قلل كولن باول وزير الخارجية الامريكية من شأن تقرير أفاد بأنه لن يستمر في منصبه لفترة ثانية إذا أعيد انتخاب الرئيس جورج بوش رئيسا للولايات المتحدة ولاية ثانية. ورفض مسئولون آخرون توضيح ما إذا كان باول سيستمر في منصبه لمدة أربع سنوات أخرى إذا فاز بوش في الانتخابات الرئاسية لعام 2004. غير أنهم رفضوا تماما رواية صحيفة واشنطن بوست التي جاء فيها أن ريتشارد آرميتاج مساعد باول أبلغ مستشارة الامن القومي كونداليزا رايس بأنه وباول سيتركان منصبيهما مع بداية الفترة الثانية لبوش إذا أعيد انتخابه مرة أخرى رئيسا للبلاد في انتخابات الرئاسة الامريكية العام المقبل. وعلق باول قائلا "هذا هراء". وأضاف في حديث لراديو سوا "هذه إحدى الروايات التي تظهر في واشنطن والتي لا تعدو كونها أكثر من مجرد شائعة والشائعة تؤدي إلى مجموعة متتالية من التكهنات بشأن من سيملا فراغ وظيفة شاغرة لا وجود لها". والامر سيكون حتى أكثر من مجرد مفاجأة إذا استمر باول في إدارة رئاسية ثانية محتملة بقيادة بوش في كانون الثاني/يناير 2005. التاريخ يظهر أن إمكانية حدوث ذلك غير مرجح. والتاريخ يشير إلى أنه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية لم يشغل منصب وزير الخارجية لفترتين متتاليتين تامتين سوى وزير واحد فقط. كان هذا الوزير هو دين راسك الذي ظل في منصبه ثماني سنوات تحت قيادة الرئيسين جون كنيدي وليندون جونسون كانت سنوات حرب فيتنام. وبعد ذلك خدم جورج شولتز في منصبه لمدة عامين في عهد الرئيس رونالد ريجان ثم استمر طوال فترة ريجان الثانية أي أنه شغل منصب وزير الخارجية لمدة ست سنوات في ظل رئاسة ريجان التي استمرت فترتين متتاليتين. وعدا ذلك لم يبق وزير خارجية أمريكي آخر أطول من هذه الفترة وفي الحقيقة فإن التقاليد تدفع كافة الوزراء إلى تقديم استقالتهم في نهاية الفترة الاولى من ولاية أي رئيس يفوز بفترة حكم ثانية. وتوجد أسباب أخرى - إلى جانب عامل التاريخ ربما ترجح إقدام باول على التنحي عن منصبه إذا أعيد انتخاب بوش لولاية ثانية منها ضغوط منصبه الذي يعتبر أكثر المناصب حساسية وضغوطا مقارنة بأي مناصب أخرى باستثناء منصب الرئيس. وطبقا لواشنطن بوست فإن باول "66 عاما" أبلغ زملاءه بأنه سيترك وزارة الخارجية وفاء بوعد قطعه على نفسه لزوجته في هذا الصدد وليس بسبب وجود خلافات كبيرة داخل إدارة تميزت بنزاعاتها السياسية الضارية. ورغم خوض إدارة بوش حربين في كل من أفغانستانوالعراق وتوتر العلاقات الدولية بسبب نزوع واشنطن إلى الانفراد بسياسات أثارت حفيظة أطراف دولية فاعلة أخرى في الساحة الدولية فإن السياسة الخارجية ستلعب بالقطع دورا رئيسيا في الانتخابات الرئاسية العام المقبل. وتردد أن باول تعرض للنبذ في مرات عديدة داخل الحكومة بسبب خلافات مع شخصيات متطرفة مثل نائب الرئيس ديك تشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد ونائبه بول وولفوفيتز. كان باول يميل إلى إيجاد حلول دبلوماسية لاي مشكلة مثل حشد الرأي العام الدولي في الاتفاق حول المسألة العراقية وهو ما أظهره بموقف المعارض بصورة مباشرة لموقف آخرين بالادارة إزاء العراق مثل تشيني ووولفوفيتز اللذين حبذا العمل بصورة منفردة. كان باول طيلة الجدل داخل إدارة بوش حول مشكلة العراق يدعو بقوة إلى إحالة القضية إلى الاممالمتحدة ناصحا بالحاجة إلى كسب التأييد الدولي لاي إجراء يستهدف الاطاحة بصدام حسين إذا لم يمتثل نظام بغداد لعمليات التفتيش الدولية على أسلحته المحظورة في ذلك الوقت. وحقق باول الاسبوع الماضي نصرا دبلوماسيا حينما وافقت كوريا الشمالية على زيادة عدد الاطراف المشاركة في المحادثات الخاصة بالازمة النووية لتشمل اليابان وكوريا الجنوبية وهو مطلب رئيسي دأبت الولاياتالمتحدة على المطالبة به منذ بداية المفاوضات. وكان باول خلال الشهور التي أعقبت فشله في حشد أي تأييد داخل مجلس الامن الدولي لشن هجوم عسكري على العراق بدأ يواجه سيلا من أسئلة الصحفيين حول مستقبله في إدارة بوش. وفي معرض رده على سؤال ألقى على سمعه خلال عدد لايحصى من المرات بشأن قراره في الاستمرار فترة ثانية وزيرا للخارجية لم يعرب باول ضمنيا عن رغبته في البقاء مكتفيا بالقول إن مثل هذا القرار شأن بوش فقط. وكرر باول عبارته الشهيرة التي ظل يرددها طيلة الشهور الماضية أعمل تحت مشيئة الرئيس.. الرئيس وأنا لم نناقش أي شيء سوى استمراري في خدمته". ويبدو أن آرميتاج مساعد باول يحذو حذو رئيسه حيث لم يعبر قط عن نواياه في مقابلة أجراه معه راديو "شون هانيتي" أمس الاثنين. وقال آرميتاج "لم اقبل أو أرفض على الاطلاق وظيفة لم تعرض على حتى الآن". ونفى آرميتاج تماما رواية واشنطن بوست واصفا إياها بأنها "هراء" ومشيرا إلى أنه لم يبلغ رايس أبدا بأنه وباول يعتزمان التنحي عن منصبيهما. كما قلل البيت الابيض أيضا من شأن التقرير مشيرا إلى أنه لايعدو كونه مجرد شائعة من شائعات الصيف. وقال المتحدث باسم البيت الابيض سكوت ماكليلان في مؤتمر صحفي بتكساس حيث يقضي بوش عطلته في مزرعة كراوفورد التي يمتلكها هناك "عليك أن تعشق شهر آب/أغسطس حيث تتناثر كثير من الانباء وتلال من الشائعات حول العاصمة واشنطن".ومن المقرر أن يلتقي باول وآرميتاج ببوش اليوم الاربعاء في مزرعته لبحث قضايا خارجية منها الازمة النووية لكوريا الشمالية والوضع في العراق والتطورات في الشرق الاوسط. وأضاف ماكليلان أن الاجتماع كان تقرر قبل أسبوعين على غرار اجتماع عقد العام الماضي في مزرعة بوش بتكساس حيث كان الرئيس يقضي عطلته أيضا.