كتاب المؤلف العراقي علي السوداني الذي يحمل عنوانا هو خمسون حانة وحانة على غرار ألف ليلة وليلة وان وصف ما اشتمل عليه بانه قصص.. يذهب الى ابعد من ذلك بكثير. لدى قراءة هذا النتاج نجد ان الحدود قد ازيلت بين كثير من الانواع الادبية ولم يعد هناك ما يحدد بدقة ما نعنيه بالقصة وبالشعر وبالكتابة الوجدانية حينا والساخرة احيانا. فتلك العناوين الفرعية التي ارتفع كل منها فوق عدد قليل من الاسطر التي وصفت بانها قصة او قصص قصيرة جدا او اريد لها ان تكون كذلك.. جمعت بين القصة والشعر والمقالة الثائرة الساخرة دون ان تتيح لنا ان نصنفها بسهولة في نطاق اي نوع واحد من هذه الانواع الادبية. انها احيانا تتحول الى شعر حيث يراد لها ان تقص وتروي او الى نثر يومي ثائر ساخر. هناك امر اخر يلفت النظر في الكتاب الذي صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر وهو ان صفحاته المئة والست لم تكن كلها للسوداني. فقد جاءت قصصه في 53 صفحة من صفحات الكتاب بينما اشتملت الصفحات الواقعة بين الرقم 61 والصفحة 104 على دراسة طويلة وان كانت قيمة تناولت ادب السوداني كتبها ناظم عودة وحملت عنوانا هو السرد والسخرية مرويات المجالس البغدادية الحديثة. وكان الامر تدليل على العلاقة الوثيقة بالشعر فقد استهل المؤلف كتابه وهو ثامن كتبه بابيات للشاعر العراقي الراحل عبد الوهاب البياتي قبل ان ينتقل الى اولى قصصه التي تصلح لان تكون نموذجا لما اطلق عليه اخيرا تعبير النص اي تلك الكتابة التي تزول فيها الحدود بين الانواع الادبية المختلفة لتسعى الى ان تشكل هي بذاتها نوعا ادبيا جديدا. وكتابة السوداني تراوح باستمرار بين ذلك العالم الذي يبدو سرياليا وحالات واقعية تماما تتمثل في تحركها وسط الظلمة في اجواء الحانات والحارات والبيوت وتمتلىء بالشعري والساخر واليومي.