اتفاق تحييد المدنيين بين فصائل المقاومة وإسرائيل في حوار القاهرة الموقع في مطلع الشهر الجاري لم يلتزم به شارون كغيره من الاتفاقات المبرمة بين الفلسطينيين وإسرائيل, فهي في العرف الشاروني ليست سوى حبر على ورق ومن السهولة نقضها والقفز على مسلماتها ومقتضياتها، وليس أدل على ذلك من سلسلة الاغتيالات المتعاقبة التي يرتكبها شارون كان آخرها اغتيال خمسة شهداء في قطاع غزة، وليس من الصعوبة أن يطرح شارون تبريرا واهيا لعمليته تلك، فما أكثر تبريراته التي يحاول بها التملص من مسؤولياته عن جرائمه ضد الفلسطينيين، فالغارة الأخيرة تستهدف في جوهرها نسف اتفاق تحييد المدنيين، ويبدو أن شارون يريد التحييد من طرف واحد، وهو أمر مرفوض من قبل الشعب الفلسطيني، فالحديث عن هدنة لوقف اطلاق النار بعد تلك الغارة لا يعني إلا الاستخفاف والسخرية والاستهزاء بكرامة الشعب الفلسطيني، وهذا يعني أن الخيار الوحيد أمام الفلسطينيين هو مواجهة عدوان شارون لا حبا في العنف أو الارهاب كما يدعي، بل هو دفاع مشروع عن النفس، وثمة فارق كبير بين من يدافع عن حقوق مشروعه ثابتة وبين معتد يريد التهام تلك الحقوق، والقانون الدولي واضح لتفسير هذا المنحى، فهو يقر بصراحة ووضوح أحقية كل شعب يتعرض للإبادة في الصمود والكفاح والمقاومة، وهذا ما يفعله الشعب الفلسطيني، فإسرائيل تحاول باعتداءاتها المتكررة أن تدفع الفلسطينيين إلى الاستسلام لكل شروطها ومطالبها كخطوة تمهد لحرمان الفلسطينيين من أراض يطمحون اقامة دولتهم المستقلة عليها.