لقد قام جابر بن حيان الأزدي بكثير من العمليات المخبرية كالتبخير, والتكليس, والتصعيد, والتقطير, والتكثيف, والترشيح, والإذابة, والصهر, والبلورة, وحضر عدد كبير من المواد الكيميائية مثل أوكسيد الزئبق, وكبريتيد الزئبق, وحامض الكبريتيك, وحامض النتريك, وحامض الأوزتيك, والماء الملكي الذي يذيب الذهب. وقدم جابر الشكري في كتابه الكيمياء عند العرب طريقة تحضير جابر بن حيان لبعض المواد الكيميائية مثلا الزنجفر, وحامض النتريك: تحضير الزنجفر (كبريتيد الزئبقيك) لتحويل الزئبق الى مادة صلبة حمراء, خذ قارورة مستديرة, وصب فيها مقدارا ملائما من الزئبق, واستحضر آنية من الفخار, وضع بها كمية من الكبريت الأصفر المسحوق, وثبت القارورة فوق الكبريت, واجمعه حولها في شكل كومة مستعينا بمقدار آخر من الكبريت حتى يصل الى حافة القارورة, ثم ادخل الآنية في فرن هادىء, واتركها فيه ليلة كاملة بعد ان تحكم سدها, واذا فحصتها بعد ذلك وجدت الزئبق قد تحول الى حجر احمر, وهذا هو ما يسميه العلماء بالزنجفر. ومعادلة التفاعل الكيميائي هي: كبريت + زئبق = كبريتد الزئبقيك. وهذه الطريقة التي قام بها عملاق علم الكيمياء جابر بن حيان في تحضير كبريتيد الزئبقيك, ليس في المختبر فقط ولكن في الصناعة أيضا. اما تحضير حامض النتريك: يمزج رجل من الزاج القبرصي (كبريتات الحديدوز) ورطل من ملح الصخر (نترات البوتاسيوم او ما يقال له ملح البارود) وربع رطل من الشب اليمني, ويقطر المزيج بنار شديدة. تفسير التفاعل: تتأثر كبريتات الحديدوز بالحرارة فتتصاعد منها غازات ثاني وثالث اوكسيد الكبريت, وهذه تذوب في الماء, الذي يتصاعد من الكبريتات ومن الشب فيتكون حامض الكبريتيك. هذا الحامض يتفاعل مع نترات البوتاسيوم فينتج حامض النتريك. يساعد الشب في عملية الانصهار من جهة وإعطاء الماء من جهة أخرى. ولم تكن هذه الطريقة معروفة قبل جابر بن حيان, ولم يرد أي ذكر للحامض أيضا في أي مرجع علمي خلفه الأوائل من علماء اليونان وغيرهم. ولا شك في ان جابر بن حيان الأزدي استفاد من أعمال ونصائح كل من خالد بن يزيد بن معاوية واستاذه الإمام جعفر الصادق, لذا دعا جابر بن حيان بقوة الى التركيز اولا على أسباب إجراء التجربة العلمية. وثانيا على القيام بها لكي يحصل على المطلوب. وهذا يظهر واضحا جدا للدارس والباحث من أعمال جابر بن حيان الفريدة في مجال علم الكيمياء التي لم يسبقه احد اليها من العلماء الأوائل.