قبل عشرات السنين الماضية كانت الأم او الاخت من تتكفل باختيار الفتاة المناسبة للابن، او للاخ.. وهي من تبحث بطرقها الخاصة عن الفتاة الملائمة ولا داعي لرأي الشاب فيها فالزواج تم والاولاد سيأتون والحياة تستمر. اما الآن فقد تغيرت المفاهيم وتبدلت الآراء وتداخلت الافكار فهناك من يصر على ان يكون هو من يختار عروسه وفتاته التي سيرتبط بها وينجب منها اطفاله وهناك من يصر على ضرورة مهاتفتها ومجالستها، بحجة انه يريد ان يعرف طباعها وطريقة تفكيرها وسلوكياتها في التعامل ويبقى الطرف الثالث من هؤلاء الشباب مصرا على ان تقوم الام بهذا الموضوع فهي كفيلة باختيار شريكة حياته ولا يطمئن الا بمن تقنع بها والدته أخواته. وتتفاوت كذلك آراء الفتيات حول هذه القضية فمنهن من ترجح التعارف ومنهن من تنفيه ومنهن من تؤيد التعارف بحذر شديد من مستقبل هذا التعارف. وكما يختلف الشباب والفتيات في هذه القضية كذلك والاباء الذين هم موضع الاهمية يختلفون في تلك الفكرة منهم من يرجح ومنهم من يعارض. @ طارق طاهر قال: ان التعارف قبل الزواج امر محمود ومذموم في نفس الوقت وان يلتقي الطرفان المعنيان بالزواج ويتفاهمان في امورهما المستقبلية ويعرفان بعضهما البعض يعتبر شيئا محببا ولكن ذلك مذموم بالنسبة للفتاة فهو صعب ان تبلغ انها خطبت لفلان ويريد ان يراها ثم يلتقي معها ويراها ثم لا تعجبه فيتركها فهذا الامر قد يسيىء اليها فانها ستنجرح مشاعرها وتهان كرامتها فالرجل لن يخسر شيئا من هذا التعارف ولكن المرأة هي الخاسرة فلذلك لابد من وضع احترام لها ولمشاعرها. @ وقال قاسم ابراهيم حبيب: ان التعارف قبل الزواج بنية الزواج حيث تكون النية صادقة والمجال للتلاعب في مشاعر الفتيات فلا بأس من ذلك اما اذا كان ما يسمى بالصداقة بين الفتاة والشاب من دون نية الزواج فهذا امر مغلوط ولا داعي له ولابد من صيانة كرامة المرأة وصيانة حقوقها. @ وقالت الهام احمد مسعود: فكرة مقبولة لدي ولكن عند اهلي ليست مقبولة ومرفوضة تماما. فيكفيهم السؤال عن الشخص المتقدم للزواج ومعرفته وليس مهما ان تعرفة الفتاة فهذا بعد الزواج، وهو الامر الذي درج التعامل معه في مجتمعاتنا. واضافت ميساء مبارك: لا بأس من ان تلتقي الفتاة بالشخص الذي تريد ان تقترن به مشددة الى اهمية وجود الاهل واهمية تواجد اهله ايضا حيث ان ذلك يعطي الفتاة نوعا من الاطمئنان للشخص اكثر من ان تتعرف عليه هي وحدها وتهاتفه وتراسله بمعزل عن اهلها ومن دون علمهم فاعتقد من تفعل هكذا ان تفلح ابدا، وفضلا عن ان اهلها في غفلة من الامر حينما تفعل ذلك، فان الفتاة بطبعها تميل الى العاطفة ويمكن ان تنجرف معه اذا كان مخادعا، فمن كانت نيته سليمة فليقابل الفتاة التي تعجبه في محضر من الاهل، وهذا هو الحل الوسط والاسلم. ورفض احد اولياء الامور ذكر اسمه مشددا على احترام التقاليد وشدد ابو حسين على عدم السماح لابنته ان يراها شاب او يحادثها من دون نية زواج او حتى لو نوى على الارتباط بها لا اعتقد ان لذلك داعيا من الاساس. فمن الذي يضمن لي ان الشاب قد يكون متلاعبا وفقط يريد ان يتسلى, من وجهة نظري لا داعي لذلك واعتقد ان الاهل تكفي معرفتهم ببعض اهل الفتاة يعرفون اهل الشاب والعكس ويثقون ببعض فلا داعي للشباب ان يتعرف على البنت وبعد الزواج بالعشرة ومع السنين يتعودون مع بعض ويتحملون طباع بعض وتستمر حياتهم، وهكذا عشنا وسنعيش! @ اما توفيق عبدالكريم صالح فقال: انا مع هذا التعارف بحدود.. للشاب المتقدم لابنتي الحق في ان يحادثها ويراها قبل ان يعقد قرانها لربما لا تعجبه بعد كتابة العقد فيصر على فسخ العقد وتحمل ابنتي لقب مطلقة لماذا؟ له الحرية في ان يراها ويتحدث معها ويتبادل معها الآراء ويعلم اهله وبحدود معقولة ومقبولة، مضيفا ان هذا الأمر يقلل من الاخطاء والعيوب التي تحدث للكثيرين. ويؤيد ابو بسيم ما ذهب اليه توفيق قائلا: ان التعارف قبل الزواج امر معمول به في جميع المجتمعات العربية وقد سمح الشرع بنظرة الشاب للفتاة المراد الارتباط بها واعتقد ان زمن ان تخطب الام لابنها ولا يراها الا ليلة العرس قد مضى وولى وهذا امر خاطىء في الوقت الراهن لربما البنت التي اختارتها الام للولد لا تعجبه هو او لربما فيها عيب خلقي عند الام امر عادي. فمن حق الشاب ان يرى الفتاة التي يريد الاقتران بها ويتحادث معها والزواج من غير تعارف عادة سيئة في الوقت الحالي ويوجد مشاكل عديدة للطرفين فلكي نتجنب هذه المشاكل من الاساس على الطرفين التعارف والجلوس مع بعض والتحادث طبعا في حدود معقولة ومقبولة عرفا وشرعا. @ وتقف نوال عبدالعزيز راضي في نفس الصف قائلة: انا مع فكرة التعارف قبل الزواج فهي مفيدة جدا للطرفين ولها نتائج ايجابية على الاقل القناة تطمئن للشخص الذي يرتبط بها وتعرفه من خلال محادثتها له وتعرف طريقة تفكيره وسلوكياته وشخصيته حتى اذا لم تتواءم معه يحق لها ان تتركه دون ندم. وتضيف حصة عبداللطيف: ان التعارف قبل الزواج يعطي كلا منهما نوعا من الثقة بالنفس وثقة بالشخصية ان الاهل اعطوا اولادهم الحرية في الاختيار لكي لا يشعر الاولاد بأن الاهل قد اجبروهم على شيء لا يرتاحون اليه واعتقد ان هذه الفكرة لا يستحسنها الا العوائل الراقية والمتفتحة والواعية لمستقبل الشباب وانما العوائل المغلقة لا تؤيد ذلك وتراه عيبا مع العلم انه مشروع في الدين وفي التقاليد الاسلامية الاصيلة. ويرفض مصطفى السالم رفضا قاطعا ان امي هي التي تخطب لي او احدى اخواتي.. الفتاة التي اريد الاقتران بها انا الذي أختارها وعلي مجالستها ومهاتفتها مرات كي اعرفها واعرف تفكيرها وشخصيتها وسلوكياتها لربما لا تعجبني مؤكدا انه لا يرغب في الضحك على الفتاة التي يرغب في الاقتران بها مستدركا ولكن في مجتمع محافظ كمجتمعنا كيف لي ان اختار وكيف يتسنى لي ان التقي بمن اريد؟! لا اعلم؟ @ يقول الدكتور عبدالله بن احمد قادري - احد الباحثين في التربية الاسلامية وشؤون المجتمع الاسلامي - ان عرض الاب لابنته لمن يريد الزواج منها امر مشروع في الدين وقد عرض الرجل الصالح احدى ابنتيه على (موسى) عندما توخى فيه الصلاح كما قال تعالى (قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين قال إني اريد ان انكحك احدى ابنتي هاتين على ان تأجرني ثماني حجج). وقد طبق اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عهده كما عرض عمر بن الخطاب بنته حفصة حين تأيمت على عثمان فاعتذر ثم عرضها على ابي بكر فسكت ثم خطبها رسول الله وعلم عمر ان سبب اعتذار عثمان وسكوت ابي بكر ان رسول الله قد ذكرها. ولا يجوز للولي ان يمنع المرأة من الزواج اذا كان الزوج المتقدم كفئا لها وهي راضية به. مذكرا انه لا يجوز اجبار المرأة على الزواج من شخص لاترضاه لما في اجبارها من فقد الحياة المطمئنة والراحة النفسية والمودة والسكن والرحمة، وتلك من اهم اهداف الزواج في الشريعة الاسلامية. واضاف قادري: لقد شرع لاسلام الخطبة والنظر الى المرأة ليرى ان كانت تعجبه لئلا تفاجأ بعد الزواج بكرهها فتعيش معه حياة غير مرضية وقد يصل به الامر الى فراقها وفي ذلك اساءة اليها وادخال الحزن الى قلبها وحرمانها من حياة تاقت لها في مقتبل عمرها ولان المقصود من الزواج هو دوام العشرة واستقرارها. وقد نظر الرسول صلى الله عليه وسلم الى التي وهبت له نفسها فلم تعجبه فيتركها باسلوب مناسب كما في حديث سهل بن سعد: (ان امرأة جاءت رسول الله فقالت يا رسول الله جئت لاهب لك نفسي فنظر اليها الرسول فصعد النظر اليها وصوبه ثم طأطأ رأسه فلما رأت أنه لم يقض فيها شيئا جلست). وان كان اكثرية الناس لا يلتفتون لهذا الامر، ويصرون على التمسك ببعض العادات القادمة، الا ان التطورات التي حدثت مدى العقدين الماضيين جعلت من البعض يحاول التقدم خطوة لتطبيق الشريعة الحقة، من خلال التنازل عن بعض القيم التي ورثوها عن ابائهم.