التي لا تزال عالقة بالذهن.. تلك التي عشتها أيام الطفولة والتي اتسمت بالكثير من المظاهر الرمضانية التي لا تُنسى، حين كان الاستعداد للشهر الكريم يبدأ مع بداية شهر شعبان، وهذا الاستعداد لا يعني كما هو الحال اليوم تكديس المواد الاستهلاكية والإسراف في المشتريات الرمضانية التي تفوق الحاجة، بل هو استعداد يعتمد على الجهد العائلي إلى حدٍّ كبير، حيث يتم دق الحبوب فيما يُسمّى (المهباش) حين يتناول اثنان من الرجال الأشداء يحمل كل واحد منهما مدقًا يضرب به الحبوب الموجودة داخل المهباش حتى تتكسّر ليناسب حجمها وجبة الهريس أو الجريش التي تُطبخ مع اللحم حتى تنضج ليتم هرسها بالمهراس قبل تقديمها للأكل، أما عملية طحن الحبوب، فإنها موكلة للنساء، إذ قل أن يخلو بيت من المطحنة وهي الرحى المكوّنة من صخرتين دائريتين، في الصخرة العليا وتد لتحريكها، أما الصخرة السفلى فهي ثابتة في الأرض، ويتم إعداد الطحين من حبوب البر، ليُستعان به في تجهيز أقراص المسح الرقيقة للثريد، كما يُخصص جزء من ذلك الطحين لعمل اللقيمات، وهي من الأطباق الرمضانية الشهيرة في منطقة الخليج، والخبز المخلوط بالتمر، وهو يُجهّز يوميًا عند خبازة الحي، حيث تذهب النساء إلى بيت الخبازة بعد صلاة العصر ومعهن العجين لتأخذ دورها، وكان من الصعب وصول خبر رؤية الهلال وبداية الصوم الى كل أرجاء البلاد؛ لانعدام أجهزة الاتصال، وعدم توافر أدوات التوصيل السريع، وكان هذا الخبر فى الماضي يصل الى القرى والتجمّعات السكانية البعيدة بواسطة الخيّالة، كما هو الشأن في حال إبلاغ أي خبر هام إلى تلك الأماكن البعيدة، فإذا تأخر وصول الخبر تأخر معه بدء الصيام، وكذلك بالنسبة للعيد، إذ كان من المألوف أن يفطر الناس في منتصف النهار بعد أن يصلهم خبر رؤية هلال شوال متأخرًا، فيؤدون صلاة العيد ظهرًا. في رمضان تكثر الحلويات سواء ما يُقدَّم منها على مائدة الإفطار أو ما يُقدَّم منها عند استقبال الزوار، حيث تكثر الزيارات بين الأهل والمعارف في الليالي الرمضانية المباركة، وتكثر معها أصناف الأطعمة المقدَّمة لهؤلاء الزوار، وهي أطعمة تكون معدَّة غالبًا مع طعام الإفطار. وفي رمضان تكثر الحلويات سواء ما يُقدّم منها على مائدة الإفطار أو ما يُقدّم منها عند استقبال الزوار، حيث تكثر الزيارات بين الأهل والمعارف في الليالي الرمضانية المباركة، وتكثر معها أصناف الأطعمة المقدّمة لهؤلاء الزوار، وهي أطعمة تكون معدّة غالبًا مع طعام الإفطار. ومنها الساقو والمحلبية واللقيمات والبلاليط مع البيض إضافة إلى الثريد والهريس. وكانت النساء من كبيرات السن يحرصن على حضور الحديث في الجامع بعد صلاة العصر، بعد أن يفرغن من إعداد الأطباق الرئيسة للإفطار، ويتركن للبنات إكمال ما لم يُجهّز لسفرة الإفطار التي يتم في الغالب تجهيزها إما دفعة واحدة، حيث يتم أكل الإفطار كاملًا بعد سماع مدفع الإفطار وأذان المغرب، أو دفعتين أي الاكتفاء بالتمر والماء واللقيمات والقهوة وقليل من الشوربة، ثم الذهاب لصلاة المغرب، وبعد العودة من أداء الصلاة يتم تناول الإفطار كاملًا بما تحتويه السفرة الرمضانية من أصناف الأطعمة والمشروبات الشهية، والتي تكون غالبًا من شراب الليمون أو الرمان الطازج، وجميعها من الإعداد المنزلي والمنتج المحلي. ومن المظاهر التي لا تُنسى أن دروب "الفريج" تعجّ بالأطفال قبيل أذان المغرب، وهم في غُدوٍّ ورَوَاح يحملون ألوانًا من الأطباق الرمضانية المختلفة المتبادلة بين الجيران، ولم يكن من المستغرب أن يقف الطفل في وسط الطريق ليسطو على شيءٍ من الطبق الذي يحمله في غفلةٍ من أقرانه، وهو يعرف أنه سيعرّض نفسه لعلقة ساخنة إذا اكتشف أمره. هذه بعض الذكريات الرمضانية التي ترد على البال ونحن نستقبل الشهر الكريم.. وكل رمضان وأنتم بخير.