أحد الشباب سأل أصحابه مستنكرًا فتاة عشرينية عرضت نفسها عليّ! فكيف أرد طلبها بما لا يجرح شعورها، وفي حياتنا اليومية قد نسمع عن فتيات قمن بعرض أنفسهن على شباب من أجل هدف راقٍ وسامٍ وهو الزواج وتحصين النفس، لكن هل ثقافة المجتمع تقبل عرض الفتاة نفسها على الشاب أم أن هذا قد يُولد شكوكًا وظنونًا عند الشاب بأنها وقاحة من الفتاة أو سوء ادب أو أن سمعتها سيئة فلم يتقدم لها أحد! او غيرها من الشكوك التي تخالج الشاب، “الرسالة” فتحت قضية خطبة الفتاة لنفسها فكانت الآراء كالتالي: تهيئة للخطاب بينّ د. عدنان باحارث “المستشار الأسري” أن تهيئة الفتاة للخطاب مبدأ لا غبار عليه وليس فيه ما يشين الفتاة واسرتها واستشهد بقوله: “فقد أقرَّ رسول الله سبيعة بنت الحارث الأسلمية رضي الله عنها لما تهيأت للخطاب بعد وفاة زوجها، ووضعها للحمل بأيام قليلة، حيث رغبت في استئناف حياة زوجية جديدة، رغم إنكار أقربائها عليها، حيث قال مقرًا لها: “ما يمنعها، وقد انقضى أجلها”، وكان الناس في الزمن الأول يعرضون وجه الفتاة في الطواف بالبيت حتى يرغب فيها من يرغب، ثم يخدِّرونها بعد ذلك فلا تخرج إلا إلى بيت زوجها، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: “أبرزوا الجارية التي لم تبلغ لعل بني عمها أن يرغبوا فيها”، وكل هذا مقيد بعدم الفتنة، والرغبة الخالصة في طلب الزواج، وترويج الفتيات لدى الخطاب، وإلا مُنع من كل هذا إيثارًا للسلامة.، ورغم أن الحياة الاجتماعية المعاصرة التي قامت في غالبها على اختلاط الجنسين في ميادين الحياة المختلفة: فخفَّفت بذلك من الأساليب التقليدية في اختيار الشريك، إلا أن الأساليب الملتوية الخفية، التي يتخذها بعض الفتيات في جذب الخطَّاب ما زالت قائمة بينهن، في حين أن هؤلاء الفتيات لو أدركن ما يُرغِّب الشباب فيهن من الصفات المشروعة، وسعين إلى تحقيق ذلك في أنفسهن -حسب استطاعتهن- كان هذا هو الأولى، والأقرب إلى الشرع من جهة، ولتحقيق مرادهن من جهة أخرى”. لفت نظره وأضاف موضحًا رأيه في عرض الفتاة نفسها على الشاب بقوله: “إن إدراك الفتاة للمشروع من وسائل جذب الشاب الصالح لخطبتها، وما ينبغي أن تكون عليه، وتتحلَّى به في ذلك: يُعدُّ أفضل وسيلة للشروع في الحياة الزوجية، وتكوين البيت المستقر، في جوٍ من الألفة والمحبة، ولا يعني هذا التَّحفُّز من الفتاة، ووليها في انتظار الخطَّاب: المنْعَ من أن يكون منهما مبادأة للرجل المناسب، فإن عرض الولي ابنته على الرجل الصالح ليتزوجها: سنة ماضية، عمل بها بعض السلف. كما أن عرض الفتاة نفسها على الشاب الصالح بالأسلوب البريء المشروع: جائز إذا سلمت نيَّتها، وحسن مقصدها، حتى وإن كان المجتمع يستهجن المُبادأة من الفتاة في شؤون الزواج، فإنها -في كل هذا- لا تزيد في ذلك عن لفت نظره دون ريبة، وإشعاره بوسيلة من الوسائل المشروعة بالرغبة فيه للزواج دون زيادة على ذلك، فإن رغب فيها: خطبها من أهلها، وإلا انصرف عنها، وكفَّت هي الأخرى عنه، في جو صالح سَلِمَ من المخادنة والفحش والفتنة، وسلم أيضًا مما يسمى بالتعارف قبل الزواج، إن وعي الفتاة المسلمة المعاصرة بمثل هذه المسائل يساعدها على تجاوز صعوبة