تثور مخاوف من أن إحكام القواعد المنظمة لعملية إرسال حوالات نقدية تقليدية سيضر بالاقتصاديات الأفقر في العالم، وهو النظام المنتشر بشكل واسع للتبادل السلعي والنقدي في الشرق الأوسط وآسيا. فقد بدأت الولاياتالمتحدة تستهدف النظام المعقد للتعامل بالحوالة، بسبب مخاوف من احتمال أن تستخدمه جماعات إرهابية في نقل الأموال عبر بلدان العالم، غير أن البعض يخشى من أن يؤدي ذلك إلى تهديد مليارات الدولارات التي تنتقل عبر الحدود دعما للتجارة في البلدان النامية. ويقول أنور حسن، وهو تاجر أغذية صومالي في دبي، ، "إذا لم أبعث بتلك الحوالات، فإنهم لن يحصلوا على الطعام الذي يتناولونه". يذكر أن السلطات الأمريكية كانت قد أغلقت مجموعة البركات، وهي مجموعة تحويلات صومالية زعمت أنها تمول القاعدة، وذلك بعد أسابيع من هجمات 11 سبتمبر 2001. غير أنه في ظل غياب أي نظام مصرفي رسمي في الصومال منذ 13 عاما، فقد وجهت انتقادات حادة لإغلاق هيئة البركات، وقال راندولف كينت، ممثل الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في الصومال، إن الإغلاق "يخلف أثرا خطيرا جدا". وأضاف "إننا في موقف بدأنا فيه نتوقع أزمة قد تكون الأولى من نوعها التي يشهدها نظام دولة حديثة، وهو انهيار كامل للاقتصاد الوطني". يذكر أن نظام التحويلات التقليدي يوفر السرعة والمنافسة ولا يتكلف كثيرا، ويستعين به ملايين العمال الأجانب في أنحاء مختلفة في العالم لإرسال أموالهم إلى أسرهم. ولا يجري وفق هذا النظام أي تحريك مباشر لأموال، وبدلا من ذلك تجري مجموعة من عمليات التبادل والمقايضة المعقدة، بالاستعانة بسلع مثل الغذاء والوقود وسلع إلكترونية ومشغولات ذهبية كوسيلة لموازنة الحسابات بين المتعاملين في بلدان مختلفة. ولكن لأن الحوالات من هذا النوع تعمل في الخفاء ولا تخضع لسجلات قياسية، فإن السلطات الأمريكية أصبحت معنية بفرض ضوابط على هذا النظام، ويقول داني جليزر، مدير الهيئة التنفيذية لمكافحة تمويل الإرهاب والتابعة لوزارة الخزانة الأمريكية "إن نظام الحوالة من النقاط الهامة التي ينبغي أن يركز عليها الجميع". ويضيف جليزر "علينا أن نتأكد أن كافة أساليب نقل الأموال - خاصة نقلها عبر الحدود - تخضع لأنظمة لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب". ويقول أيضا "ما نسعى لفعله هو جعل المهمة أكثر صعوبة على ممولي الإرهاب، وإغلاق ما أمكننا من آليات نقل تلك الأموال، وجعلها مكلفة أكثر تكلفة ممكنة، ورصدها بأوراق ومستندات، وإغلاق أعمال كل ما أمكننا من المتعاملين غير القانونيين، وجعل الحياة أصعب ما يمكن بالنسبة ولحد ما نجحت السلطات الأمريكية في هذا فعلا، فقد مارست الحكومتان الباكستانية والإماراتية ضغوطا على صرافي تلك الحوالات لجعلهم يسجلون تعاملاتهم. غير أن مهمة تنظيم نظام الحوالة تتطرق لنقاط حساسية ثقافية ضخمة، ومن ناحية أخرى يقول البعض إن تنظيم هذه الواسطة يرفع من تكاليف نقل الأموال بهذه الطريقة وإن المتضررين من ذلك سيكونون الأكثر فقرا في العالم. يذكر أن التحويلات المعتمدة تفرض عمولات لنقل الأموال قد تصل إلى ما بين 10% 15% من المبلغ المنقول، بينما لا تتكلف الحوالة إلا ما بين 1% و3%. كما أن هذا النظام التقليدي يقدم أسعار صرف أفضل وشبكة أوسع نطاقا. ويتم نقل عشرات المليارات بهذه الطريقة كل عام - بما يمول قسما يعتد به من التجارة الدولية، ويساعد في تمويل اقتصاديات البلدان النامية. ومبعث الجدل، في جزء منه على الأقل، هو أنه يصعب تقييم حجم صفقات الحوالة، ناهيك عما قد تربطه صلات بالإرهاب منها. ولا تحجم المخابرات عن الكشف عن تفاصيل، غير أن المعروف حتى الآن أن منفذي هجمات سبتمبر استخدموا النظام المصرفي العادي. ويقول محمد جيردا حسين، رئيس مجموعة فضفاضة من صرافي الحوالات الصوماليين، للبرنامج إن مصارف الحوالة التي يعرفها تم استهدافها بدون داع، ويضيف "من حق الحكومات، خاصة الأمريكية، فرض رقابة ومحاولة التنظيم - غير أننا لا نرى ما يمكن أن يشتبهوا فيه فيما يتعلق بنظام الحوالات الصومالي". ويضيف "إن أسماء أسر المرسلين والمستقبلين مماثلة في أغلبها، وبالتالي فإن آليتنا بسيطة وشفافة". ويشدد جليزر على أن الولاياتالمتحدة لا تهدف لإلغاء النظام تماما، ويقول "إن هدفنا هو التأكد من أنه يستخدم بالشكل الصحيح وأن هناك مستندات يمكن تتبع حركة الأموال من خلالها، وأن العملية تجري في أجواء من الشفافية". ويستطرد قائلا "بالطبع نود أن نرى بدائل لهذا النظام، ونحن نعمل مع الهيئات المالية في مختلف أنحاء العالم لمحاولة إيجاد وسائل لتوفير خدمات نقل الأموال بتكلفة معقولة".