كثير من الفقهاء يعيش شبه معزول عن واقع الناس المعاصر، لذلك اتخذ بعضهم موقفا صامتا من الرياضة، إن لم يكن منفرا، وبعضهم تحفظ على الرياضة؛ لأنه يرى أنها تخدش الوقار، وآخرون وإن كانوا لا يمارسون الرياضة لكنهم يؤيدون الممارسات الرياضية التي كانت معهودة في زمن النبوة. فعن عائشة أنها كانت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر قالت: فسابقته فسبقته على رجلي، فلما حملت اللحم سابقته فسبقني فقال: هذه بتلك السبقة. رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد، وصححه البوصيري والألباني. وعن أبي هريرة قال: (قال رسول اللّه: لا سبق إلا في خف أو نصل أو حافر) .رواه الخمسة. وعن أنس قال: (كانت لرسول اللّه ناقة تسمى العضباء وكانت لا تسبق فجاء أعرابي على قعود له فسبقها فاشتد ذلك على المسلمين وقالوا سبقت العضباء فقال رسول اللّه: إن حقًا على اللّه أن لا يرفع شيئًا من الدنيا إلا وضعه). رواه أحمد والبخاري. عن ابن عمر أن رسول الله قال: «الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة». رواه مسلم. وكان المقاتل يعطى سهما لنفسه وسهمين لجواده في الغنائم، والجواد، من بين سائر ذوات الأربع، رياضي بطبعه يربط بين الصفة الرياضية وبين أخلاقيات سميت أخلاق الفروسية كالمروءة، والنجدة، والإقدام، والكرم، والكرامة. وكلها أخلاق اقتبسها أهل الغرب من اتصالهم بالحضارة العربية وسميت أخلاق الفروسية. ولقد قرأ الأدب العربي هذه الصفات في الخيل لذلك ما سماها إلا ببعض تلك الصفات: فالجواد من الجود، والحصان من الحصانة، والخيل من الخيلاء. وكان أفضل من خلد هذه المعاني من الشعراء المتنبي حيث قال: وما الخيل إلا كالصديق قليلة وإن كثرت في عين من لا يجرب إذا لم تشاهد غير حسن شياتها وأعضائها فالحسن عنك مغيب والعبرة ليست في مجرد ركوبها بل في مخالطتها، فمخالطة الخيل تربية رياضية نافية للنعومة وتدرب على الخشونة، ومهما كانت خلفيتك الاجتماعية فإن مخالطة الخيل تؤثر بصاحبها أثرا ايجابيا كبيرا مختلفا. وكان رسول الله يحث على تعلم الرماية وعدم تركها لمن تعلمها، وكان الصحابة يرمون مرانا أي تدريبا. فعن سلمة قال: (مر رسول اللّه على نفر من أسلم ينتضلون بالسوق فقال: ارموا يا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميًا ارموا وأنا مع بني فلان قال فأمسك أحد الفريقين بأيديهم فقال رسول اللّه: ما لكم لا ترمون قالوا كيف نرمي وأنت معهم فقال ارموا وأنا معكم كلكم). رواه أحمد والبخاري. وعن عقبة بن عامر قال: (سمعت النبي يقول: وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ألا إن القوة الرمي ألا إن القوة الرمي ألا إن القوة الرمي)، وعنه: (عن النبي قال: من علم الرمي ثم تركه فليس منا). رواهما أحمد ومسلم. وورد في تعلم السباحة ما رواه الطبراني والنسائي وصحح الألباني إسناده كما في صحيح الجامع أن النبي قال: «كل شيء ليس فيه ذكر الله فهو لهو ولعب إلا أربع: ملاعبة الرجل امرأته، وتأديب الرجل فرسه، ومشيه بين الغرضين، وتعليم الرجل السباحة». وقال عمر: «علموا أولادكم السباحة والرماية ومروهم فليثبوا على ظهور الخيل وثبا». والرياضة في حقيقتها نشاط ضروري لحياة الإنسان لتمرين عضلاته وأعضاء جسمه، وهي ضرورة علاجية لعلاج كثير من الأمراض، ونفسية لإشباع حب المنافسة، ولتنفيس حالات الغضب، والحزن، ولكسر حالات الملل، وتربوية بما تحققه من تنظيم التنافس، والتعاون من أجل هدف مشترك، وهي نشاط جمالي فيها ممارسات فنية وفيها تجميل طبيعي للأجسام وهي ضمن عوامل أخرى تبطئ سرعة الشيخوخة، كما تثري الحياة الاجتماعية. [email protected]