التَّحفُّز والانتظار، والدخول في الحياة الزوجية من أول العمر، والإقبال على الحياة الجديدة أكثر حماسة، وأقدر على التأقلم معها، والتَّكيف لها”. ليس عيبًا ويؤكد أ. ياسر بن أحمد الشجار “المستشار الأسري” أن إعجاب الفتاة هو أحد دوافع عرضها عليه فيقول: “قد يكون إعجاب الفتاة بالشخص المقصود هو أحد الأسباب لعرض نفسها وهذا بحد ذاته ليس عيبًا إن كانت المذكورة تمتاز بصفات طيبة وخلق كريم لأنها تتمنى أن تجد نصفها المتوافق معها لكن هناك مشكلة فالإعجاب بحد ذاته ليس كافيًا لتأسيس حياة زوجية كريمة؛ لأن الشاب غالبًا لا يظهر بكل صفاته امام معجبته وكذلك الفتاة والكمال لله وهذا مما يوقعنا في المحظور مستقبلًا أما بالنسبة لرفض الشاب فقد يكون من ثلاثة أمور أراها، الأول: عدم مقدرته على الارتباط حال طلبها لأسباب مادية واجتماعية ملحة، الثانية: عدم اقتناعه بهذا النوع من الارتباطات إن كان ممن يخافون الله، الثالث: عدم رغبته في الارتباط ممن أهدته نفسها خوفًا عليها أو لعدم رغبته في أن تنكسر الصورة الجميلة التي رسمتها له في المستقبل بأي هيئة كانت ولقناعته أنه لا يستحقها في الوقت الراهن أو أنه لن يسعدها لأي سبب ما قد يعترض حياتهما، طبعًا هذه في الحالات والمواقف السوية البعيدة عن العلاقات الغير لائقة وأعتقد أن أكبر سبب لعدم استمرار هذه الصفات من العلاقات هو رفض المجتمع لها بتاتًا بغض النظر صلاح رأي المجتمع من عدمه”. صيانة الفتاة ويُشارك برأيه د. عبدالله الصبيح “المستشار النفسي وعضو هيئة التدريس بجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية” فيقول: “عرض الفتاة نفسها على من ترضاه أرى ألا يتم بالطريقة المباشرة من الفتاة نفسها، فالشخص الذي أُعجبت به يتم التواصل معه عن طريق وسيط ذي دين وعقل، فتذكر الفتاة هذه الرغبة لأخيها أو لعمها أو من تثق فيه ويكون بهذا حفظ لحقوق الفتاة فلا يُساء إليها ولا يُظن بها السوء وحفظ لحقوق الفتى وحينها إما يتم هذا الأمر أو لا يتم لكن لا بد من مراعاة الوضع الاجتماعي في البلد هل يقبل مثل هذه القضايا أم لا يقبلها؟ ومراعاة الحساسية عند الفتى أو الفتاة فلا يظن بالفتاة العبث او السوء، ويجب صيانة حقوق الفتاة نفسها بحيث لا تتحدث مع شخص فيتلاعب بها ويتحول الأمر إلى نوع من العبث وتصبح فيه علاقات مشبوهة ثم لا ينتج عنه زواج فهذه الأمور يجب مراعاتها لمن تريد عرض نفسها على من تعجب بخلقه ودينه”. استخدمي ذكائك ومن جهةً اخرى يُبدي رأيها أ. سامية السالك “مسؤولة العلاقات العامة في الندوة العالمية للشباب الإسلامي” وتشدد على أن البعد عن النهج الشرعي هو سبب لمثل هذا فقالت: “أعتقد أن أول سبب هو بعدنا عن تعاليم ديننا وسنة الخلفاء الراشدين فمن يعرف قصة عمر بن الخطاب عليه رضوان الله وخطبته لأبي بكر وعثمان لابنته أم المؤمنين حفصة ويقتدي بصحابة رسول الله كما أمرنا عليه الصلاة والسلام حين قال عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضو عليها بالنواجذ -اعتقد أن من يعرف كل ذلك لا تحتاج أخته أو ابنته أن تخطب لنفسها بل هو يبحث لها عن الزوج الصالح ويحمل همها، هذا من ناحية ومن الناحية الأخرى فالفتاة