بتوقيعهما اتفاق تقاسم الثروة استطاعت الحكومة السودانية وحركة الجيش الشعبي لتحرير السودان المتمردة امس تخطي العقبة الرئيسية على الطريق الى تحقيق السلام في السودان. وبموجب الاتفاق الذي وقعه نائب الرئيس السوداني على عثمان محمد طه والدكتور جون قرنق زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان ووزير الخارجية الكيني كالونزو موسيوكا الذي تستضيف بلاده المفاوضات في مدينة نيفاشا الكينية في مراسم نقلتها قناة السودان التلفزيونية الفضائية وسط زغاريد نساء سودانيات من داخل القاعة وتبادل التهاني بين اعضاء الوفدين والراعي الرسمي للمفاوضات سيقسم الطرفان عائدات النفط مناصفة اضافة الى اعتماد نظام للسياسات النقدية وإدارة وتوزيع العائدات النفطية وغير النفطية. وفي تصريحات مقتضبة عقب مراسم توقيع الاتفاق قال جون قرنق ان الاتفاق يعتبر نجاحا كبيرا يقربنا اكثر من اتفاق عادل ومتوازن لبلادنا.. وعملية السلام في السودان باتت الان حقا لا رجعة فيه. وقال طه ان هذا يوم تاريخي في عملية السلام في السودان مشيرا الى ان هذه اللحظة التي تم التوقيع فيها على اتفاق اقتسام الثروة تمثل نهاية لفترة طويلة من الحرب والصراعات في البلاد.وقال وزير الخارجية الكيني كالونزو موسيوكا للصحفيين قبل لحظات من بدء حفل توقيع الاتفاق الذي اقيم في فندق مطل على بحيرة في بلدة نيفاشا في شمال غرب نيروبي : السلام في السودان اكيد ولا رجعة فيه. وينص الاتفاق على أن تستخدم الحكومة المركزية في الخرطوم والحكومات المحلية في الولاياتالجنوبية العشر عائدات النفط في مجالات التنمية وإعادة التأهيل والاعمار. وترك الاتفاق موضوعين آخرين لتسويتهما قبل توقيع اتفاق سلام نهائي هما اقتسام السلطة ووضع ثلاث مناطق متنازع عليها. ورحبت المعارضة الشمالية بالاتفاقية وقالت إنها تمثل خطوة متقدمة على طريق التوصل لاتفاقية نهائية لوضع حد للحرب المستمرة في السودان منذ 20 عاما. ووقع الاتفاق السيد على عثمان محمد طه النائب الاول للرئيس السودانى وجون قرنق زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان واودت اطول حرب اهلية في افريقيا بحياة مليوني نسمة وتشريد اربعة ملايين. ويقول خبراء ان انتاج النفط في السودان يتوقع ان يرتفع الى 450 الف برميل يوميا بحلول عام 2005 وان هناك فرصة لان يصل الى 800 الف برميل يوميا في عام 2010 على ان يواصل السودان اجتذاب المستثمرين الاجانب في قطاع الطاقة الذي يقتصر حاليا على شركات اسيوية. واضطرت شركات نفط غربية للتخلي عن عملياتها في جنوب السودان بعد ضغوط مارستها عليها الولاياتالمتحدةالامريكية وجماعات ضغط مسيحية ادعت ان حكومة الخرطوم تستخدم عائدات النفط في تمويل هجمات على المدنيين في الجنوب.ولجأت واشنطن الى اختيار طريق الباب الموارب في التعامل مع الحكومة السودانية بعد ان عجزت عن اسقاطها عسكريا من خلال دعم المتمردين بالمال والسلاح.كما تعرضت لضغوط داخلية قام بها رجال الاعمال والشركات النفطية التي خسرت مواقعها في السودان ودول مجاورة بسبب سياسات الادارات الامريكية المتعاقبة ويتضمن الاتفاق الذي توصل إليه الجانبان أيضا برامج لاعادة التأهيل والتنمية وإعادة بناء الجنوب والمناطق الاخرى المتضررة من الحرب في السودان. ومن المقرر ان يستمر الجانبان بعد التوقيع فى التفاوض حول قضيتى تقاسم السلطة والمناطق الثلاث المتنازع عليها وهى ابيى ومنطقة جنوب ولاية النيل الازرق وجبال النوبة. سيدخل السودان بعد توقيع اتفاق السلام في فترة انتقالية تستمر ست سنوات يتمتع خلالها الجنوب بحكم ذاتي ينظم في ختامها استفتاء لتقرير المصير. ولن تبدأ فترة الحكم الذاتي فعليا الا بعد توصل الجانبين الى اتفاق سلام شامل.