حرز وزير الخارجية الامريكية كولن باول هذا الاسبوع انتصارا كبيرا داخل إدارة بوش المتصارعة بشأن السياسة تجاه العراق بإقناعه الرئيس الامريكي بأنه حان وقت التوجه إلى الاممالمتحدة والحصول على تأييدها للمهمة التي تقودها الولاياتالمتحدة في العراق. ونجاحه لا يمثل فقط انقساما كبيرا في السياسة الامريكية ولكنه أيضا انتصار في معركة النفوذ لدى الرئيس الامريكي جورج بوش بين وزارتي الخارجية والدفاع(البنتاجون). فالتوتر بين باول ودونالد رامسفيلد وزير الدفاع لم يعد سرا في واشنطن حيث يتنازع الاثنان على موضوعات حيوية في السياسة الخارجية يتخذ فيها رامسفيلد غالبا موقفا متشددا. وقرار التوجه إلى مجلس الامن التابع للامم المتحدة للحصول على تأييد بإرسال قوة تدعمها الاممالمتحدة والتنازل عن بعض السلطات للمنظمة العالمية هو على الاقل اعتراف ضمني من البيت الابيض بفشل خطة رامسفيلد في العراق بعد الحرب وأنه حان الوقت للتوصل إلى حل وسط لتشكيل قوة دولية قوية. وللمرة الاولى منذ هجمات أيلول/سبتمبر2001 ونجاح رامسفيلد في إقصاء نظامي طالبان وصدام حسين يتضح أن المكانة العالية الكاريزمية لوزير الدفاع في البيت الابيض قد تضاءلت بسبب فشله في تحقيق الاستقرار في العراق بعد شهور من هزيمة صدام. وقال وليام ناش جنرال الجيش السابق وزميل مجلس العلاقات الخارجية أي شخص يتولى تقييم أداء منصب وزير الدفاع في عراق ما بعد الحرب لا يمكن أن يتأثر بشئ. وأضاف من الصعب بالنسبة لي تصور أن ما يحدث قد زاد من درجة مصداقيته. ويعد باول رجلا محبوبا من الرأي العام الامريكي ولكنه يعتبر معتدلا وحتى منبوذا في الادارة الامريكية المكونة من المحافظين من أمثال نائب الرئيس ديك تشيني ورامسفيلد ونائبه باول وولفويتز المعروف بأنه لا يعطي اعتبارا كبيرا للامم المتحدة. ويعتقد العديد من المراقبين أنه تم تهميش باول داخل الادارة في الجدل حول العراق والذي أدى إلى الحرب ثم أصبح مادة للقصص الصحفية طوال الصيف بأنه لن يبق في منصبه في حالة فوز بوش بفترة رئاسة ثانية. ولكن مع تداعى جهود إعادة البناء في العراق بدأ باول وفريق دبلوماسييه يضعون صيغة القرار لاعطاء دور أكبر للامم المتحدة وانتظروا اللحظة المناسبة لتقديم المسألة إلى الرئيس. ويوم الخميس نفى باول تماما تقريرا نشرته صحيفة واشنطن بوست يقول بأنه استغل علاقاته الودية مع القادة العسكريين أبان أيام وجوده في البنتاجون لتحطيم رامسفيلد والحصول على تأييد الرئيس. وقال باول للصحفيين لا يمكن اعتبار هذه القصة صحيحة لانها خيالية بل وخيالية كلية. وأضاف وهي لم تحدث. فلا توجد مثل هذه المؤامرة وليست هناك أية حاجة لمثل هذه المؤامرة. وقال باول إن رامسفيلد مطلع على المناقشات الخاصة بشأن التوجه للامم المتحدة مضيفا وهذه هي الطريقة التي نؤدي بها عملنا. وفي طريقه إلى بغداد هذا الاسبوع قال رامسفيلد للصحفيين أنه يؤيد العملية في الاممالمتحدة وأن مشاركة المزيد من القوات الدولية سيكون شيئا طيبا بالنسبة للعراق. ويقول المراقبون إنه من الغريب أن يتآمر باول ضد عضو آخر في الحكومة أو المشاركة في معركة بشأن مسائل شخصية. ولكن من المحتمل أن تكون المسألة بشأن سياسة فاشلة ووجود رغبة لدى الادارة والمسئول عن سياستها الخارجية في إيجاد مسار آخر. وقال ناش أن باول يرى رامسفيلد كفلاح يقاتل في الحرب فإذا أنتصر كان الامر عظيما وإذا لم يحدث إنتصار نجتمع لعمل شئ آخر مضيفا أن صبر باول هو دليل على فهمه السليم للتحديات التي تواجه الولاياتالمتحدة. وقال ناش إن باول واحد من الاشخاص القلائل في الادارة القادرين على الربط بين جميع النقاط في فترة التحديات والفرص التي تواجه الولاياتالمتحدة في عالم ما بعد 11أيلول/سبتمبر. ولكن نجاح باول الحقيقي سوف يتحقق إذا استطاع حشد الاصوات في مجلس الامن لصالح الخطة الامريكية الجديدة والتي تواجه انتقادات من جانب ألمانيا وفرنسا بأن صيغتها غير كافية لاعطاء المزيد من السلطات للامم المتحدة والشعب العراقي.