التي تعرف قصة زواج رسولنا الكريم من أمنا أم المؤمنين السيدة خديجة عليها السلام فستعرف الطريقة الذكية التي تخطب بها لنفسها اقتداءً بالسيدة خديجة عندما أعجبتها أمانة سيد المرسلين وأرادت أن توثق علاقتها به فهو الأمين على تجارتها وسرها كريم الخلق عفيف النفس فحدثت صديقتها نفيسة وطلبت منها أن تعرض عليه الأمر من تلقاء نفسها وترى بماذا سيرد عليها وبالفعل قامت نفيسة بعرض خديجة على سيد المرسلين فلقيت لديه القبول وتم ذلك الزواج الميمون ولي همسة في أذن كل فتاة “استخدمي ذكائك وفطرتك كأنثى فالرجل صياد والصياد لا يحب الفريسة السهلة لذلك عليك بالطرق غير المباشرة مثلا اخته أو أمك تلمح لأمه وغيرها”. نصيحة لكل فتاة ويحذر د. محمد الفقيه “الأكاديمي والكاتب” من بعض الشباب الذي هدفه المتعة فقط فيقول: “من حيث المبدأ فان تعرض المرأة نفسها للزواج على من تراه أهلا له أمر جيد وقد حصل في أيام النبي صلى الله عليه وسلم وهو لا ينقص من قيمتها لكن لتحذر ممن ليس الزواج هدفًا ساميًا لديهم بل هدفهم الاكبر هو المتعة فقط حتى لو ضاع في سبيلها مستقبل هذه المسكينة التي منحته ثقتها وقلبها وما أكثر المحتالين وأنصح كل فتاة: اللص لا يأتي من الباب أبدًا، فالجاد والصادق في الزواج يطرق باب الأهل أما من يدعو لزواج سري مهما كانت مسمياته أو أسبابه فهذا عابث لا ينبغي أن تلقي له بالًا، وكم من ضحايا صدقن أمثال هؤلاء فندمن حين لا ينفع الندم”. بنت أجاويد ويُوضح رأيه أ. رائد السمهوري “الكاتب والباحث الشرعي” مشددًا أن أبرز الأسباب برأيي الثقافة السائدة التي ترى هذا نقصًا في الفتاة ووقاحة من طرفها ويُضيف فيقول: “أما رأيي الشخصي فأقول: بوركت بنت الأجاويد التي تملك الشجاعة وبذل الأسباب المشروعة والصحيحة لاختيار شريك الحياة”. وللشباب والفتيات رأي..! بداية يتحدث عاصم الرديان ويؤكد أن تداعيات الزواج للمرأة أكبر من الرجل ويُوضح قوله: “بمعنى أن المرأة بالمجتمع السعودي خاصة، ضمان حياتها مرتبط بزواجها، فهي حينما تعرض نفسها، تريد ضمان حظها واستغلال الفرص والسبب هي تلك التقاليد والعادات الذي يدعمها المجتمع المنغلق في السعودية”. ظروف حياتية وأما وليد محمد فيرمي بعدة أسباب لعرض الفتاة نفسها على الشاب فيقول: “بالنسبة للفتاة اتوقع الدافع لمثل هذه الخطوة عدم تقدم العرسان لخطبتها مبدئيًا خوفها من العنوسة او أن لديها ظروفًا حياتية مغايرة للفتيات الأخريات من جيلها، هن تزوجن وهي ما زالت تنتظر دورها الذي لم يأت أو أنها تجد في بعض الاحيان مضايقة من افراد أسرتها ما يدفعها لفعل ذلك، بالنسبة للشاب غالبًا الذي سيركن إليه في رفض طريقة الزواج هذه هو “عنصر الشك” وحديث النفس بداخله لماذا تقبل هذه الفتاة على مثل تلك الخطوة ومن جراء نفسها باحثًا عن السبب متوجسًا ومتخوفًا، إلى أن يقنع نفسه إما بالقبول او بالرفض”. شراكة حياة أما عبدالله وافيه فيرى أن الخوف من العنوسة هو الدافع فيقول: “الخوف من العنوسة ونظرة المجتمع القاصرة للفتاة في حالة تأخر زواجها فتصبح لقمة سائغة في افواه مجتمع تقليدي يلوكها ويشعرها بأنها ارتكبت جريمة في تأخرها عن الزواج، في مجتمع لا يرى المرأة إلا تحت جناح رجل وكل حركاتها مكبلة ومقيدة ومرهونة بموافقة رجل حتى ابسط امورها تنتظر رجل..!! لذلك تبحث عن زوج ليخلصها من كل هذه العقد عقدة نظرة المجتمع عقدة قصور المرأة وعجزها عن الخروج من البيت والقيام بأمورها الشخصية من تسوق وتنقل. ودراسة وتدريس.