحركة التأويل والغوص في تلافيفه. ويشارك الكاتب ضيف الله الزايدي بنصين( آمين وأظلاف) وبهما وجد الحاضرين أسلوبا متميزا من خلال اقتناص اللقطة التصويرية خارج الواقع للحظات كالجنون أو الركض خلف المستحيل. مشاركة نسائية أخرى للشاعرة بديعة كشغري صاحبة الحضور الأكبر والتي حملت صوتا صارخا في وجه اليأس وهذه القصيدة تحمل اسم (يا أرضا كانت) من ديوانها الخامس (على شاطئ من دمانا) بقراءة لماجد الثبيتي ومنها كل مساء نتبادل أطراف هزائمنا نتوغل في صمت عناصرها - عناصرنا- إذ تشتعل الأوردة برهط خطاياها نتشبث بشظايا الروح / بقاياها وكأن الروح المسفوحة بمعاصينا لا تعرف أن الجسد العربي الساكن في جرح مداها يحمل عارا قد أثقل كاهلها وكاهلنا... ويقدم القاص :عبد الرحمن المنصوري نصا لزينب غاصب وهو بعنوان "أغان لشفاه البرتقال" وفيه دعوة للتفاؤل سائدة على شتى جبهات النص ومنه الشمس فينا نكهة ممزوجة بلمى العصور تتوهج النخلات في قاماتها وتنثر الخصلات من وجناتها عقدا تخاصره النحور فلك يدور!! وكانت ختام المشاركات للكاتب خالد السيد ونص بعنوان (امرأتان) نالت استحسان الحاضرين خصوصا تلك الطريقة الجذابة التي قدم بها عبد العزيز عسيري امرأتين حيث تعذر حضور الكاتب. أما المداخلات فكانت بدايتها للناقد عائض القرني حيث قال قصة (رمدان) بها نفس روائي حيث الفكرة اتسعت عن حدود القصة ,كما العشاء الأخير عند حمدان به تناص متجاوز مع امرئ القيس . أما الدكتور فوزي خضر فعقب على المشاركات بقوله وجدت فكرة جديدة عند كل من طلق المرزوقي وضيف الله الزايدي، لكن هناك تأثرا بالصوفية عند الطريق إلى رمدان. وحضر اللقاء عدد كبير من المهتمين بالجانب الثقافي من داخل وخارج الطائف وكان من ضمنهم رئيس المنتدى السوداني بمدينة الطائف الواثق عبد الرحمن حيث رصد مدى إعجابه بهذا المجهود للمنتدى والذي يجهله الكثير من المتابعين لقلة الدعاية المصاحبة للمنتدى. مضيفاً لقد حصلنا على متعة نقدية متميزة حيث قدم النقاد مفاتيح النص المبهمة، مشيراً إلى أنه لا يؤيد من يسعى إلى عدم الخروج عن القدماء إلى التجديد..وعند سؤال الدكتور عالي القرشي عن القصور في عدم الدعاية المناسبة للمنتدى ولماذا تكون المشاركات للوجوه المبدعة غير المعروفه ؟ قال لقد لاحظنا أن كثافة الجمهور مرتفعة لهذه الليلة فالمنتدى له جمهوره المعتاد على الحضور حسب الموعد المحدد ولكن هناك فكرة عمل قاعدة بيانات بعناوين المهتمين بالشأن الثقافي لتصلهم الحملة الإعلانية ودعوات حضور المنتدى عن طريق الجوال , ثم وضع لافتات بميادين الطائف لتكون الدعوة العامة قد وصلت للجمهور أما عن الأسماء غير المعروفة فقال لماذا يتبنى المنتدى المبدع المشهور وقد سطع نجمه، مؤكداً أن دور المنتدى الأخذ بيد المبدع حتى يشتد عوده وذلك لا يحتاجه المبدع المعروف.