شهر رمضان الذي نعرفه ايام زمان, وخيره ومتعته ايام زمان, تختلف عن شهر رمضان هذا الزمان, فكان اول يوم من رمضان يعتبر عيدا سعيدا لنا, وكنا نعرف رمضان وخصوصيته بقراءة القرآن الكريم, ومع انه مميز في السابق بالعطش والجوع, الا انه كان امتع كثيرا, حتى السنبوسة واللقيمات والهريس والثريد كانت الذ, وكان الفرق واضحا بين رمضان وغيره من الشهور والأيام, اما الآن فرمضان مثله مثل شعبان, بل لم تعد لرمضان مباهج يختص بها, فقد اصبحت كل شهورنا رمضان, فيما عدا المسلسلات التلفزيونية الكوميدية والمقالب التي فيها, ولم نعد نحتاج للذهاب الى اي مكان لنشاهد اطلاق مدفع رمضان, ولم نعد نهرول الى منازلنا لنبشرهم بأن مدفع الافطار قد انطلق منذ لحظات, لان كل شارع في المملكة به العديد من الميكروفونات, التي ترفع اذان المغرب, انها حقيقة من حقائق عصرنا هذا, شئنا ام لم نشأ, ودعونا من المجاملات, فما نتحدث عنه هنا هو واقعنا اليومي, وما ساطرحه هنا ليس احلاما اتمنى تحقيقها, فالناس (اللي الله راحمهم) يختمون القرآن في هذا الشهر الفضيل مرات ومرات, كما كان اسلافنا يفعلون, اما (اللي ماتت قلوبهم), ليس لديهم فرق بين رمضان وشعبان, والحقيقة يستفزني - بعض الأحيان - الناس الذين هم في نومهم غارقون, او طوال شهر رمضان الفضيل يسهرون في الليل مع الفضائيات, وينامون في النهار, ولا يستيقظون الا مع اذان المغرب, كي يأكلوا ويشربوا كالأنعام, بينما القرآن في منازلهم أتى غلفه الغبار والعياذ بالله ولا يجدون حتى الرغبة في قراءة جزء او جزأين منه, وارجو ان يكونوا قلة بيننا, والمحزن هو ان بعض الآباء والمربين غير مكترثين بما يجري حولهم, وغير مكترثين بما يجري على من يعولون, فما دام الأب لا يتصف بالمثالية ابدا في هذا الشهر الفضيل, فما حيلة الأبناء الا الاقتداء, واذا سارت الامور في منازلنا على هذا النهج, فمن المحتمل ان تحدث في حياة ابنائنا تحولات جذرية, وقد يحول الأبناء رمضان من شهر عبادة الى عادة.