سمعنا بالمخترع عباس بن فرناس، وقرأنا عنه، ولمن لا يعرفه من الجيل الجديد فهو أحد موالي بين أمية، ومخترع أندلسي، حاول الطيران بجسمه، فكسا جسمه بالريش، مقلدا الطيور، ومد له جناحين ليطير بهما في السماء، لكنه سقط على الأرض، حيث لم يحسب حسابا للجاذبية الأرضية، وعدت محاولته فاشلة، إلا أنه يعتبر أول إنسان حاول الطيران في الجو، ولم يفقد الإنسان الأمل في الطيران بعد عباس بن فرناس، بل ظل يحاول ويحاول، وجاء بعد ابن فرناس الكثير من المغامرين الذين لديهم نفس الأحلام والطموحات، كالألماني (أوتو ليلنثال) الذي صمم أجنحة استخدمها في الهبوط، ولكنه لم يستطع الطيران، ثم جاء الأخوان رايت المشهوران، اللذان تمكنا من صناعة أول طائرة والتحليق بها في الجو، وكانت محاولاتهما بداية لعصر الطيران، وفي الأيام القليلة الماضية، استطاع النمساوي (فيليكس بومغارتنر) - البالغ من العمر 34 عاما - أن يعيد الأمل من جديد إلى الإنسانية، وبالفعل استطاع التحليق في الجو، وتمكن من تحقيق حلم عباس بن فرناس، فأصبح أول انسان يقطع القنال الانجليزي بواسطة جناحين صغيرين، وتمكن من (السباحة جوا)، وشاهده الملايين عبر الفضائيات وهو يحلق كالنسر في الجو، كان اثناء تحليقه يشاهد الأرض بعين النسر، وكل شيء تحته يبدو أكثر جمالا واكثر تألقا وأكثر اتساعا وفسحة، بينما كان العالم يشاهده من الأرض بعين النملة، وقد قال بعد هبوطه بسرعة 200 كيلو متر في الساعة:(كان الجو شديد البرودة، ومازلت لا أشعر بجسمي). وبعد.. هل لدينا مبدعون ومواهب مدفونة ترغب في البزوغ؟!.. آمل أن نجد هؤلاء المبدعين وتلك المواهب، حتى لو كان ابداعهم في التزلج على رمال الدهناء أو النفوذ، ربما يكون لدينا المبدعون في مجال ما، ولكن هل أفسحنا المجال أمامهم ليحدثوا نقلة كبيرة في مجتمعاتنا العربية المتلهفة إلى أي نوع من التفوق يرفع هاماتهم بين الأمم؟!. كي نصنع الأمجاد في هذا العالم، وننافس في التربع على القمة، نحتاج إلى إرادة صلبة كالفولاذ، وأياد كريمة مفتوحة كالبحر، وعقول كبيرة لا حدود لتفكيرها.