حتى في التعليم كما قرأنا قبل فترة عن زواج معلمة برجل كبير في السن لكي يتحقق شرط الوزارة في اثبات السكن الذي هو احد شروط التعين. كل هذه الاشكاليات والامور المعقدة المختلقة في مجتمع تسيطر عليه وتحركه عادات وتقاليد ترى أن المرأة مجرد تابع وليست شريكة حياة، كثير هي الاسباب الهروب من تسلط الاب والعمة اي الزوجة الثانية ايضا انعدام العطف والحنان والقسوة في البيوت”. ويُلخص عامر الأسمري الأسباب بقوله: “من ناحية عرض الفتاة: 1.الثقة في الشاب عندما يوفي بأنه سوف يتزوجها، 2.العاطفة أو ضعف إشباع العاطفة لدى الفتاة، 3.الضمان والتأمين وعدم الانتظار، 4.الخوف من المستقبل، 5.طرح وأسلوب الشاب في الحديث وطرح الضمانات لها، 6.الشهوات والملذات من اهم الأسباب، اما من ناحية رفض الشاب فهناك عدة أسباب وهي: 1.التخوف من الخيانة في المستقبل، 2.العادات والتقاليد، 3.قلة الثقافة عند الشاب والخوف من الطرح وطريقته، 4. المجتمع وكلام الناس، 5.كثرة السليبات وقلة الإيجابيات، 6.قلة الوعي عند الشاب من ناحية طرح الفكرة أن في العرف أن الشاب هو الذي يبحث عن الفتاة وليس الفتاة هي التي تبحث عن الشاب”. وأما الإعلامي علي القرني فيقول: “وَٱمْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ ٱلنَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ” هذه امرأة رأت في رسول الله صلى الله عليه صفات الجمال والكمال والخلق، فوهبت نفسها له وأحل الله للنبي أن يتزوجها بغير مهر، إن شاء ذلك، وذلك أي الزواج بدون مهر وصداق لا يجوز إلا لرسول الله، كما في الآية / خَالِصَةً لَّكَ، والشاهد: إذا رأت المرأة الرجل الصالح التقي سواء كان أعزب أو متزوجًا دون الأربعة، فعرضت عليه الزواج دون ريبة أو شبهة، فتزوجها بمهر وولي جاز ذلك،أما هل يرفض الشباب هذا النوع من الزواج؟ قد يحصل، لأسباب مادية أو نفسية أو اجتماعية”. أستنكره ولا أتقبله وتُشارك هيفاء الحفظي برأيها فتقول: ربما الخوف من الفتنة سبب لعرض الفتاة نفسها على الشاب وتستطرد قائلة: “ومع الانفتاح الحاصل أصبح تكوين البوي فريندز أسهل عند البعض للتنفيس العاطفي من الارتباط بعقد الزواج ومسؤولياته، فالمجتمع يقيد المرأة غير المتزوجة كثيرًا شأنها شأن المطلقة والأرملة فهي دائمًا تحت الأنظار ومحسوبة الخطوات والحركات والنظرات، والزواج وسيلة “الاستقلال بالذات”و “الاستقرار” خاصة لو وجدت الفتاة من يضمن لها ذلك، إضافة للمطلب الشرعي في وجود محرم يساعدها على التنقل والسفر في حال كانت دراستها أو وظيفتها تتطلب ذلك، هذه وجهة نظري مع أني أستنكر هذا الأمر كثيرًا ولا أتقبله وفي ذات الوقت لا ألوم فاعلته فقرار مثل هذا وراءه دافع عظيم”. وتنتقد تالا الشامي ثقافة المجتمع فتقول: “في مجتمعنا اذا تشجعت البنت وعرضت نفسها على أحدهم أول من يعايرها هو نفسه بقوله: لا تنسي أنت التي أتيت لي!”.