جاء الدين الإسلامي مشرعاً للرؤية الشرعية للطرفين قبل الزواج غير أن صوت العادات والتقاليد جاء رافضاً لهذا الحق الشرعي الذي سُمح به وفق اطار معين وضمن ضوابط شرعية تضمن للطرفين نجاح الحياة الزوجية.. أولياء الأمور هم أكثر من يرفض الرؤية الشرعية في حين أن الشباب والشابات يطالبون بها.. وهنا نرصد بعض الآراء التي جاءت في سياق هذا الموضوع. في البداية: سليمان العقيلي أحد أولياء الأمور يرفض الرؤية الشرعية لأي خاطب قائلاً: لا أرضى أن أعرض ابنتي كسلعة إن أعجبته تزوجها وإن لم تعجبه يذهب عنها ثم اننا جميعاً تزوجنا على هذا الأساس أي بدون نظرة شرعية ويكفي أن تقوم الأم أو الأخت بهذا الدور بدلا من الخاطب.. وتضيف السيدة أم عبدالمجيد بأنها من الرافضين وبشدة لهذا المبدأ متهمة الشباب بأنهم بعد النظرة الشرعية لا يراعون خصوصية الفتاة من حيث اظهار عيوبها لدى الآخرين بعد أن شاهدها ورفض الاقتران بها كما حدث لدى إحدى قريباتنا مؤخراً ويكفي أن يسأل الخاطب والدته في حين يتحرى أيضاً والد الفتاة عن أخلاق الشاب ليزكيه أمام ابنته إذا كان كفواً للزواج بها. وتذكر نادرة القاسم ان الرؤية الشرعية كما أفهمها هي داخل إطار شرعي يرضي الطرفين فالشاب من حقه أن يرى الفتاة قبل عقد القران والعادات والتقاليد التي ترفض هذه الرؤية قد تكون سبباً في عدم انجاح الزواج إذ يفاجأ الرجل في عروسه يوم الزفاف والعكس أيضاً مما قد يسبب فتوراً بينهما قد تتجنبه إذا توفرت لهما فرصة الرؤية الشرعية. كما تضيف مها عويد: أنا مع الرؤية الشرعية التي شرعها الإسلام وليست الرؤية التي على أهواء الآخرين وهي أن تخرج الفتاة للمتقدم من دون أي زينة زائغة وبحضور محرم لها حتى تكون متطابقة للشرع وقد حدث أني رفضت شخصاً بعد الرؤية الشرعية لأني لم أشعر حينها بالارتياح له وما كان من أهلي إلا أنهم تفهموا وجهة نظري.. كما يوافقها الرأي الشاب علي قائلاً: أنا اؤيد الرؤية الشرعية بنسبة كبيرة وغالباً ما نجد الأهل الذين يرفضون العادات والتقاليد يكون لديهم ما يخفونه في ابنتهم وفي أغلب الأحيان نجد أن هذه الزيجات رحلتها قصيرة جداً وتنتهي بالطلاق.. لقد حددت الشريعة الإسلامية اجراءات اقتران الرجل بالمرأة ضمن عش الزوجية وألغت عدداً من الأمور التي كان فيها هضم لحقوق المرأة ومكانتها وجعلت لها اعتباراً في الرضا والاختيار كما شرعت عدداً من الأسباب والوسائل التي تحقق الزواج الناجح وحرص النبي صلى الله عليه وسلم على التوافق النفسي، فشرع النظرة الشرعية التي يحدثنا عنها الأستاذ: عصام بن عبدالعزيز الشايع - مشرف تربوي بادارة التربية والتعليم بالطائف.. قائلاً: المتأمل بالتسليم والتجربة يجد أن سنّة محمد صلى الله عليه وسلم بالنظرة الشرعية هي ما توافق نظرة البشرة كونها تؤلف القلوب انطلاقاً من حديث (المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - أنه خطب امرأة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما ففعل (أي يؤلف بينكما). ولذا عندما نتطرق للنظرة الشرعية في عالمنا الإسلامي فإننا نجدها فئتين الفئة الأولى: يقرون نظرة بلا قيود حتى تصل أن المخطوبة تخرج مع خطيبها وتبرير أصحابها هو: معرفة الرجل للمرأة أكثر والسبب في ذلك قلة الوازع الديني. سلبياتها: 1- يحرم خروجها معه لما في ذلك من خلوة لامرأة لم تحل له بعد. 2- يقل حياء المرأة بحكم خروجها المتكرر معه. 3- تفريغ كثير من العواطف بينهم حتى إذ جاء وقت الزواج أصبح هناك برود عاطفي. 4- قلة غيره الرجل على المرأة بحكم أنها ليست زوجته. الفئة الثانية: لا تقر نظرة الخاطب إلى خطيبته. وتبرير أصحابها: هو الخوف من استغلال الخطيب أن يأتي ويتمتع بالنظرة وهو غير جاد وهنا نجد أن الغيرة الشديدة التي جاوزت الشرع بطغيان العادات والتقاليد وإلا فلابد أن هذا الخطيب لم تقبل بمجيئه إلا بعد أن سأل والد الفتاة عنه وعرف دينه وخلقه فكيف يقولون غير جاد. ومن سلبيات هذا: 1- ظهور صورة المرأة يوم الزواج بغير ما كان يوصف له. 2- الطلاق لعدم رغبة الزوج بالمرأة ومجيئها على غير ما تهوى نفسه ومحبة القلب لا يملكها إنسان. والأصل هنا هو إقرار النظرة الشرعية المنطلقة من هدي محمد صلى الله عليه وسلم. فعندما سئل سماحة الشيخ العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - عن رؤية المخطوبة أجاب: (لاشك ان عدم رؤية الزوج للمرأة قبل النكاح قد يكون من أسباب الطلاق. إذا وجدها خلاف ما وصفت له. ولهذا شرع الله سبحانه للزوج أن يرى المرأة قبل الزواج حيث أمكن ذلك. فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل، فإن ذلك أحرى إلى أن يؤدم بينهما). (رواه الحاكم في المستدرك بإسناد حسن). كما سئل العلامة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز عن حدود رؤية المخطوبة، فأجاب - رحمه الله -: (فإذا كشفت له وجهها ويديها ورأسها فلا بأس على الصحيح. وقال بعض أهل العلم يكفي الوجه والكفان، ولكن الصحيح انه لا بأس أن يرى منها رأسها ووجهها وكفيها وقدميها ولا يجوز ذلك مع الخلوة بها لابد أن يكون معهما أبوها أو أخوها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم). والرؤية الشرعية يتحقق بها أمران: الأول: الارتياح النفسي ثم التوافق الروحي بين الزوجين فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم "الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف" وهذا التعارف الغالب أنه يكون في أول لقاء يجمع بين الشخصين.. الثاني: الذي يتحقق بالرؤية قبول كلا الزوجين للآخر. في مظهره الخارجي. خاصة الزوجة فالرجل له مقاييس معينة ومحددة في جمال الوجه والمرأة كذلك وهذه أمور نفسية يدركها المتخصصون..